مضبطة قانونية… وزير الدفاع ردّ وقرار الشورى غداً!
مضبطة قانونية… وزير الدفاع ردّ وقرار الشورى غداً!
بعد أن قرّر قائد الجيش جوزاف عون الذهاب إلى النهاية في مواجهته مع وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم على خلفية قرار التمديد للواء بيار صعب في المجلس العسكري، وأوعز إلى العميد إدغار لوندوس الضابط المتقدم بطعن أمام مجلس شورى الدولة لوقف تنفيذ قرار وزير الدفاع، وبعد أن وصل الرد إلى وزارة الدفاع ردت بدورها بمطالعة قانونية أرسلتها إلى هيئة القضايا التي إحالتها إلى مجلس شورى الدولة، والذي من المفترض ان يصدر قراره غداً الثلاثاء مع انتهاء المهلة القانونية لذلك.
وطالب لوندوس في طلب الطعن إعتبار قرار الوزير باطلاً بطلاناً مطلقاً، مستنداً على أنه مرشح إلى هذا المنصب والتمديد لصعب يحرمه من هذا الأمر.
إلّا أنّ المطالعة التي ردت بها وزارة الدفاع على طلب الطعن حملت الكثير من المعطيات التي يجب التوقف عندها، لا سيّما أن وزير الدفاع استند في قراره إلى قانون صادر عن مجلس النواب.
ولفتت المطالعة، إلى أن المراجعة تستوجب الرد في الشكل، لأن صورة القرار المطعون فيه غير مصادق عليها كطبق الأصل من السلطة التي أصدرته وهي وزارة الدفاع الوطني، ولأنها إقتصرت على مخاصمة وزارة الدفاع الوطني دون الضابطيْن العاميْن اللذين يتناولهما القرار، وقد أضحيا مستفيدين من الحقوق التي أولاها إياه، مما يجعلهما فريقين معنيين مباشرة بهذا القرار.
كما أنّ المراجعة تبقى غير مسموعة ومستوجبة الرد في الشكل نظراً لعدم ثبوت الصفة التي تجيز للمستدعي تقديمها عبر التذرع بإحتمالية تعيينه كعضو متفرغ في المجلس العسكري علماً أن عدم توافر الصفة، وليس فقط عدم ثبوتها، إنما يتعزز بالوضع الدستوري السائد منذ إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية، مما حدا بالمشترع إلى إصدار القانون رقم 317 تاريخ 2023/12/21 حيث يتجلى، بالفقرة الأولى من أسبابه الموجبة، ما يؤكد على إنعدام التعيين، وفق المدرجات – بتلك الفقرة ومنطوقها حرفياً في ظل الفراغ الرئاسي والحرص على عدم إجراء تعيينات في غياب رئيس الجمهورية، ولاسيما في المواقع الأمنية والعسكرية.
وركزت بهذا الصدد على المادتين (105) و (106) من نظام مجلس شوری الدولة، وعلى الموقف الإجماعي للفقه وللإجتهاد بشأن المقصود، في الواقع وخصوصاً بالقانون بتلك المصلحة، وهو حق في الموضوع الذي يتناوله القرار، وذلك كما يتجلى في القاعدة القانونية العامة.
وتنبه المطالعة إلى ما ذكرته في الفقرة السابقة، بأن المراجعة لدى مجلس شورى الدولة يجب أن توجه ضد قرار مسبق. ولكن هذا الأخير لا يكفي لقبول المراجعة إلا إذا كان يلحق ضرراً بالمدعي، فيسمى حقاً من حقوقه أو مصلحة من مصالحه. فلا نزاع بدون ضرر، ولا مراجعة بدون نزاع”، مستنداً الى رأي جوزيف رزق الله في الصفحة 359 من كتابه “مراجعة الإبطال لتجاوز حد السلطة أمام القضاء الإداري”.
كما استندت المطالعة في هذا الإطار إلى قرار 858 لمجلس شورى الدولة في 3/5/1967 حيث جاء في النص “حيث أن الشارع لم يشأ أن يجعل مراجعة الإبطال من مراجعة شعبية يقيمها من يشاء بل إنه يشترط لذلك بأن يكون للمدعي مصلحة حالية ومباشرة وشخصية ومشروعة”.
كما إستند إ لى قرار مجلس شورى الدولة رقم 471 تاريخ 1963/3/6 والذي جاء فيه “أما توسل المستدعي المصلحة الإحتمالية intérêt eventuel في سعي غير مجدي غايته إختلاق ذريعة لسماع المراجعة وقبولها في الشكل”، فالجواب عليه يبرز بشكل ساطع، كما يتكرس بصورة قاطعة، في إجماع الفقه مع الإجتهاد على إبداء بعض التساهل بهذا الصدد، ومفاد هذا التساهل، هو أن هكذا مصلحة لا تكون كافية لتقديم طعن قضائي يرمي لإبطال قرار إداري ترتبط به المصلحة المذكورة.
ورداً على الحق في تقديم الطعن تجيب المطالعة بما نصت عليه دراسة فوزي حبيش في القانون الإداري العام والتي شددت على أنه “لا تؤخذ بعين الإعتبار إلا المصلحة الأكيدة أي المحققة فعلاً وليست المحتملة الحدوث”. غير أن المصلحة المحتملة “تصبح كافية لتبرير قبول مراجعة الإبطال عندما يكون الإحتمال أكيداً”، وهكذا فإن الإجتهاد الإداري وكذلك الفقه إعتبرا أن مراجعة “الإبطال لا يمكن أن تقبل ما لم يثبت المستدعي أن الإبطال المطلوب يؤمن له مصلحة شخصية مباشرة ومشروعة، وأن إشتراط توفر المصلحة لدى المستدعي تتعلق بالإنتظام العام.
ووصلاً بما ذكر وإنتفاء الصفة لدى المستدعي جراء عدم إبراز ما يثبت الوضع الطائفي المرتبط بالتعيين، والإحتمالية غير متحققة لدى المستدعي حيث من الراهن تماماً:
– أن القرار بتأجيل تاريخ إحالة اللواء الركن بيار صعب على التقاعد بالإستناد إلى القانون رقم 2023/317 ، لا يحول، بحد ذاته، دون تعيين عضو متفرغ آخر في المجلس العسكري.
– أن تعيين المستدعي عضواً متفرغاً في المجلس العسكري، هو غير محسوم بتاتاً، وحتى ليس محتملاً بشكل أكيد، خصوصاً أنه يوجد العديد من أقرانه من الضباط العامين الذين تتوافر فيهم المؤهلات كافة ولديهم كل الكفاءة لتولي تلك العضوية المتفرغة.
وتشير المطالعة إلى ما إستند عليه الطاعن من خلال لجوئه إلى المادة 55 من المرسوم الإشتراعي رقم 1983/ 102 والتي يسعى المستدعي جاهداً لزجها بالقرار المطعون فيه، إلا أن المطالعة رأت أنه من الثابت تماماً لم يرد في أي من بناءات المستدعي السبعة ثمة ذكر أو إشارة أو تلميح، أكان من قريب من بعيد، لتلك المادة، وهذا ما ينسحب على حرفية المدرجات في المواد الثلاث التي تضمنها هذا القرار حيث تناولت “تأجيل الإحالة على التقاعد” بالإستناد إلى القانون رقم 2023/317 ، علماً أن المادة الخامسة والخمسين المار ذكرها تتناول “تأجيل التسريح”، في حالات حددت حصراً في البندين (1 و 2) منها.
وذكرت المطالعة بالقانون الصادر عن مجلس النواب 317 الخاص بالتمديد لقائد الجيش، فهذا القانون مدد سن تقاعد قائد الجيش مع ذكره بصورة محددة، كما تناول في الصورة عينها، قادة الأجهزة الأمنية، إنما أضاف إليهم بذات الصورة، قادة الأجهزة العسكرية بمن فيهم العسكريين الذين يحملون عماد أو لواء. وهذا ما يعطي تأكيداً قاطعاً بأن المشترع لو كان يتوخى حصر تحديد من الإحالة على التقاعد بقائد الجيش وبقادة الأجهزة الأمنية دون سواهم، لما كان أضاف بذات الصورة المحددة، قادة الأجهزة العسكرية الذين يحملون رتبة لواء، وهم حصراً الأعضاء في المجلس العسكري.
وفي موضوع الإغفال الذي أشار إليه المستدعي، توضح المطالعة أن وزارة الدفاع الوطني تعرف تماماً أن للجيش قائد يتولى رئاسة المجلس العسكري، كما تعرف تماماً وبكل يقين أن المجلس العسكري هو مؤسسة رئيسية مستقلة تماماً وكلياً عن قيادة الجيش و أيضاً عن المؤسسات الرئيسية التي تنص عليها المادة (16) من المرسوم الاشتراعي – رقم 1983/103، والخاضعة لسلطة وزير الدفاع الوطني، خصوصاً أن الإستقلالية تلك، تؤلك ليلاً إضافياً على أن المجلس العسكري هو سلطة قيادية ذات طابع جماعي، وعلى الأخص “صلاحيات التي منحت له بالمادة (27) من المرسوم الإشتراعي عينه، لها طابع عسكري أكيد تثبته ماهيتها، مما يوجب إيلائه الصفة العسكرية.
وخلصت المطالعة وبالإستناد إلى ما تقدم إلى أن وزارة الدفاع الوطني تطلب وقف تنفيذ القرار رقم 619 / ود تاريخ 2014/6/12 نظراً لعدم توافر الشروط التي تفرضها المادة (77) من نظام مجلس شورى الدولة، ومن ثم إعطاء القرار بعدم سماع المراجعة وردها شكلاً للدفع الشكلي الأول وإلا بإدخال الضابطين العامين المعنيين بالقرار المار ذكره، وبصورة استطرادية لكل من الدفوع الشكلية المدلى بها في البنود (2/2 و 2/3 و 2/4) آنفاً، وأكثر إستطراداً بردها في الأساس نظراً لمخالفتها الواقع وخصوصاً القانون، وعلى الأخص الجدية في حدها الأدنى وذلك وفق ما ورد في البند الثالث آنفاً.