أظهرت دراسات حديثة أن الرجال أصبحوا يفضلون تأخير الزواج والإنجاب إلى ما بعد الخمسين، حيث انتشرت حالات الإنجاب في سن متأخر خلال السنوات الماضية، الأمر الذي أصبح ظاهرة تستحق البحث، خاصة وأن بعض الخبراء أكدوا أن الإنجاب في سن متأخرة ينذر باضطرابات وراثية لدى الأطفال.

يقول الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعات المصرية إن إنجاب الآباء في سن متأخرة يعرض الأطفال للإصابة ببعض الأمراض مثل التوحد.

وأضاف سعيد صادق في حديثه لـ”إرم نيوز”: “قد يواجه أطفال الآباء الأكبر سنًا خطرًا أكبر للإصابة ببعض الاضطرابات الوراثية والحالات الصحية، مثل مرض التوحد والفصام، بالإضافة إلى ذلك، قد يكون لدى الآباء الأكبر سنًا طاقة أقل لمواكبة الأطفال الصغار وقد يكون عمرهم أقصر، مما يؤثر على حياة الطفل لاحقًا”.

ولفت صادق أن التأثير السلبي على صحة الأطفال قد لا يكون كبيرا إذا كانت صحة الوالد جيدة ولا يعاني من أمراض خطيرة، ويملك أموالاً، فمن الممكن أن يعيش مدة طويلة ما بين 80 أو 100  سنة، ويستخدم مساعدين له يساعدونه في تربية الطفل أو الطفلة”.

أما الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي فيرى أن من أصعب الأشياء التي يسببها الإنجاب في سن متأخر للرجال، هو صعوبة التواصل بينه وبين أبنائه، بسبب الفجوة الكبيرة بين أعمارهم.

وأضاف الطبيب النفسي في تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز”: “الأب في سن الخمسين غير قادر على التواصل مع الأطفال بصورة جيدة، ولا يستطيع مشاركتهم اهتماماتهم، ولا يتمكن من اللعب معهم وممارسة الرياضة برفقتهم، الأمر الذي يخلف فجوة وفراغا لدى الأطفال، بعكس ما يكون الأب في عمر الشباب، مما يقلل من العاطفة بينهما”.

ولفت فرويز أن الأب في هذه الحالة يحاول تعويض الطفل من خلال التقبيل والاحتضان، أو عن طريق الإنفاق عليه ببذخ حتى يعوضه الحرمان من مشاركة الاهتمام، الأمر الذي يأتي بنتيجة عكسية، حيث إن الإغداق بالمال على الطفل يجعله يعتاد أن كل شيء مباح وسهل، لذا لا بد أن يكون هناك توازن في كل شيء، سواء في العاطفة أو الإنفاق، على حد قوله.

وأشار إلى أن “الإفراط في العاطفة للطفل الصغير للأب كبير السن، خاصة وإن كان له أشقاء كبار يفسد تربية الطفل، ففي هذا الحال يفرط الأب في العاطفة والأموال على الصغير ظنا منه أن يعوضه، وأنه يمتعه بحياته قبل أن يموت ويحرم من عاطفة الأبوة، مما يؤدي إلى إفساد الطفل الذي يكبر ولديه عقيدة أن كل شيء مباح”.

أسباب قرار تأخير الإنجاب

كشفت الدكتورة جيهان النمرسي أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر الأسباب التي تدفع الأب إلى أن يقرر تأخير الإنجاب إلى سن متأخرة، مشيرة إلى أن هناك أسباباً مادية ونفسية وصحية.

وأوضحت النمرسى في تصريحات لـ”إرم نيوز”: “هناك عدة أسباب تدفع الأب إلى تأخير الإنجاب، أولها أسباب مادية، وهي أن يقرر الأب أنه لن ينجب أطفالاً في حالة ضيق الرزق، وسينجب حينما يوفر المال اللازم لتربية الطفل وضمان حياة كريمة له، كما أن هناك أسباباً نفسية، وهي أن يقرر الأبوان أن يؤجلا الإنجاب حتى يستمتعا بشبابهما دون مسؤولية تربية أطفال، ويمر الوقت سريعا، ثم يعتادا على الحياة دون مسؤوليات، كما أن هناك أسباباً صحية تدفع الزوج إلى تأخير الإنجاب، إلى أن يتعافى”.

وتابعت أستاذة علم النفس: “في كل الحالات هناك تأخير محمود، وتأخير يدق ناقوس الخطر، المحمود هو أن يتم التأجيل إلى بداية الأربعين من العمر كحد أقصى، لأسباب مادية وهي أن يوفر المال الذي يجعله قادراً على تعليم الأطفال وتوفير حياة كريمة لهم”.

وأشارت جيهان النمرسي أن تأخير الإنجاب إلى آخر الأربعين من العمر فيما أكثر يسبب مشكلة كبيرة، وقد يصيب الطفل بأمراض نفسية بسبب الوحدة، كونه سيجد نفسه وحيدا لأبوين كبيرين لا يستطيعان أن يلعبا معه أو يشاركانه أفكاره واهتماماته، بحسب قولها.

Share.

Comments are closed.

Exit mobile version