تشهد فرنسا تمزقًا سياسيًًا، بسبب ضعف الرئيس إيمانويل ماكرون، في وقت لم يُضع ميشيل بارنييه، المعيّن حديثًا رئيسًا للوزراء، أي وقت، ليضع مسافة محددة بينه وبين زعيم فرنسا الضعيف، حتى إنه لم يشكره بعد أن عينه في منصبه، الأمر الذي “فُسّر” على أنه استقلال عنه، وهذا يؤشر لحدوث صراعات سياسية تنتظر ماكرون بأي لحظة، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وعلى الرغم من تعيين ماكرون لـ “بارنييه”، فإن الأخير، وبشكل فُسّر إعلانَ استقلال عن الرئيس الفرنسي، الذي يتعرض لانتقادات لاذعة هذه الأيام، لم يشكر ماكرون على تعيينه في أول تصريح بعد توليه منصبه الأسبوع الماضي.
وبحسب تقرير الصحيفة، لم يواجه ماكرون، خلال السنوات السبع التي قضاها في منصبه، مثل هذا السلوك من قبل، ولم يكن ليتسامح معه، من قبل رؤساء الوزراء، الذين بدوا في بعض الأحيان “أكثر قليلًا من مجرد ألعابه المطواعة”.
ولكن مع مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على رئاسته، فقد أصبح ضعيفًا، ولم يعد حزبه هو الأكبر في برلمان منقسم، وشعبيته منخفضة، وحكمه موضع تساؤل، وفق التقرير.
على حين خسر الرؤساء الفرنسيون أغلبيتهم من قبل، ولكن كان ذلك دائمًا لصالح قوة معارضة مهيمنة كانت قادرة آنذاك على تشكيل حكومة مستقرة، في ظل ما يسميه الفرنسيون “التعايش”.
وأشار التقرير، إلى أن الأزمة الفرنسية، ظهرت كاملة منذ أن حلَّ ماكرون، من دون إبلاغ رئيس وزرائه آنذاك، غابرييل أتال، 35 عامًا، مجلس النواب المؤلف من 577 مقعدًا، ودعا إلى انتخابات مبكرة قبل ثلاثة أشهر.
وبما أن الانتخابات لم تفرز فائزًا واضحًا للاختيار، وهو وضع فريد في فرنسا، إذ يُعد بناء ائتلاف بين الأحزاب، أمرًا غير شائع للغاية، ذهب ماكرون إلى التسويف في اختيار رئيس للوزراء.
وفي النهاية، اختار ماكرون، بارنييه، بعدِّه الأمل الأفضل للاستقرار المؤسسي، ولكنه لم يكن اختيارًا للناخبين الفرنسيين الذين أدلوا بأصواتهم في شهر يوليو/ تموز الماضي، وهذه مشكلة مؤسسية قد يكون التغلب عليها صعبًا.
وتابع التقرير: إن “بارنييه سيكون أمام مهمة شاقة، إذ أدى ما يزيد على 50 يومًا من الشلل السياسي، قبل تعيينه، إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الفرنسي الخطر فعلًا”.
ومع ارتفاع العجز والديون في فرنسا، وبّخ الاتحاد الأوروبي، البلاد لانتهاكها القواعد المالية، وأدى خفض تصنيف إحدى وكالات التصنيف والتحذيرات من اثنتين أخريين في الأشهر الأخيرة إلى “زعزعة ثقة فرنسا”.
على حين أن الميزانية ستكون الأولوية الأولى، فليس من الواضح كيف سيتمكن بارنييه من إيجاد “مليارات اليوروات”، من المدخرات والإيرادات الإضافية اللازمة، لتحقيق استقرار الوضع المالي، من دون زيادة حدة التوترات الاجتماعية، وإثارة غضب الأسر المتعثرة فعلًا.
وخلُص التقرير، إلى أنه في ضوء ذلك، فإن رئيس الوزراء الجديد، “سيصطدم أيضًا بملفي الهجرة وسن التقاعد، المتنازع عليهما بشدة، ويبدو أن عملية موازنة شبه مستحيلة تنتظره”.