“صراع الطاقة: سجال وزيري الطاقة والاقتصاد حول هبة الطاقة البديلة من قطر في لبنان”
بقلم رئيس التحرير وفاء فواز
أثار الإعلان عن هبة الطاقة البديلة المقدمة من قطر جدلاً واسعاً بين وزير الطاقة، وليد فياض، ووزير الاقتصاد، أمين سلام. تأتي هذه الهبة في وقت حساس تسعى فيه الحكومة اللبنانية إلى تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري ومواجهة أزمة الطاقة المستمرة.
رحب وزير الطاقة وليد فياض بالهبة القطرية ووصفها بأنها فرصة ذهبية لتعزيز البنية التحتية للطاقة المتجددة في لبنان. وأكد فياض أن هذه الهبة ستساهم بشكل كبير في تحسين إنتاج الطاقة النظيفة وتقليل فاتورة الاستيراد للطاقة التقليدية. وأشار إلى أن الهبة القطرية تشمل تجهيزات ومعدات حديثة للطاقة الشمسية والرياح، مما سيساعد في تقليل انبعاثات الكربون وتعزيز التزام لبنان باتفاقيات المناخ الدولية.
وأوضح فياض أن التعاون مع قطر في هذا المجال يعكس العلاقات الطيبة بين البلدين ويساهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة إلى لبنان. وكما وصّف فياض المشاريع المدعومة من الهبة بأنها ستوفر فرص عمل جديدة في قطاع الطاقة المتجددة، مما يساعد في تقليل معدلات البطالة ودعم الاقتصاد المحلي.
في المقابل، أبدى وزير الاقتصاد أمين سلام تحفظاته حول الهبة القطرية. وأعرب عن قلقه من التداعيات الاقتصادية والسياسية المحتملة لقبول هذه الهبة دون دراسة مستفيضة. وأوضح سلام أن الاعتماد على هبات خارجية يمكن أن يضع لبنان في موقف ضعف ويؤثر على سيادته الاقتصادية. وأشار إلى أن مثل هذه الهبات قد تأتي بشروط قد تكون غير معلنة تؤثر على القرار السياسي والاقتصادي للبنان.
وأكد سلام على أهمية الاعتماد على القدرات المحلية في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة. ودعا إلى تعزيز الاستثمار في التكنولوجيا الوطنية وتشجيع الشركات المحلية على الانخراط في هذا المجال. كما طالب بإجراء دراسات شاملة حول تأثير الهبة القطرية على الاقتصاد اللبناني والتأكد من أنها تخدم المصالح الوطنية بشكل كامل.
لم يقتصر الجدل حول هبة الطاقة البديلة من قطر على أروقة الحكومة فقط، بل امتد ليشمل مختلف شرائح المجتمع اللبناني. فقد أبدت بعض الجهات السياسية والمدنية دعمها لموقف وزير الطاقة، معتبرة أن الهبة القطرية تشكل فرصة لتطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة وتحقيق تقدم في هذا المجال الحيوي. في المقابل، أيدت جهات أخرى موقف وزير الاقتصاد، داعية إلى الحذر ودراسة جميع الجوانب المتعلقة بالهبة قبل اتخاذ أي قرار نهائي.
يعكس هذا السجال التحديات التي تواجهها الحكومة اللبنانية في تحقيق توازن بين الاستفادة من الدعم الخارجي والحفاظ على استقلالية القرارات الاقتصادية. من الضروري أن يتم الحوار والتنسيق بين الوزارات والمؤسسات المختلفة لضمان اتخاذ قرارات مدروسة تحقق المصلحة الوطنية. كما أن إشراك الجهات المعنية والمجتمع المدني في هذا النقاش يمكن أن يساهم في توفير رؤية شاملة ومتوازنة تلبي احتياجات الجميع وتساعد في بناء مستقبل طاقوي مستدام للبنان.
بغض النظر عن النتائج النهائية لهذا السجال، يبقى التركيز على تعزيز الطاقة المتجددة أولوية وطنية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وفي ظل الأزمات التي يمر بها لبنان، فإن أي مبادرة تسهم في تحسين قطاع الطاقة يجب أن تكون محل دراسة وتقييم دقيق لضمان أنها تصب في مصلحة البلاد وتساهم في بناء مستقبل أفضل.