يؤثر انقطاع النفس النومي، وهو اضطراب منتشر، ولكن غير مشخص، على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، مع عواقب كبيرة على الصحة العامة.
وعلى الرغم من انتشاره، فإن الوعي به وتشخيصه ما زالا منخفضين؛ ما يجعل العديد من الأفراد عرضة للمخاطر المرتبطة بهذه الحالة، والتي تشمل التدهور المعرفي وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، بحسب تقرير نشره موقع Popular Science.
ووفقًا للخبراء، فإن تشخيص انقطاع النفس النومي والعلاج في الوقت المناسب يمكن أن يؤدي إلى فوائد صحية تحويلية.
يتميز انقطاع النفس النومي بانقطاع التنفس المتكرر أثناء النوم. ولتلبية معايير التشخيص، لا بد أن تستمر هذه الانقطاعات لمدة لا تقل عن 10 ثوانٍ، وأن تحدث خمس مرات على الأقل في الساعة.
يتم تصنيف شدة انقطاع النفس النومي بناءً على تكرار هذه الانقطاعات: خفيف (5-15 مرة في الساعة)، متوسط (15-30 مرة في الساعة)، وشديد (أكثر من 30 مرة في الساعة).
وعندما يتوقف التنفس، تنخفض مستويات الأكسجين؛ ما يؤدي إلى إفراز الأدرينالين استجابة للضغط؛ ما يمكن أن يؤثر سلبًا على القلب والدماغ وأعضاء أخرى على المدى الطويل.
كما توضح الدكتورة إنديرا غوروبهاجافاتولا، أستاذة الطب في جامعة بنسلفانيا، أن الانخفاض المتكرر في الأكسجين يمكن أن يؤدي إلى نوم متقطع وانخفاض في جودة النوم، وقالت: “يجب أن يُنظر إلى انقطاع النفس النومي كاضطراب نظامي”، مشددة على تأثيراته الواسعة على الصحة العامة.
المخاطر الصحية
تم ربط انقطاع النفس النومي غير المعالج بمجموعة من الحالات الصحية الخطيرة، إذ تشير الدراسات إلى أنه يزيد من خطر التدهور العقلي، بما في ذلك مرض الزهايمر، ومشاكل القلب والأوعية الدموية، وحتى الوفاة.
بالإضافة إلى ذلك، يرتبط انقطاع النفس النومي بالنوع الثاني من داء السكري، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب.
ويحدث انقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA)، وهو النوع الأكثر شيوعًا، نتيجة انسدادات فيزيائية في مجرى الهواء، وذلك غالبًا بسبب استرخاء عضلات الحلق أثناء النوم. أما انقطاع النفس النومي المركزي، وهو النوع الأقل شيوعًا، فيحدث نتيجة فشل الدماغ في إرسال الإشارات بشكل صحيح إلى العضلات التي تتحكم في التنفس.
وتشمل عوامل الخطر لانقطاع النفس الانسدادي النومي، العمر، والسمنة، والجنس، حيث يكون الرجال أكثر عرضة للإصابة.
التعرف على العلامات والأعراض
يمكن أن تكون أعراض انقطاع النفس النومي الشائعة، مثل الشخير، والإرهاق، والتغيرات المزاجية، سهلة التغاضي. ومع ذلك، فإن الشخير العالي المعتاد، والنعاس المفرط أثناء النهار، وصعوبة البقاء مستيقظًا خلال اليوم هي إشارات تحذيرية.
وأشارت الدكتورة غوروبها جافاتولا إلى أنه يتم تفويت تشخيص 85% من حالات انقطاع النفس النومي؛ لأن الناس غالبًا ما يتجاهلون أعراضهم. وتشمل الأعراض الأخرى التبول الليلي المتكرر، والتقلبات المزاجية، وضعف الإدراك، والصداع.
خيارات العلاج
إن الخطوة الأولى في إدارة انقطاع النفس النومي هي الحصول على تشخيص دقيق، والذي يمكن الآن القيام به في المنزل باستخدام أجهزة محمولة تراقب التنفس، ومعدل ضربات القلب، ومستويات الأكسجين.
وإذا تم التشخيص، يكون العلاج الأكثر شيوعًا استخدام جهاز ضغط الهواء الإيجابي المستمر (CPAP)، الذي يحافظ على مجرى الهواء مفتوحًا عن طريق توصيل الهواء بضغط معين عبر قناع يُرتدى أثناء النوم.
وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص قد يجدون أجهزة ضغط الهواء الإيجابي غير مريحة، إلا أن معظم المرضى يتكيفون مع مرور الوقت؛ ما يؤدي إلى تحسينات كبيرة في جودة النوم والصحة العامة.
وبالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون التكيف مع العلاج بالجهاز، هناك علاجات بديلة تشمل الأجهزة الفموية، والعلاج بالوضعية، أو في الحالات الشديدة، التدخلات الجراحية مثل تحفيز العصب اللساني.
كما يمكن أن تساعد التغييرات في نمط الحياة، مثل فقدان الوزن، أيضًا في إدارة الحالة. لذا، يمكن أن تكون جراحة علاج السمنة أو الأدوية مثل محفزات GLP-1 فعالة للأفراد الذين يعانون من انقطاع النفس النومي المرتبط بالسمنة.
وانقطاع النفس النومي هو حالة خطيرة، لكنها قابلة للعلاج، وإذا لم يتم تشخيصها، يمكن أن تكون لها تأثيرات كبيرة على الصحة. ومع التشخيص والعلاج المناسبين، يمكن لأولئك الذين يعانون من انقطاع النفس النومي أن يلاحظوا تحسنًا كبيرًا في جودة حياتهم.