وزير العدل: تعاون مع مجلس أوروبا لمكافحة الإتجار بالبشر
كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:
تزايَدت جريمة الاتجار بالاشخاص في لبنان لأسباب عدة أبرزها النزوح السوري، بحيث بلغت نسبة تلك الجريمة ارقاماً قياسية فاقت المئات. نَذكر منها مثلاً ارقاماً صادمة شمالاً حيث وثّق القضاء اكثر من 300 ملف اتجار بالبشر، وما زال التحقيق مستمراً بحوالى نصف تلك الملفات التي ستؤدي ربما، بحسب مصادر قضائية معنية، الى توقيف مئات المتورطين. من هنا جاء تحرك وزارة العدل بالتعاون مع مجلس اوروبا العام الفائت لعقد المؤتمر الاول لمكافحة جريمة الاتجار بالاشخاص وكيفية معاينة الضحايا، وخرجَ بدراسات وتوصيات تم الاتفاق على استكمالها وتطويرها مستقبلياً.
عام 2011 صدر قانون معاقبة جريمة الاتجار بالبشر الذي يحمل رقم 164 وهو قانون جَرّم الاتجار، ولكن تخللته بعض الثغرات. وارتأت وزارة العدل إجراء بعض التعديلات ليتوافق مع التزامات لبنان الدولية لا سيما بروتوكول باليرمو.
لذلك قامت وزارة العدل بواجباتها التشريعية وأعدّت مشروع تعديل في العام 2018 وأُحيل الى مجلس الوزراء، لكنّ البَت به توقف بسبب استقالة الحكومة وما تَبعها من أحداث.
مصادر وزارة العدل كشفت لـ«الجمهورية» انّ الوزارة تسعى حالياً الى إحالته لمجلس النواب بُغية دراسته. هذا من الناحية التشريعية. امّا من ناحية الاجراءات العملية فهي بحسب مصادرها، تقوم بعدة مشاريع مع عدة جهات دولية لتنظيم دورات تدريبية وخَلق دليل علمي يتعلق بقضايا الاتجار بالاشخاص. فضلاً عن هذه الجهود، قامت وزارة العدل بالتواصل مع مجلس اوروبا الذي كان يتعاطى في موضوع مكافحة الاتجار بالبشر وتم تنظيم ورشة عمل في بيروت في ايار 2023 حول رصد مؤشرات ضحايا الاتجار بالاشخاص.
ورشة عمل في تونس
واستكمالاً لورشة العمل هذه، أعَدّ مجلس أوروبا دليلاً مرجعياً للتعرّف وحماية ضحايا الاتجار بالاشخاص في لبنان، علماً ان هذا الدليل سوف يتبعه في المرحلة اللاحقة اعداد آلية قضائية لإحالة ضحايا الاتجار.
وفي هذا السياق كشف وزير العدل القاضي هنري الخوري لـ«الجمهورية» انّ الهدف من هذا الدليل هو تعميم معرفة المعايير الدولية المعتمدة في كل ما يتعلق برصد ضحايا الاتجار بالبشر، الأمر الذي سيساهم في معرفة هذه المعايير وتطبيقها من قبل العاملين في الصف الاول في هذه القضايا، لافتاً الى انّ هذا الملف يوثّق التعاون بين مجلس اوروبا ووزارة العدل لمكافحة موضوع الاتجار بالبشر الذي يُوليه المجتمع الدولي حيّزاً مهماً في اجتماعاته، مُفنداً أهم النقاط التي سيوفرها هذا الدليل:
– سيكون له أثر ايجابي على تغيير تصنيف الدولة اللبنانية من قبل وزارة الخارجية الاميركية بالنسبة لجهودها المبذولة في موضوع مكافحة الاتجار بالاشخاص.
– سيتم توزيع مضمونه على الوزارات المعنية كي تأخذ العلم بمضمونه وتعتمده ضمن حدود اختصاصها.
وعن أهمية الشراكة بين مجلس اوروبا ووزارة العدل، قال الوزير الخوري لـ«الجمهورية»: من ابرزها إمكانية تعديلات على القانون في مسألة جريمة الاتجار بالاشخاص، ومعالجة الضحية وتوسيع دائرة المناقشات في العالم، وشرح جريمة الاتجار وأسبابها وكيفية معاينتها من خلال جولات مع قضاة واخصائيين، ودرس وضع الضحية وإعطائه الاهمية القصوى في مشروع القانون الجديد الذي اصبح في مجلس الوزراء، والذي طرح افكاراً جديدة لمشكلة الاتجار بالبشر.
وعن اهمية هذا المؤتمر، قال وزير العدل إنّ مجلس اوروبا نَظّمه وعَقده في تونس منذ اسبوع، وقد كان مخصصاً فقط للبنان، كاشِفاً انّ انطلاق دروس عن مكافحة الاتجار بالاشخاص ومكافحة العنف ضد المرأة على منصّة help التابعة لمجلس أوروبا يُعتبر التجربة الاولى لوزارة العدل في موضوع تنظيم دروس قانونية عن بُعد، الأمر الذي سينعكس ايجاباً على تعزيز المعرفة القانونية لدى القضاة وغيرهم من المشاركين في منصّة help.
كما كشف وزير العدل عن مشاريع تنفيذية عدة تُدرَس بين مجلس اوروبا ووزارة العدل اللبنانية، ومن أهمها بل على رأسها انضمام لبنان من خلال وزارة العدل الى مركز الشمال – الجنوب في مجلس اوروبا، إضافة الى التحضير لشروط انضمام لبنان كمراقب الى عدة اتفاقيات لمجلس اوروبا.
وكشفَ عن إطلاق مشروع بين وزارة العدل ومجلس اوروبا الشهر المقبل في البرتغال يتعلّق بالجرائم «السيبيرالية» cyber crime.
شراكة بين الأمن والقضاء والهيئة الوطنية للمرأة
تجدر الاشارة الى انّ المؤتمر المنعقِد في تونس حملَ ثلاثة اجزاء: الجزء الاول تخلّله توقيع لائحة المؤشرات بين المجلس الاوروبي ووزارة العدل اللبنانية المختصة بمكافحة الاتجار بالاشخاص. امّا الجزء الثاني فكان إطلاق دروس على منصة help التابعة للمجلس الاوروبي.
الدرس الاول كان بالاشتراك بين الجسم القضائي والجسم الامني المتمثّل في الامن العام اللبناني حول مكافحة الاتجار بالبشر.
والدرس الثاني كان بالاشتراك بين الجسم القضائي والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية حول مكافحة العنف ضد المرأة.
أمّا الجزء الثالث فكان لإلقاء الضوء على القانون اللبناني بشأن حماية البيانات وعقد ورشة عمل حول الـ data protection.