واشنطن: لا نعتقد أن الحرب أمر حتميّ.. وبري: لتحصين لبنان بالوحدة الداخلية
على الرغم مما هو ظاهر من تحضيرات للحرب واستعدادات لمواجهة الرد الايراني فإن باب الديبلوماسيّة لم يغلق بشكل نهائي بعد، على ما يؤكّد مصدر ديبلوماسي غربي لـ”الجمهورية”، حيث كشف عن جهود متسارعة من اتجاهات دوليّة متعدّدة في اتجاه اسرائيل وطهران، وكذلك في اتجاه لبنان لتضييق احتمالات الحرب.
ولا يقلّل الديبلوماسي الغربي عينه “من حجم الصعوبات التي تعترض مسار الوساطات، وتعزز احتمال المواجهات الواسعة. ولكن مع ذلك اعتقد أن الابواب غير مقفلة، وفرصة تجنّب مغامرة الحرب المدمّرة ما زالت ممكنة، وخصوصا اذا ما قدّر اطراف الصراع فعلا، حجم ما قد تتسبب به الحرب من تداعيات واضرار ونتائج وخيمة شاملة على دولهم، وربما على كلّ دول المنطقة.
وضمن هذا السياق، يؤكّد المصدر عينه “أنّ الولايات المتحدة ما زالت تضع في اولوياتها تجنيب المنطقة اندلاع حرب واسعة، وعبر عن ذلك الوزير بلينكن بدعوته كل الاطراف لكي تتخذ خطوات لتهدئة التوترات وتجنب التصعيد. وفي هذا السبيل تلعب دورا خلفيا دافعا ومشجعا للوساطات الرامية الى التخفيف من وطأة الرد الايراني على اسرائيل، حيث انّها ليست بعيدة عن زيارة وزير الخارجية الأردنية الى طهران، التي يبدو انها لم تكن موفقة”.
رد ضمن القوانين
وتأكد فشل زيارة الوزير الاردني، مما اكده الإعلام الاميركي بأنّ “ايران رفضت دعوات اميركية وعربية لتخفيف ردها على اغتيال اسماعيل هنية في طهران”. وكذلك من اعلان ايران على لسان اكثر من مستوى فيها تصميمها على ردّ، وصفه قائد الحرس الثوري، بـ”القوي والقاصم”. الا انّ اللافت للانتباه في هذا السياق ما اعلنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية بأنّ “ايران لا تسعى الى زيادة التوتر في المنطقة، وقد وظفت جهودها الديبلوماسية لوقف الحرب. وأما ردّها فسيكون في اطار القوانين والأعراف الدوليّة”. وهذا الموقف جدّد التأكيد عليه القائم باعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كنّي خلال لقائه السّفراء الأجانب الموجودين في طهران أمس.
واشنطن الحرب ليست حتمية
وتزامنا مع هذه الاجواء، برز موقف اميركي لافت، عبرت عنه وزارة الخارجية الاميركية، حيث اشارت الى ان وزير الخارجية انتوني بلينكن تحدث إلى رئيس الوزراء وزير خارجية قطر ووزير خارجية مصر بشأن التوتر في الشرق الأوسط. وابلغ نظراءه أن العالم يمر بلحظة حرجة في الشرق الأوسط ومن المهم خفض التصعيد.
واشارت الى “اننا نواصل العمل للتوصل إلى وقف إطلاق النار بغزة باعتباره خطوة حاسمة لتهدئة توترات أوسع نطاقا. وقالت :إن على الأطراف أن تبحث عن سبل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة لا عن أسباب التأخير أو الرفض”.
وقالت الوزارة “إننا أرسلنا عبر أصدقائنا رسالة لإيران بأننا سندافع عن إسرائيل وأن التصعيد لا يخدم مصلحتها”. وخلصت الى التأكيد بأنها لا تعتقد أن الحرب الشاملة أمر حتمي ونواصل العمل لمنع حدوثها. ولا تعتقد انه تم تقويض إطار الاتفاق بشأن غزة لكن لا تزال هناك حاجة لتجاوز الخلافات”.
الرد بالجملة او المفرّق؟
وعلى صعيد الاتصالات ايضا، كشف مصدر رسمي رفيع لـ”الجمهورية” ان حركة الاتصالات الخارجية متواصلة بوتيرة مرتفعة تجاه لبنان، وتوالت بصورة مكثفة منذ العدوان الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية واغتيال القيادي الكبير في “حزب الله” فؤاد شكر.
واستغرب المصدر ما وصفها الحماسة الفائقة التي يبديها الخارج، وقال: لم يبقَ احد الا وتكلم معنا، عندما نٌضرَب نحن هم يسكتون، وعندما تُضرب اسرائيل او يشعرون بأنها ستُضرب يسارعون الى طلب التهدئة، كما هو حالهم اليوم، حيث يدعون الى ضبط النفس، ويشددون على التهدئة ليس من اجل لبنان وخوفا على لبنان، بل من اجل اسرائيل التي يتعاملون معها وكأنها الولاية الاميركية الـ51″.
ولفت المصدر الى ان هذه الاتصالات اكدت المؤكد بالنسبة الينا، حيث انهم جميعا ومن دون استثناء احد من المتصلين يتشاركون في مسألة وحيدة وهي حقّ اسرائيل في الدفاع عن نفسها. ومع ذلك يطلبون منا أن نماشيهم في ما يطلبونه منا”.
وقدم المصدر عينة مما يتم تداوله في هذه الاتصالات، وقال: هم على قناعة بأن الرد او الردود على اسرائيل ستحصل، ولذلك اول ما يقولونه هو التحذير من مخاطر هذه الردود، ثم يريدون منا ان نقول لهم إن كان الرد على اسرائيل سيكون بالجملة او المفرق. ويركزون على السؤال كيف سيرد “حزب الله” على اغتيال الشهيد شكر، ومتى سيحصل هذا الردّ. وبعضهم يتمنى لو يتم ضبط هذا الرد بحيث لا يتسبب بتصعيد الامور الى مواجهة واسعة. كما انهم يسألون عما اذا كان ردا الحزب منفردا، او ردا مشتركا مع ايران ومتزامنا مع ردها على اغتيال اسماعيل هنية؟
وقال: من جهتنا اكدنا موقفنا المبدئي بأننا لا نريد الحرب ولا نسعى اليها، و”حزب الله” لم يحد منذ اليوم الأول عن التزامه بقواعد الاشتباك، فيما اسرائيل باعتداءاتها واغتيالاتها تدفع الامور الى تصعيد اكبر، واما بالنسبة الى الردّ عليها من قبل “حزب الله”، فهذا الامر متروك للميدان كما قال السيد حسن نصرالله”.
بري: للوحدة الداخلية
قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، ردا على سؤال لـ”الجمهورية”: ان الظرف الحالي حساس ودقيق، يستوجب القدر الاعلى من الوحدة بين اللبنانيين لتحصين البلد في وجه ما يتهدده من مخاطر اسرائيلية.
وردا على سؤال أكد بري على حق “حزب الله” في الرد على العدوان الاسرائيلي، مكرّرا التأكيد على أنّ المقاومة التزمت قواعد الاشتباك منذ البداية، ولم تحد عنها، فيما اسرائيل تتعمّد خرقها باستهداف المدنيين وعمق المناطق اللبنانية.
وكان بري قد أكد في وقت سابق على الالتزام الكلي بالقرار 1701 وتطبيقه بكلّ مندرجاته، مؤكدا انّه أمام اي عدوان اسرائيلي على لبنان سنكون كحركة “أمل” و”حزب الله” بالمرصاد، وفي الصفوف الأمامية لمواجهته”.
يشار الى ان بري عقد اجتماعا مطولاً السبت الماضي مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، تمحور فيه البحث حول التطورات الاخيرة، والاتصالات الدولية التي تكثفت في أعقاب جريمتي الاغتيال التي ارتكبتهما اسرائيل في شكر في الضاحية وهنية في طهران. الى جانب الخطوات التي يتوجب اتخاذها من قبل الحكومة التي ينبغي ان تستفر كل اجهزتها للتصدي للمرحلة الحالية، والتخفيف ما أمكن من اعباء على اللبنانيين، يمكن أن تنشأ جراء أي عمل عدواني اسرائيل ضد لبنان.
المصدر: الجمهورية