تطبيقات تسوّق وألعاب.. كيف تسرق الصين بيانات ملايين البشر؟
تطبيقات تسوّق وألعاب.. كيف تسرق الصين بيانات ملايين البشر؟
يكشف تقرير بحثي جديد أن أجهزة الدعاية الصينية تجمع البيانات من شركات التكنولوجيا الصينية بما في ذلك تطبيقات التسوق والألعاب الشهيرة التي يستخدمها مئات الملايين في الولايات المتحدة وحول العالم.
وبحسب ما توصل إليه باحثون بمعهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي (ASPI)، فإن الحزب الشيوعي الصيني يسعى إلى الحفاظ على سيطرته الكاملة على بيئة المعلومات داخل الصين، بينما يعمل في الوقت نفسه على توسيع نفوذه في الخارج لإعادة تشكيل النظام البيئي العالمي للمعلومات.
ولا يشمل ذلك السيطرة على منصات الإعلام والاتصالات خارج الصين فحسب، بل يشمل أيضا ضمان أن تصبح التكنولوجيات والشركات الصينية المحرك الأساسي لمستقبل تبادل المعلومات والبيانات في جميع أنحاء العالم.
يرسم البحث روابط واسعة النطاق بين مجموعات الدعاية التي تديرها الدولة وشركات التكنولوجيا الصينية، بما في ذلك شركات التسوق الإلكترونية مثل “تيمو” وتطبيقات الألعاب الشهيرة لجمع بيانات عن المستخدمين الأجانب يمكن استخدامها لتعزيز حملات التضليل وغيرها من أعمال الدعاية الحكومية في الخارج.
يأتي التقرير البحثي في وقت تتزايد فيه المخاوف بين المشرعين الأميركيين من أن الشعبية المتزايدة للتطبيقات الصينية بين المستخدمين الأميركيين قد يكون لها أثار على الأمن القومي.
ووقّع الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي على تشريع لحظر تطبيق تيك توك للفيديوهات القصيرة في الولايات المتحدة في حال لم تبع شركة بايت دانس الصينية أصولها في الولايات المتحدة خلال 270 يوما.
ويعتقد معظم الناس في الولايات المتحدة أن الصين تستخدم منصة تيك توك لتشكيل الرأي العام الأميركي، وفقا لاستطلاع أجرته رويترز/إبسوس مع اقتراب واشنطن من احتمال حظر تطبيق الفيديو الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.
وذكرت وكالة رويترز الأربعاء أن 58 في المئة من المشاركين في الاستطلاع الذي استمر يومين، وافقوا على فكرة أن الحكومة الصينية تستخدم التطبيق المملوك لشركة “بايت دانس” للتأثر على الرأي العام الأميركي، فما لم يوافق على ذلك حوالي 13 في المئة، بينما كان البقية غير متأكدين بشأن ذلك أو لم يجيبوا على السؤال.
وأظهر استطلاع رويترز/إبسوس أن 50 في المئة من الأميركيين يؤيدون حظر تيك توك، بينما يعارض 32 في المئة الحظر، فيما كان البقية غير متأكدين.
وقالت الوكالة إن الاستطلاع شمل فقط البالغين في الولايات المتحدة ولا يعكس آراء الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، الذين يشكلون جزءا كبيرا من مستخدمي التطبيق الصيني في الولايات المتحدة.
وأظهر الاستطلاع أن 46 في المئة من الأميركيين يتفقون مع القول بأن الصين تستخدم التطبيق “للتجسس على الحياة اليومية للأميركيين”، وهو ادعاء نفته بكين.
لكن التقرير يحدد العلاقات بين أكثر من ألف منظمة حكومية صينية وشركات صينية، بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة، كما يتضمن تفاصيل اتفاقية تعاون بين الشركة الصينية “بيندودو” الشقيقة لتطبيق التسوق الرائد “تيمو” الذي يستخدمه أكثر من 100 مليون أميركي، ووحدة إعلامية تابعة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم.
ووجد الباحثون أن الوحدة التابعة للحزب الشيوعي الصيني تجمع معلومات من حوالي نصف مليون مصدر عبر 182 دولة وبـ42 لغة لدعم احتياجات الاتصالات الدولية للحكومة والشركات الصينية.
كما أن الحكومة تستخدم العشرات من شركات ألعاب الهاتف المحمول التي تتلقى دعما من الدولة لتمرير وتعزيز القوة الثقافية الناعمة للصين.
ويشير التقرير إلى أن تطبيق “تيمو” للتسوق الإلكتروني وكان الأكثر تنزيلا في الولايات المتحدة العام الماضي قام بجمع كميات كبيرة من البيانات التي من المحتمل أن تتم مشاركتها مع نظام الدعاية في جمهورية الصين الشعبية، وكذلك فعل تطبيق لعبة الفيديو “جينشين إمباكت”.
لكن في حين أن الروابط بين وحدات الدعاية الصينية والمنتجات التقنية في البلاد أصبحت واضحة بشكل متزايد، إلا أن هناك غموضا بشأن كيفية استخدام البيانات التي يتم جمعها ومشاركتها.
وتسيطر بكين بإحكام على المعلومات من خلال شبكة من وحدات الدعاية الحكومية، وقيود الرقابة والبنية التحتية التقنية التي تفصل مستخدمي الإنترنت الصينيين عن المعلومات خارج البلاد بما في ذلك الحظر على جميع وسائل التواصل الاجتماعي والمنافذ الإخبارية الغربية الشهيرة.
وتم تعليق “بيندودو” في متجر تطبيقات غوغل العام الماضي بسبب انتهاكات قواعد الخصوصية. وتواجه الشركة أيضا دعاوى قضائية جماعية في إلينوي ونيويورك بشأن ما يدعي المستخدمون أنه جمع غير مبرر للبيانات غير الضرورية.
كما يشير تقرير ASPI أيضا إلى الشراكات بين الوحدة الإعلامية التابعة للحزب الشيوعي الصيني وأفضل تطبيق لحجز سيارات الأجرة في الصين Didi Chuxing، والذي يعمل في أستراليا ونيوزيلندا و10 دول في أميركا الوسطى واللاتينية، وكذلك مع أكبر شركة طيران تديرها بكين “أير تشاينا”.
وقد توسعت حملات التضليل المؤيدة للصين في الآونة الأخيرة على منصة “أكس”، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها في فبراير الماضي.
وقامت شركة ميتا في نوفمبر الماضي بغلق شبكة تضم آلاف الحسابات على فيسبوك تم إنشاؤها في الصين سعت إلى تعزيز صورة البلاد، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.
وقالت سامانثا هوفمان، كبيرة المحللين سابقا في معهد ASPI والتي قادت البحث: “إنهم يستخدمون تلك الشركات للوصول إلى مجموعات البيانات ذات القيمة الاستراتيجية، داخل الصين، ولكن أيضا على مستوى العالم، لمعالجة تلك البيانات واستخدامها للمساهمة في العمل الدعائي”.
وأضافت: “كلما فهمنا هذا النظام أكثر، وكلما تمكنا من إدارة آثاره، كلما تمكنا من السيطرة على الآثار السلبية لتلك الجهود”.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإن الحكومة الصينية تعمل بشكل متزايد على تطوير تقنيات جديدة، بما في ذلك حملة تم الكشف عنها العام الماضي والتي شهدت نشر مقالات مؤيدة للدولة على المواقع الإلكترونية لعشرات الصحف الأميركية المحلية.
المصدر: الحرة