فيحاؤنا – حاضنة الثقافة لكل الأزمان” تُطلق أولى أنشطتها بمحاضرة حول “طرابلس والحداثة”
فيحاؤنا – حاضنة الثقافة لكل الأزمان” تُطلق أولى أنشطتها بمحاضرة حول “طرابلس والحداثة”
إستضاف تجمّع “فيحاؤنا- حاضنة الثقافة لكل الأزمان” في مركز الصفدي الثقافي بطرابلس، الدكتور خالد زيادة في محاضرة بعنوان “طرابلس والحداثة“، بحضور النائبين طه ناجي وجميل عبود، وماجد عيد ممثلا النائب أشرف ريفي، وقائمقام بشري ربى شفشق سنجقدار ورئيس اللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو الدكتور شوقي ساسين والمدير العام السابق لوزارة الثقافة فيصل طالب، وحشد من رؤساء وممثلي الهيئات الثقافية والجمعيات والأندية، وأدباء وشعراء وأساتذة جامعيين من طرابلس ومختلف مناطق الشمال. وينضوي الى لقاء المجمع عدد من الهيئات الثقافية الفاعلة وهي رابطة الجامعيين في الشمال، الجمعية اللبنانية لتنشيط المطالعة ونشر ثقافة الحوار، جمعية تراث طرابلس – لبنان، جمعية ثقافية زغرتاوية، لقاء الاحد الثقافي،المجلس الثقافي للبنان الشمالي، المنتدى الثقافي في الضنية، مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية ونادي قاف للكتاب. درويش في الإفتتاح النشيد الوطني اللبناني، ثم تحدثت الأديبة الدكتورة زهيدة درويش جبور مرحبة بالحضور، وقالت: “يسرني باسم تجمع “فيحاونا” التي لطالما نشطت مكوناته في المدينة، أن ارحب بكم في هذه الأمسية. لقد أردنا من خلال هذا التجمع ان ننسق الجهود التي دأبت كل هيئة من الهيئات على بذلها على حِدة لكي نبلور برنامجاً متناغماً ومتنوعاً من الأنشطة الثقافية، في محاولة للاسهام في اثراء الحياة الثقافية في المدينة وفي محيطها، ونطمح لأن يكون هذا المسار تقليداً نسير عليه، فيصبح قاعدة عمل نلتزم بها. ويسرني أن نفتتح برنامجنا لهذا العام بمحاضرة للدكتور خالد زيادة بعنوان “طرابلس والحداثة”؛ كونه مثقفاً راح يبحث عن دور المثقف وموقعه بشكل عام في مجتمعه من خلال علاقته بالسلطة السياسية والدينية على حد سواء في كتاب تحت عنوان :”الكاتب والسلطان، من الفقيه إلى المثقف“. وإضافة إلى ذلك نشر زيادة عملاً روائياً هو الوحيد من نوعه في أعماله المنشورة إلا وهو “حكاية فيصل” ليُعيد قراءة أحداث الثورة العربية سنة 1919 وما رافقها من تحولات وآمال وخيبات، وخصّ مدينته بثلاثة أعمال سردية هي سجل للحياة الإجتماعية في المدينة وللعادات والتقاليد والعلاقات بين الناس”. زيادة إستهل الدكتور زيادة محاضرته بالتوقف عند أحداث العام 1917 وقبل نهاية الحرب العالمية الأولى كما وردت في كتاب بعنوان “ولاية بيروت” أعدّه موظفان في إدارة ولاية بيروت بتكليف من الوالي التركي عزمي بيك، حيث قام المؤلفان، رفيق التميمي ومحمد بهجت، بجولة دراسية في كل المناطق التي ضمتها الولاية آنذاك، من اللاذقية شمالاً إلى جنوب عكا في شمال فلسطين المحتلة، والكتاب هو عبارة عن مسح شامل وتاريخي وجغرافي وإقتصادي وسكاني وغير ذلك لكل مناطق الولاية. وينقل المحاضر ما جاء على لسان الكاتبين عند وصولهما إلى طرابلس حيث إستهلا كتابهما بالقول: إن طرابلس هي معرض فخم للبدايع والمحاسن والأحجار الكريمة. واضافا ” لا بلدة في سوريا تستطيع أن تفاخر بمناظرها الوافرة كطرابلس، ولا تكون غنية مثلها، أما دمشق فوأسفاه ليس لديها بحر. وبيروت أيضا التي هي ملكة سواحل سوريا لم تكن غنية بالبدايع بهذه النسبة“. وقال: “شمل التقرير عن مدينة طرابلس ما يزيد عن 60 صفحة يتناول موضوعات من الطبيعة إلى العمران إلى الإقتصاد إلى التعليم إلى الصناعة والمعتقدات وغير ذلك. فهو مرجع فريد عن تلك الفترة السابقة لنهاية الحرب العالمية لأولى. نتعرف من خلاله على طرابلس قبل ما يزيد على مئة سنة، بالإضافة إلى الحديث عن آثار طرابلس ومساجدها وتاريخها منذ القدم، يتوقف الكتاب عند التحديث الذي عرفته طرابلس في العمران والمؤسسات، ويشير الكتاب إلى موقع القبة الذي هو بمنتهى اللطافة، وهو المكان المرغوب من الطرابلسيين، فالبيوت التي شيدت أعالي هذا الموقع متباعدة عن بعضها بصورة تفسح للهواء بالإسترسال، أما الموقع الآخر فهو التل الذي شيدت فيه كل البنايات الفخمة التي تفتخر بها طرابلس، من دار الحكومة (السرايا) وبرج الساعة وروضة البلدة ودار البريد والقنصليات والفنادق ومركز الترامواي… ويمكن القول ان طرابلس الجديدة عبارة عن هذا الموقع. ولا يفتأ الطرابلسيون يترنمون بامتداح ما كان من حسن هذا الموقع قبل نشوب الحرب العالمية، يزعمون أنه كان يلتطم نهارا بازدحام هائل من الناس والمركبات حتى لا يعسر المرور فيه، أما في الليل فكان يُنار فيه أكثر من ستين مصباحا تجعله غريقا في لجّة نور”. وتناول المحاضر الوضع العمراني والتربية والتعليم وما أنجزه الأدباء الرواد في مجال إنشاء المدارس الحديثة “لاسيما الشيخ حسين الجسر الذي أسس المدرسة الوطنية عام 1880 وما أعقب ذلك من تأسيس المدرسة الوطنية في بيروت ومدرسة بكفتين الأرثوذكسية في الكورة والمدرسة الإنجيلية في طرابلس عام 1868 ثم مدرسة الفرير 1878”. وتوقف عند المدارس التقليدية في الكتاتيب أو المساجد، لافتا الى أن “الذين كانوا يريدون التحصيل الشرعي والفقهي فكانوا يذهبون إلى الأزهر في القاهرة والشيخ حسين الجسر واحد من هؤلاء وهم أبناء الجيل الأول والثاني الذين عادوا ليمارسوا التعليم الديني في مدينتهم”. وقال: “أما الجيل الثالث من الرواد الذين إتجهوا في العلم إتجاهات متفرقة فمنهم من درس الحقوق في إسطنبول مثل عثمان سلطان وإنتُخب نائباً عن طرابلس في المؤتمر السوري (إبان الحكم العربي)، كما كان من أبناء هذا الجيل شاعر الفيحاء سابا زريق، والصحافي لطف الله خلاط والقائد فوزي القاوقجي”. وأكد زيادة أن “الحداثة لا تقتصر على العمران والعلم ولكنها تتجلى في الأفكار السياسية أيضا. وخصوصا أن أفكار التنوير الفرنسي كانت قد بدأت التأثير في العالم خارج فرنسا وأوروبا. والواقع أن عصر التنظيمات العثمانية الذي تؤرخ بدايته بإعلان السلطان عبد المجيد “خط كالخانة” (1839) الذي نص على مواد إصلاحية ومساواة بين الرعايا، كان بداية تحديث الإدارة والقضاء والعسكرية”. كما توقف المحاضر عند قيام السلطان عبد الحميد الثاني بتعليق الدستور بعد حوالي السنة أي في العام 1877، “فنشأت من جراء ذلك حركة سياسية تحت إسم “تركيا الفتاة” تطالب بعودة الدستور ولا يبدو ان هذه الحركة كان لها أتباع معلنين في طرابلس، ولكن طرابلس إنفعلت بعد الإنقلاب الدستوري الذي أعاد العمل بالدستور، فصدرت في طرابلس صحف عديدة مستفيدة من قانون المطبوعات الليبرالي”. وأشار الى تسارع الأحداث وقال: “بدأ الشقاق بين العرب والأتراك بسبب سياسة حزب “الإتحاد والترقي“، وعقد أول مؤتمر عربي في باريس شاركت طرابلس فيه بالمراسلة وأرسلت كتابا إلى المؤتمر شاكرين مبادرته إلى تخليص الوطن من الإضمحلال طالبين من الله المعونة لإتمام هذا العمل المجيد الذي تتوقف عليه حياة الوطن العزيز. وكان ذلك قبيل إندلاع الحرب العالمية الأولى ودخول الدولة العثمانية فيها إلى جانب المحور وتعيين جمال باشا حاكما على سوريا ولبنان. وكان شباب من طرابلس قد إنضموا إلى المنتدى الأدبي العربي خلال دراستهم في إسطنبول بينهم سعدي المنلا وحسن رعد ومصطفى عارف الهندي وزكي الأفيوني وعزت المقدم ومن بين الذين قاتلوا مع الأمير فيصل إبّان الثورة العربية وجيه علم الدين الذي إشتغل لاحقا بالتأليف”. وأعقب ذلك حوار بين الدكتور زيادة والحاضرين.