الجمهورية : السنة الجديدة ترث الأزمات والتصعيد جنوباً .. برّي: رئيس الجمهورية ضرورة
الجمهورية : السنة الجديدة ترث الأزمات والتصعيد جنوباً .. برّي: رئيس الجمهورية ضرورة
كتبت “الجمهورية” تقول: غداً.. يوم الرحيل لسنة غير مأسوف عليها، كانت امتداداً لسنوات مريرة، بل أسوأ منها كلّها، وفاقتها بما راكمته من آلام وأثقال أتعبت اللبنانيين، وأدخلتهم في صراع مرير للبقاء. والفضل في ذلك، يُسجّل لذهنيات العبث السياسي التي استقوت على البلد وأهله، وكتبت بالتكافل والتضامن، كابوس الأزمة القاتلة، ورسّخت الفراغ في رئاسة الجمهورية، وقطعت كل سبل التوافق والتفاهم، وأطفأت الأمل بانفراج، واغتالت حلم الشعب اللبناني بوطن معافى يفخر بانتمائه اليه، وتوقه إلى دولة أمن وأمان واستقرار وازدهار ورخاء. في وداع هذه السنة، لا يملك اللبنانيون، وهم يطوون يومها الاخير، سوى أن يجدّدوا الرّهان على السّنة الجديدة، لعلّها تضيء ما تبقّى من أمل في أن تحمل بداياتها استفاقة سياسيّة تلفظ الشعبويات والعداوات، والارتهانات، وسباق المصالح والمغانم، والفجع الى السلطة والتحكّم، وتنهض من جديد بوطن انحدر إلى أسفل حدود الفقر والتعاسة والتصدّع والوهن، ومصيره يترنّح على حافة جحيم جهنمي يمتد على طول المنطقة، وليس معلوماً متى ستحين لحظة السقوط الكارثي.
في السياسة، ورّثت السنة الراحلة الملفات والتعقيدات إلى السنة الجديدة، تاركة شيفرة حلولها محبوساً عليها في قمقم اصطفافات تنذر انقساماتها بغرق كل تلك الملفات من جديد، في دوّامة النّكايات والمكايدات والمزايدات ذاتها، وفي موازاة ذلك، وعدٌ مقطوع بإعادة تحريك الملف الرئاسي، باعتبار أنّ حسمه الشرط الأساس لتصويب مسار البلد، وفتح باب المخارج والحلول لكل الملفات الشائكة.
التعويل في الملف الرئاسي، يبقى على المبادرة الخارجية الموعودة التي تحدثت عنها وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا. وعلى ما يقول مرجع سياسي شديد الحماسة والاستعجال لحسم الملف الرئاسي، فإنّه «سواءً أكانت أحادية الجانب من الفرنسيّين وحدهم، او من القطريين وحدهم، او منسقة بين باريس والدوحة او مدعومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من قِبل اللجنة الخماسية، فإنّ في أيّ حركة او حراك احتمال بركة، وما نريده في نهاية المطاف هو أن نأكل العنب الرئاسي، بعدما أنهكنا حصرم التعطيل».
المبادرات: تشكيك وقلق
على انّه في موازاة هذا التعويل، تشكيك صريح بنجاح أيّ مبادرة رئاسيّة داخلية او خارجية، وتعكس ذلك بصراحة شخصية وسطية بارزة بقولها لـ«الجمهورية»: «اي مبادرة جديدة، ستكون بالتأكيد بنت التجارب السابقة التي أسقطت فيها انقسامات الداخل وتناقضاته، سلسلة طويلة من المبادرات الفاشلة، سواءً من قبل الفرنسيين او من القطريين او من اللجنة الخماسية، او المبادرات الحوارية المتتالية التي اطلقها الرئيس بري. فوسط هذه التناقضات لا أمل بأي انفراجات، وبالتالي أنا على يقين بأن لا رئيس للجمهورية قبل أشهر، حتى لا أقول سنة واكثر، وبالتالي ما يُحكى عن مبادرات ليس اكثر من تعب وتضييع وقت، وما يجب ان نركّز عليه هو الحرب في غزة وجنوب لبنان، وننتظر ماذا سيحصل في المنطقة، وكذلك في لبنان، حيث أنّه يتملكني قلق كبير من مغامرة جنونية لا استبعد أن يُقدم عليها بنيامين نتنياهو ووزراؤه المتطرفون، هرباً من محاكمته التي ستبدأ في شهر شباط».
بري: الرئيس ضرورة
هذه الصورة السوداوية في المنطقة، الى جانب ضرورات الداخل اللبناني، تؤكّد الحاجة اكثر الى انتخاب رئيس للجمهورية، على حدّ تعبير الرئيس بري. الذي رفض المقولة التي تروّج في بعض الاوساط بأنّ «البلد ماشي بلا رئيس جمهورية»، وقال لـ«الجمهورية»: «هذا حكي فاضي، رئيس الجمهورية ضرورة للبلد، ويجب أن يُنتخب في أسرع وقت».
وردّاً على سؤال عن ماهية التحرّك الذي سيقوم به حول الاستحقاق الرئاسي، يؤكّد بري أن «ليس في جعبته أيّ مبادرة، لا حوارية ولا غير ذلك. فقط مشاورات للتأكيد للجميع على أنّ أقل الواجب والمسؤولية الوطنية على كلّ الأطراف في هذه المرحلة، هو إعادة تنظيم وتحصين وضعنا الداخلي بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية».
ويتابع الرئيس بري تطورات الوضع في الجنوب في ظلّ الاعتداءات الاسرائيلية المكثفة على المناطق اللبنانية والمدنيين في البلدات الآمنة، ويؤكّد «أنّ المقاومة في مواجهتها للعدو في الجنوب، ومنذ اليوم الأول وحتى الآن، لم تحدّ عن قواعد الاشتباك فيما اسرائيل تتعمّد خرق هذه القواعد وتوسيع دائرة اعتداءاتها».
وحول ردّ المقاومة المتصاعد على هذه الاعتداءات: قال بري: «الرطل بدو رطلين».
وعندما يُسأل عمّا إذا كان ثمّة جهود خارجيّة تُبذل لخفض التصعيد، يقول بري: «كلّ الناس تتواصل وتدعو الى التهدئة، فيما المطلوب أمر وحيد هو إلزام إسرائيل بوقف عدوانها». وسبق له أن قابل دعوات الموفدين الذين التقاهم الى تجنّب لبنان تصعيد المواجهات والانزلاق الى حرب واسعة مع اسرائيل بتأكيده «أنّ خطر التصعيد واندلاع حرب واسعة، ليس مصدره لبنان، بل أنّ مصدر الخطر الحقيقي هو اسرائيل».