نقابة محامي طرابلس: معركة محتدمة وطموحات من “رحم المعاناة”
ساعات تفصل عن حلول موعد انتخابات نقابة المحامين في طرابلس والشمال التي تأتي هذه المرّة في ظروف “استثنائية” تُواجهها البلاد سياسياً، عسكرياً، أمنياً كما قضائياً والتي انعكست فعلياً على عمل المحامين ودورهم والذين باتوا يتحدّثون بجدّية عن ضرورة إحداث “تغيير” على صعيد العمل النقابي الذي يحتاج إلى “نفضة” جديدة تليق بمستوى الأزمات التي تُعاني منها البلاد وتحتاج إلى “وقفة” نقابية صامدة، حازمة وقائمة على أسس ثابتة من جهة، كما تليق بهذه النقابة التي تلتزم بعرف مميّز قائم على المداورة بين المسلمين والمسيحيين كلّ عاميْن لانتخاب نقيب وعضو في مجلس النقابة، من جهة ثانية.
ويوضح متابعون لهذه الانتخابات، أنّ المشهد لا يزال غامضاً ولو بنسبة قليلة، ويتمحور حول الاصطفافات السياسية التي تخلط الأوراق في كلّ مرة نشهد فيها على أيّ استحقاق ديموقراطي، وفي هذه العملية التي يستعدّ لها ستّة مرشحين من أصل سبعة لمنصب النقيب (وهم: سامي الحسن، صفوان مصطفى، سعدي قلاوون، ناظم العمر، عبد القادر التريكي وبسّام جمال)، وثلاثة مرشحين من أصل أربعة للعضوية (وهم: إبراهيم حرفوش، مريانا الباشا وفهد زيفا)، يُمكن التأكيد أنّ المنافسة بين القوى السياسية احتدمت فعلياً وقد توحي للبعض بأنّها باتت “سياسية” لا نقابية، في وقتٍ يُشدّد فيه مرشحون على أنّ المعركة ومهما بلغت درجة التدخل السياسي فيها، لا يجب أن تكون على حساب المنصب الذي يحتاج إلى التحلّي بمسؤولية تُلغي كلّ “الزلات” أو “الثغرات” التي وقعت فيها النقابة بصورة مباشرة أم غير مباشرة.
وعلى منصب النقيب، تشتعل المنافسة بين المرشحين في وقتٍ تضغط فيه قوى سياسية على البعض منهم للانسحاب، وهي خطوة متوقّعة قد تحدث في أيّ لحظة، في ظلّ تأكيد على احتدام هذه المنافسة بصورة مباشرة بين المحامي سامي الحسن (مرشح تيّار “المستقبل” بتحالف مع تيّار “المردة” ودعم “القوات اللبنانية” وغيرها من التيّارات، كما يحظى بدعم مكاتب نقابية وعدد من المحامين)، والمحامي صفوان مصطفى (الذي يحظى بدعم النائبين فيصل كرامي وأشرف ريفي، فيما تلقّى منذ 6 أيّام اتصالاً من “التيّار الوطني الحرّ” يُبلغه بدعمه في هذه الانتخابات لكون شعاراته واستقلاليته تتوافق مع طموحاته ضمن النقابة، إضافة إلى دعم محامين وغيرهم…).
وقد توحي بعض التقارير بأنّ المنافسة محتدمة على الصعيد السياسيّ فحسب، فيما تُؤكّد المعطيات أنّ المنافسة تشمل المستقلّين “بقوّة” لا سيما من المحامين الداعين إلى التغيير الحقيقي البعيد عن التدخلات السياسية التي وصفها مرشحون بأنّها “سافرة” وتتعدّى الحدود.
أمّا عن المرشحين للعضوية فيتقدّم حرفوش (المدعوم من “المردة” ومتحالف مع الحسن)، على زميليْه أيّ الباشا وزيفا (يتحالف مع مصطفى) حسب التحليلات الأوّلية وتوجهات محامين في النقابة.
المرشحون
المرشح لمنصب نقيب المحامين صفوان مصطفى، يُؤكّد أنّه مرشح مستقلّ غير ملتزم سياسياً، كما لم ينطلق من تحالفات سياسية قد تنعكس سلباً على العمل النقابي، بحيث يرى أنّ الدعم السياسي لا يُعدّ أساسياً، إذْ يُمكن دعم المحامين ضمن هذا الإطار لكن بشرط أن يكون تحت سقف الاستقلال والحرية، وأن يكون التدخل لصالح النقابة لا العكس.
ويقول مصطفى الذي يحمل خبرة تصل إلى 35 عاماً لـ “لبنان الكبير”: “على النقيب أن يكون مستقلاً وعلى مسافة واحدة من الجميع، فلا تدخل السياسة داخل أروقة النقابة على الرّغم من اختلاف المحامين سياسياً، وفي لبنان كلّ مواطن حرّ بالتزامه السياسيّ، لكن نستهدف عدم تحويل النقابة لخدمة السياسيين والدفاع عن مصالحهم بل للدفاع عن مصلحة المحامين، لذلك أنا غير معنيّ بمواجهات من أيّ نوع ولست طرفاً في أيّ خلاف أو تصفية سياسية على الاطلاق، فالمعركة مستقلّة، والدليل أنّ تيارات سياسات مختلفة دعمتني على أساس قراري النقابي، كالتيار، حركة الاستقلال، ريفي وكرامي…”.
ويشعر مصطفى بالتفاؤل بنتيجة المعركة الديموقراطية التي قد تحتمل ربحاً أو خسارة، موضحاً أنّه سيتقبّلها في ظلّ تعويله على أصوات زملائه الذين يُطالبون بالتغيير الضروري في النقابة التي تحتاج إلى الكثير من التفاصيل التي يُؤكّد المرشح أنّه صنّفها كأولويات: التأمين الصحي والاستشفائي للمحامين، الوضع النقابي الداخلي والشفافية المالية، التعامل مع القضاة ضمن الودية والاحترام، تطوير العمل النقابي لتحسين الانتاجية، تنظيم تعاطي المحامين مع الدوائر سواءً أكانت العدلية أم المالية، حماية المحامين من “السماسرة” الذين ينافسونهم ويأخذون أتعابهم…
ويضيف: “ندرك أنّ العمل النقابي مسؤولية، استمرارية والتزام، لذلك نتمنّى أنْ تبقى المنافسة ضمن إطارها الديموقراطي في نقابة كانت سبّاقة في مواقفها القانونية والوطنية”.
أما المرشح لمنصب النقيب ناظم العمر (الطرابلسيّ الوحيد ضمن المرشحين)، فيشدد على عدم انتسابه الى أيّ حزب، مؤكّداً صداقته مع مختلف الأطراف السياسية الحزبية منها والمستقلّة، واستقلاله عن قرارتها والتزاماتها. ويقول لـ”لبنان الكبير”: “نقابة المحامين نقابة الأحرار والكرامة أيّ أم النقابات التي كانت وما زالت تُوازن الأمور بميزان الحقّ والدفاع عن الوطن والمجتمع المدني تحديداً، لذلك يُفضّل ترك السياسة على باب النقابة لا إدخالها إلى الباب الداخلي”.
ويرفض العمر الاتجاه الانتخابي القائم على قرع الطبول والنغمات التي تقودها مجموعات تُديرها سياسة أو منظمة معينة كانت تحكّمت بمقدّرات النقابة وأمورها المفصلية لمدّة طويلة، “فمن مصلحتها حصر المعركة بين جهتين لا أكثر، في وقتٍ يتبيّن فيه التدخل الكبير والفاضح الذي لا يُعدّ الأوّل من نوعه لكنّه بات غير لائق ويعتمد على الترغيب والترهيب، تقديم الوعود وتشويه السمعة، وصولاً إلى توزيع المغانم لمصالح سياسية”.
العمر الذي يعمل منذ أكثر من 30 عاماً في هذا المجال، كان ترشح عام 2018 وانسحب بعد ضغط سياسيّ وصفه بـ “التسونامي” قبل ثلاثة أيّام على الانتخابات “بناءً على توصيات، نصائح ووعود صبّت في خانة الوهم، وارتضينا معها الانسحاب، لكن لن تتكرّر هذه المرّة فلا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين، وأنا متفائل بوجود 1200 محام مستقلّ يغارون على نقابتهم ولا يرضون بمرشح مربوط بقيود بل لا بدّ من شخص أمين، صادق، مجتهد ويعتمد على مصداقيته وإنجازاته في النقابة لا على برامج انتخابية متشابهة وكلام معسول خصوصاً وأنّ المحامي هو صانع البرنامج، وعليه محاربة الفساد والفاسدين أينما وجدوا في النقابة وخارجها كدوائر الدّولة والعدل ولنا دور رائد في هذا المجال، إضافة إلى أهمّية تنظيم البيت الداخلي عبر الاصلاح مع الحدّ من سوسة الفساد في قصور العدل التي تشهد آفة عظيمة بسبب السماسرة الذين تحميهم قوى سياسية، إضافة إلى أهمّية البحث في غياب المدارس عن الأخلاق النقابية وغيرها”.
وكان “لبنان الكبير” حاول التواصل مع المرشح الحسن الذي تعذّر عليه الردّ على الرّغم من التحدّث المستمرّ عن حظوظه بالفوز، فيما يُشير بعض المحامين المتابعين إلى أنّ النقابة تشهد إرباكاً اعتيادياً في هذه الظروف التي قد تشهد على عدم إعلان الفوز من الدورة الأولى، بحيث يقول أحد المحامين: “نتمنّى ألّا يكون منصب النقيب لصالح أيّ شخص يصل إليه نتيجة مساومة، عهد أو مصلحة لصالحه، أو لصالح قوى سياسية أو شخصيات تابعة لها”.