مقالات

نواف سلام رئيساً مكلّفاً و”الثنائي” لم يسمّياه.. هل ثمة انقلاب؟

نواف سلام رئيساً مكلّفاً و”الثنائي” لم يسمّياه.. هل ثمة انقلاب؟

القصر الجمهوري، كان بالأمس أمام مشهديّة استشارات نيابيّة ملزمة مغايرة لمثيلاتها في السابق التي كان اسم الرئيس المكلّف معلوماً، بحيث يستبق الإعلام حسمه قبل أن يتمّ تكليفه بصورة رسميّة. فمنذ بدء الإستشارات قبل ظهر أمس، اتّسمت بضبابيّة ملحوظة، لكنّها ما لبثت أن بدأت بالإنقشاع في فترة بعد الظهر لمصلحة القاضي سلام، حيث ظهّر مسار الاستشارات بصورة واضحة تقاطعاً واضحاً بين الكتل والإتجاهات النيابيّة بما فيها من تحالفات وتناقضات، على تسميته لرئاسة الحكومة.

معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» اكّدت أنّ حركة اتصالات مكثفة جرت على مدى الساعات الاربع والعشرين السابقة لموعد الاستشارات، وتواصلت خلال نهار أمس، لتوجيه دفّة التسمية لمصلحة القاضي سلام، وشاركت فيها أطراف عربيّة ودوليّة كان لها الدّور الأساس في إنجاز الإستحقاق الرئاسي، وكان لها التأثير الواضح على مواقف بعض الكتل والنواب المستقلين، ولاسيما الكتل والنوّاب غير المصنّفين سياديّين او تغييريّين، حيث نجحت في تعديل وجهة مواقفها من تسمية الرئيس ميقاتي التي كانت محسومة بشكل قاطع لمصلحته قبل ثمانٍ وأربعين ساعة، إلى تسمية القاضي سلام.

هل ثمة انقلاب؟

وقد اعتبرت مصادر «أنّ أطرافاً مصنّفة سياديّة وتغييريّة معارضة قد سارعت إلى التعامل مع نتائج الإستشارات المُلزمة كلعبة ربح وخسارة، نتج منها ما اعتبره انقلاباً على الواقع السياسي الحالي، منحت فيه لنفسها انتصاراً فولكلورياً يلاقي مصالحها وحساباتها، وأسقطت هزيمة سياسيّة على أطراف أخرى، وعلى وجه الخصوص «حزب الله»، إلّا أنّ هذا الإستعجال قرأت فيه مستويات سياسيّة استفزازاً متعّمداً لفئة من اللبنانيين، ومبالغة وتسرّعاً في تقدير الأمور، وخصوصاً أنّ الأمور، وإنْ كانت قد حسمت تكليف القاضي سلام تشكيل الحكومة، الّا انّها ما زالت في بدايتها، حيث أنّ أمامها في الساعات المقبلة مرحلة الاستشارات النيابية غير الملزمة التي سيجريها الرئيس المكلّف، لينطلق بعدها مسار تشكيل الحكومة».

مسار واحتمالات

وإذا كانت مختلف الأوساط السياسية قد استبشرت خيراً بانتخاب الرئيس جوزاف عون، وتقاطعت في تقديراتها على الرغبة في انطلاقة ميسّرة للعهد الرئاسي الجديد، الّا أنّ الجو السياسي الذي رافق الاستشارات الملزمة، والنتائج التي انتهت إليها، بالإضافة إلى ما قيل عن رياح هبّت من مصادر مختلفة وجّهت التسمية في اتجاه معيّن، عكست توتراً تكثفت المساعي لاحتوائه. والعبرة كما يقول مسؤول سياسي كبير لـ»الجمهورية»، «ليست في تسمية الرئيس المكلّف، بل في كيفية تجاوزه المطبّات الماثلة في الطريق، سواء أكانت مطبات سياسية او ميثاقية، وعبوره بالتالي الى برّ التأليف».

المطبّ الشيعي

وعلى ما تلاحظ الأوساط السياسية، فإنّ في أفق المسار الحكومي بدأ يلوح مطبّ شيعي، عبّر عن نفسه بإحجام الصوت الشيعي بكليته، المتمثل بكتلة «التنمية والتحرير» وكتلة «الوفاء للمقاومة» ومعهما النائب جميل السيد، عن تسمية القاضي سلام.

وبمعزل عن الأجواء الاحتفالية لدى المعارضات السيادية والتغييرية، فإنّ المتفق عليه في الأوساط السياسية انّ الواقع السياسي الداخلي قد دخل اعتباراً من يوم أمس في مرحلة جديدة، يقف فيها في نقطة الوسط بين الأزمة ولا أزمة. وهو وضع لم يكن متوقعاً رئاسيّاً، حيث يُخشى من تأثيرات تترتب عليه في الوقت الذي يحرص رئيس الجمهورية على تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، تبدأ ورشة إعادة إنهاض لبنان ووضعه على سكة الانفراج».

الميثاقية!

وإذا كان من الصعب التكهّن أو تحديد مجريات مرحلة ما بعد التكليف وأي وجهة ستسلكها الأمور في مرحلة التأليف، او ترجيح ما إذا كانت الحلبة السياسية تتقدّم نحو الدخول في اشتباك سياسي، فإنّ مصادر وسطية بارزة رفضت ان يُعتبر تكليف القاضي سلام انتصاراً لجهة سياسية بعينها، كما رفضت ما سمّته «المنطق الإستعلائي الذي ساقه البعض». وقالت لـ«الجمهورية»: «هذا خطأ كبير ومكلف جداً، يرتكبه من يقول بوجود رابح وخاسر، ويعتبر انّ في الإمكان الإخلال بالتوازنات الداخلية السياسية وعزل طرف اساسي أو تجاوزه، خصوصاً في تشكيل الحكومة».

وفيما بدا أنّ ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» قد لوحّا بالميثاقية، ليس في استشارات التكليف التي لم يمنحا فيها اصواتهما للقاضي سلام، فحسب، بل في التأليف، مع إبقاء الباب مفتوحاً على كلّ الاحتمالات بما فيها رفضهما المشاركة في الحكومة، برزت في موازاة ذلك بعض الأصوات من جانب المعارضة تقول بإمكان توفّر الميثاقية لحكومة سلام من خلال إشراك شخصيّات شيعيّة في الحكومة من خارج الثنائي.

على أنّ هذا الأمر، إنْ تمّ، كما تقول مصادر سياسية، معناه الدخول في اشتباك لا أحد يعرف حجمه او مداه. وهذا التوجّه لا يتلاقى معه رئيس الجمهورية ويرفضه، والأمر نفسه ينسحب على الرئيس المكلّف»، فيما تجنّبت مصادر «الثنائي» مقاربة هذا الاحتمال، ورفضت التوصيفات التي قالت بوجود مطبّ شيعي أمام الحكومة، واكتفت بالقول رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «لا يوجد أي موقف شخصي من الرئيس المكلّف. فقد جرت الاستشارات النيابية الملزمة وانتهت إلى ما انتهت اليه، وبتنا أمام مسار مفتاحه بيد الرئيس المكلّف، يعني بصريح العبارة، الكرة في ملعبه، وفي ضوء ما يبدر عنه يُبنى على الشيء مقتضاه».

وقالت مصادر مطلعة على أجواء الثنائي لـ«الجمهورية»، «إنّ ما سُمّي مطبّاً شيعياً، يتحدّد ما إذا كان سيترسخ أكثر أو يُزاح من الطريق، في الحوارات والنقاشات التي يفترض أن تحصل بينهما وبين الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، سواء في الإستشارات غير الملزمة أو بعدها».

المصدر: الجمهورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce