بوادر “حرب داخلية” في الحزب الاشتراكي بسبب رئاسة الحكومة الفرنسيّة…
قال محللون أن عملية اختيار رئيس الوزراء الفرنسي الجديد تسهم في زيادة التوترات داخل ائتلاف اليسار، خاصة الحزب الاشتراكي.
ويذهب متابعون إلى اعتبار أن أزمة تشكيل الحكومة الجديدة في فرنسا دفعت الحزب إلى انقسامات وخلافات غير مسبوقة.
نقاشات حول مستقبل اليسار
واعتبر الباحث السياسي فريديريك فيليبو، في حديث لـ “إرم نيوز” أنه “رغم عدم ظهور الحرب الداخلية في الحزب الاشتراكي بشكل تام بعد، فإن بوادرها تتجلى بوضوح”، وفق تعبيره.
وأكد فيليبو أن “المناقشات تظل قائمة حول مستقبل اليسار بشكل عام، مع اعتقاد البعض بأن تحديد مصير الحزب الاشتراكي يحتاج إلى التفكير في مستقبل التحالف بين أحزاب اليسار”.
وأضاف فيليبو أنه “بعيدًا عن اسم رئيس الوزراء المقبل، يستعد الجميع للانتخابات المقبلة، خاصةً الرئاسية في 2027، إذ يأمل بعض الاشتراكيين في الانفصال عن التحالف مع حزب (فرنسا الأبية) اليساري المتطرف، وهو تحدٍ كبير نظرًا لتجارب الانتخابات السابقة”.
وحذّر الباحث السياسي من أن “تلك الانقسامات داخل الحزب الاشتراكي قد تمنح الرئيس ماكرون فرصة لتحقيق أهدافه”، موضحًا أنه “يُعتقد أنه يسعى لتفكيك الحزب كما فعل مع الجمهوريين، وهو هدف يكتسب أهمية قصوى بالنسبة إليه حاليًا”، وفق تقديره.
إستراتيجيات مختلفة
من جهته، رأى سيلفستر مونجريني الباحث السياسي في “معهد توماس مور جون”، أن “تيارات الأقلية في الحزب تسعى إلى الحفاظ على الحوار مع “الإليزيه”.
وشدد في حديث لـ “إرم نيوز” على “ضرورة أن يكون هذا الحوار بنّاء تجاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلا أن هذا الاتجاه يواجه مقاومة قوية من زعيم الحزب أوليفييه فور”.
وقال مونجريني إنه “رغم أن الصراع الداخلي لم يصل إلى ذروته بعد، فإن بوادره بدأت تظهر، حيث عكس الحزب الاشتراكي انقساماته خلال الأيام الثلاثة التي أقامها في مدينة (بلوا) من 29 إلى 31 من أغسطس الماضي”.
وأشار الباحث إلى أن “محور الخلاف هو دعم الحزب لرئيس الوزراء المقبل، الذي لم يُكشف عنه بعد، وهو موضوع ذو أهمية خاصة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت قبل شهرين”.
واعتبر مونجريني أن “الحزب الاشتراكي ما يزال يتنقل بين إستراتيجيات مختلفة؛ من جهة، يتمسك أوليفييه فور بموقفه الرافض للتفاوض مع الإليزيه، خصوصًا بعد إقالة لوسي كاستيس، المرشحة المحتملة لرئاسة الحكومة”.
ونوه إلى أنه “على الجانب الآخر، يسعى الأعضاء في تيار الأقلية إلى تبني موقف بنّاء، حيث يتم طرح اسم برنارد كازينوف، رئيس الوزراء الأسبق، بشكل متكرر”.
انقسامات
وأشار نيكولا ماير روسينول عمدة مدينة “روان”، إلى أن “معارضي نهج زعيم حزب الاشتراكيين أوليفييه فور يشكلون الأغلبية بين الناشطين، رغم عدم تمتعهم بالمناصب القيادية داخل الحزب، وقد دعا إلى إستراتيجية “لا ميلانشون ولا ماكرون”.
وأشار إلى وجود انقسامات بين بعض الاشتراكيين وحركة “فرنسا الأبية”.
وتتشارك آراء مشابهة داخل الحزب، حيث أكدت هيلين جيفروي، عمدة فولكس أون فيلين، ضرورة “تغيير الإستراتيجية” وترك أسلوب “الصوت والغضب” وفق تعبيرها.
ومع ذلك، يبقى النقاش حول كيفية تحقيق ذلك.. وأكدت قائدة في الحزب الاشتراكي، كارول ديلجا أن “المهمة الأساسية للاشتراكيين هي الحكم”.
من ناحية أخرى، يظهر أوليفييه فور عدم استعداده لدعم أي شخصية “ملزمة” من قبل الرئيس الفرنسي، في منصب رئاسة الوزراء، ويواصل الدفع لترشيح لوسي كاستيس، سعيًا لإظهار وحدة الحزب من خلال تنظيم لقاءات مع مرشحي الجبهة الشعبية الجديدة.
وفي تصريحاته، أشار فور إلى أن دعم النواب الاشتراكيين لحكومة ليست من الجبهة الشعبية الجديدة سيؤدي بهم إلى أن يصبحوا “أقلية في حكومة يمينية”.
وأكدت كاستيس أن ماكرون يسعى لإعطاء اليسار بعض المسؤوليات، لكن ذلك يتطلب منه التراجع عن بعض مواقفه.