“ترسانة ضخمة” لحزب الله في مواجهة إسرائيل
“ترسانة ضخمة” لحزب الله في مواجهة إسرائيل
تثار التساؤلات عن ترسانة أسلحة حزب الله في لبنان مع تصاعد التوترات على طول الحدود مع تعهده بالرد على اغتيال إسرائيل أحد أهم قادته، فؤاد شكر، في الثلاثين من تموز.
وارتفع منسوب التوتر بشكل حاد مع اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في صبيحة اليوم التالي في طهران.
ومن شأن أي هجمات شديدة بين أي من هذه الأطراف أن تجر إسرائيل ولبنان ومعظم المنطقة إلى حرب شاملة.
وسبق للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن حذر في وقت سابق من أن أي مكان في إسرائيل “لن يكون بمنأى” عن صواريخ مقاتليه في حال اندلاع حرب.
وقال إن “حزب الله لم يستخدم سوى جزء بسيط من ترسانته منذ بداية الحرب في غزة قبل نحو عشرة أشهر”.
وإيران هي الداعم الرئيسي ومورد الأسلحة الأساسي لحزب الله. والكثير من أسلحة الحزب هي طرز إيرانية أو روسية أو صينية.
والجمعة، أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بأن “الحرس الثوري الإيراني أضاف ما مجموعه 2654 نظاما عسكريا بينها صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى ومسيّرات متفجرة وقتالية واستطلاعية بالإضافة إلى وحدات الحرب الإلكترونية”.
خلال أكثر من عشرة أشهر من الصراع عبر الحدود مع إسرائيل، على خلفية الحرب المستمرة في غزة، شن حزب الله المئات من الهجمات لاختبار الثغرات في الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وكشف فيها النقاب عن أسلحة جديدة ردا على مقتل كبار القادة داخل لبنان.
وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية للصحفيين الشهر الماضي إن حزب الله أطلق 6800 صاروخ منذ بدء التصعيد عبر الحدود.
وبحسب الباحثة في مركز “كونترول ريسكس” دينا عرقجي، كان لدى الحزب في العام 2006 قرابة “15 ألف صاروخ”، وهو عدد “تضاعف نحو عشر مرات” على الأقل وفق التقديرات، وفق ما تنقل عنها “فرانس برس”.
وتلقى حزب الله شحنات كبيرة من الصواريخ والطائرات بدون طيار من إيران، وبدأ مؤخرا في إنتاج أسلحته الخاصة. كما يتميز الحزب بقدرات دفاع جوي، وهو ما لا تمتلكه أغلب الجماعات في المنطقة.
وتتضمن ترسانة الحزب صواريخ موجهة وغير موجهة، ومدفعية مضادة للدبابات، وصواريخ باليستية ومضادة للسفن، فضلاً عن طائرات بدون طيار محملة بالمتفجرات، مما يسمح لها بالوصول إلى عمق الأراضي الإسرائيلية.
ولدى الحزب ما يصل إلى 150 ألف صاروخ وقذيفة، وفقا لكتاب حقائق العالم الصادر عن وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
وقال نصر الله في 2021 إن “لدى الحزب 100 ألف مقاتل”.
ويقول كتاب حقائق العالم إن “التقديرات في 2022 تشير إلى أن عدد المقاتلين بلغ 45 ألفا مقسمين وأن 20 ألفا منهم متفرغون”.
وأسفر التصعيد عبر الحدود عن تهجير عشرات الآلاف من المدنيين على جانبي الحدود، واستشهاد 565 شخصا على الأقل في لبنان بينهم 116 مدنيا على الأقل، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس، استنادا إلى السلطات اللبنانية وبيانات حزب الله.
وتسببت الهجمات في أضرار بقيمة 1.5 مليار دولار ودمرت حوالي 1700 مبنى، وفقا لتقديرات الحكومة اللبنانية.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية مقتل 22 عسكريا و26 مدنيا على الأقل منذ بدء التصعيد، بينهم 12 في الجولان.
يقول المسؤولون الإسرائيليون إن “هجمات حزب الله قتلت 19 جنديا و24 مدنيا. كما ألحقت أضرارا بمئات المنازل وأحرقت أكثر من 40 ألف فدان”.
ومعظم أسلحة حزب الله هي ذخائر غير موجهة من الدرجة الأدنى، “والتي قد تهدد أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية إذا أطلقت بأعداد كبيرة. والأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإسرائيل هو الذخائر الدقيقة التي قال الحزب إنه يمتلكها”، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.
وشكلت القذائف غير الموجهة الجزء الأكبر من ترسانة حزب الله الصاروخية في حربها مع إسرائيل عام 2006، عندما أطلق نحو أربعة آلاف صاروخ على إسرائيل، معظمها كاتيوشا يصل مداها إلى 30 كيلومترا.
ويحتفظ حزب الله بغطاء محكم على ترسانته، مما يترك خبراء الأسلحة لتخمين المدى الكامل لقدراته. والكثير مما هو معروف للعامة يأتي من تصريحات الحزب ونصر الله، الذي يقول إن مقاتليه استخدموا “جزءًا فقط من أسلحتنا” في تصعيد الهجمات على مستوطنات الشمال الإسرائيلية منذ 8 تشرين الأول.
وقال نصر الله إن “أكبر تغيير في ترسانة الحزب منذ 2006 هو التوسع في أنظمة التوجيه الدقيق لديها وإن حزب الله لديه القدرة على تزويد الصواريخ بأنظمة توجيه داخل لبنان”.
ويمتلك حزب الله أنواعا إيرانية، مثل صواريخ رعد وفجر وزلزال. وشملت الصواريخ التي أطلقها حزب الله على إسرائيل خلال حرب غزة منذ تشرين الأول صواريخ كاتيوشا وبركان بحمولة متفجرة تتراوح بين 300 و500 كيلوغرام.
واستخدم الحزب لأول مرة في حزيران صواريخ فلق 2 إيرانية الصنع التي يمكنها حمل رأس حربي أكبر من صواريخ فلق 1 المستخدمة في الماضي.
بدأ حزب الله في ضرب شمال إسرائيل لأول مرة بعد يوم من اقتحام مسلحين بقيادة حماس للبلاد في 7 تشرين الأول، مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز حوالي 250 رهينة.
وقال الحزب إنها سيواصل القتال حتى توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار في غزة.
استخدم حزب الله صواريخ وقذائف قصيرة المدى مختلفة، في البداية استهدفت الدبابات وغيرها من المعدات التقنية بالقرب من الحدود قبل التقدم إلى الهجمات على الثكنات والقواعد العسكرية.
وفي 11 تشرين الثاني، كشف نصر الله أن حزب الله يستخدم صواريخ بركان.
وفقا لفابيان هينز، محلل الدفاع والعسكرية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أصبحت بركان “سلاحا مميزا للجماعات المدعومة من إيران في المنطقة”، بحسب ما تنقل عنه “واشنطن بوست”.
ومن بين تلك الأسلحة التي يمتلكها واستخدمها حزب الله مؤخرا صاروخ فلق طويل المدى والمزوّد برأس حربي معزز.
وبحسب مقابلة بثتها قناة المنار التابعة لحزب الله مع ضابط في وحدة سلاح المدفعية في الحزب في 6 تموز، يمكن لصاروخ فلق-1 أن يصل إلى أهداف حتى عمق 11 كيلومترا.
ويقول الخبير العسكري رياض قهوجي إن الصاروخ الإيراني الصنع “ليس دقيقا” ولديه “هامش خطأ قد يصل إلى أكثر من ثلاثة كيلومترات”، بحسب ما تنقل عنه “فرانس برس”.
ويستخدم حزب الله، الذي أعلن مرارا منذ بدء التصعيد مع إسرائيل استخدام صواريخ فلق-1 لقصف مواقع عسكرية، صواريخ أخرى أكثر دقة بينها الصواريخ المضادة للدبابات والكورنيت وسواها”، وفق قهوجي.
واتهم الجيش الإسرائيلي في 27 تموز الماضي حزب الله بإطلاق صاروخ من طراز فلق-1، زنة رأسه الحربية 53 كلغ، سقط في ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس التي تقطنها غالبية درزية، ما أسفر عن مقتل 12 طفلاً.
استخدم الحزب الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات بشكل مكثف في حرب 2006 ونشرت صواريخ موجهة مجددا، من بينها صواريخ كورنيت روسية الصنع.
خلال الصراع الحالي، استخدم حزب الله بشكل متكرر صواريخ كورنيت المحمولة المضادة للدبابات المصنوعة في روسيا، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.
وأفاد تقرير بثته قناة الميادين الموالية لإيران بأن حزب الله استخدم أيضا صاروخا موجها إيراني الصنع يُعرف باسم (ألماس).
ووصف تقرير من مركز ألما للأبحاث والتعليم الإسرائيلي صاروخ ألماس بأنه يمكنه ضرب أهداف خارج خط الرؤية متبعا مسارا مقوسا، مما يمكنه من الضرب من أعلى.
وأضاف التقرير أن هذا الصاروخ من عائلة أسلحة صنعتها إيران من خلال الهندسة العكسية اعتمادا على عائلة الصواريخ سبايك الإسرائيلية.
من غير المعتاد أن تمتلك جهات فاعلة غير حكومية مثل حزب الله قدرات دفاع جوي، مما يشير إلى مدى استعداد المجموعة للحرب.
وبحسب ما تنقل “واشنطن بوست” عن هينز، استخدم حزب الله ذخائر أرض-جو، وأبرزها صاروخ 358 المضاد للطائرات الإيراني الصنع، لإسقاط طائرات بدون طيار إسرائيلية.
وفي مناسبتين على الأقل، زعمت الجماعة أنها استخدمت ذخائر أكثر تطورا، على الأرجح صاروخ صياد-2 سي الإيراني، كما قال هينز، وهو صاروخ موجه بالرادار يمكنه الوصول إلى أهداف على ارتفاع 90 ألف قدم تقريبا ضد الطائرات المقاتلة الإسرائيلية، مما أجبرها على التراجع.
وأسقط حزب الله طائرات مسيرة إسرائيلية عدة مرات خلال هذا الصراع باستخدام صواريخ سطح-جو، منها طائرات مسيرة من طرازي هيرميس 450 وهيرميس 900.
ورغم الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن حزب الله لديه صواريخ مضادة للطائرات، كانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الجماعة هذه الأسلحة.
منذ أشهر عدة، يستخدم حزب الله بكثافة الطائرات المسيرة في هجماته على مواقع عسكرية إسرائيلية، قريبة عموما من الحدود وأحياناً أكثر عمقا داخل إسرائيل.
ونشر الحزب الشهر الماضي ثلاثة مقاطع مصورة التقطتها مسيراته، أظهرت مسحا شاملا لأهداف إسرائيلية حساسة، آخرها قاعدة رامات دافيد في وسط اسرائيل في 23 تموز.
وتتضمن ترسانة حزب الله طائرات مسيرة مجمعة محليا من طرازي أيوب ومرصاد، ويقول محللون إن من الممكن إنتاج هذه الطائرات بسعر رخيص وبكميات كبيرة.
ويمتلك الحزب أيضا طائرات شاهد 136 وغيرها من الطائرات بدون طيار المصنعة في إيران والموجهة بنظامي التوجيه الكهروضوئي ونظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس”.
ويبدو أن إسرائيل في المقابل كثفت من التشويش في لبنان، مما يقطع خدمات “جي بي أس”.
والسبت، أعلن حزب الله أنه شن هجوما “بأسراب من المسيرات” على قاعدة “محفاة ألون” العسكرية في شمال إسرائيل، رداً على قتل مسؤول في حركة حماس الفلسطينية بغارة في مدينة صيدا بجنوب لبنان، الجمعة.
وكشف حزب الله لأول مرة أن لديه صواريخ مضادة للسفن في 2006 عندما أصاب سفينة حربية إسرائيلية على بعد 16 كيلومترا قبالة الساحل مما أدى إلى مقتل أربعة إسرائيليين وإلحاق أضرار بالسفينة.
وتقول مصادر مطلعة على ترسانة حزب الله إنه حصل منذ حرب 2006 على الصاروخ ياخونت روسي الصنع المضاد للسفن والذي يصل مداه إلى 300 كيلومتر، بحسب وكالة رويترز. ولم يؤكد حزب الله قط امتلاكه هذا السلاح.
ويشير هينز إلى أن حزب الله سري بشأن ترسانته، “استغرق الأمر 13 عاما حتى تكشف الجماعة عن استخدامها لصاروخ C-802 لإغراق سفينة إسرائيلية في عام 2006.
ويرى تحليل لـ”واشنطن بوست” أنه إذا حدثت حرب شاملة، قد لا يتمكن نظام القبة الحديدية الإسرائيلي من التصدي لهجمات مكثفة يتم فيها إطلاق مئات الصواريخ الصغيرة في نفس الوقت، خاصة أن إسرائيل استنفدت بالفعل الكثير من صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية أثناء الحرب في غزة.