“بيروت وتل أبيب وطهران”… أسباب إلغاء رحلات جوية بالمنطقة
من منظور عسكري وتكنولوجي، تتعدد أسباب إلغاء العديد من شركات الطيران لرحلاتها إلى بيروت وتل أبيب وطهران، في ظل تصاعد المخاوف من امتداد الحرب في غزة وتوسعها إلى نزاع إقليمي، خاصة بعد مقتل قائدين بارزين في حماس وحزب الله في طهران وبيروت قبل أيام.
وأحيا مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في إيران، وغارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل القيادي البارز في حزب الله، فؤاد شكر، في بيروت، مخاوف من اتساع نطاق الحرب بين إسرائيل وحلفائها من جهة وإيران والفصائل التي تدعمها في لبنان وسوريا والعراق واليمن من جهة أخرى.
وتتزايد المخاوف من اندلاع نزاع إقليمي واسع مع توعد إيران وحلفائها بالرد على مقتل هنية وشكر، ومع تعزيز الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة.
ومن الناحية الأمنية، وحرصا على حياة الركاب، تطرح تساؤلات بشأن إمكانية أن تصاب الطائرات بصواريخ، وتأثير التشويش على أنظمة الملاحة التي تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس)، وإمكانية أن تقصف المدارج في المطارات.
ويرى الخبير العسكري، إسماعيل أبو أيوب، أنه في حال اندلاع أي حرب في المنطقة سيكون هناك خطر بالغ على الطيران المدني، خاصة بسبب إطلاق الصواريخ والمسيرات وتحليق المقاتلات الحربية.
ويقول في حديثه لموقع “الحرة” إنه في حالة الحروب يجب أن يتجنب الطيران المدني مناطق الصراع، خاصة في ظل تزايد المؤشرات بشأن احتمال توسع الصراع مع دعوة عدة دول لمغادرة مواطنيها وإلغاء الرحلات وتعزيز التواجد العسكري الأميركي.
ويشير إلى أن الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة قد تكون أخطر على الطائرات المدنية، ويوضح أن الصواريخ الباليستية “قد لا تشكل خطرا مباشرا على الطائرات المدنية أثناء تحليقها في الجو، لأنها تخترق الغلاف الغازي، لكن تؤثر على المنطقة الساقطة فيها والخارجة منها، أثناء انطلاقها باتجاه الفضاء وأثناء النزول باتجاه الهدف”.
وأضاف أبو أيوب أن التهديدات المتصاعدة من إيران وحزب الله تشير إلى أن هناك ضربة لكن لا أحد يعرف وقتها، لذلك تقوم الكثير من الشركات بإلغاء رحلاتها لتفادي الخطر والاصطدام بأي مقذوف جوي.
ولفت إلى أن الطائرات معرضة لأن تصاب بالصواريخ، وقد سجلت حوادث مشابهة في الماضي، ومنها ما هو مقصود وغير مقصود، ومناطق الحروب يتجنبها الطيران المدني نظرا لشدة الخطورة.
وعن احتمالية ضرب المدارج مثل ما حدث لمطار بيروت خلال حرب تموز 2006 في لبنان، لم يستبعد الخبير العسكري هذا السيناريو، وقال إن شركات الطيران تتفاداه قبل حصوله، والقصف يمكن أن يصيب أيضا مدارج مطار بن غوريون ومطارات عسكرية أخرى.
بدوره يشير اللواء الطيار المتقاعد والخبير العسكري، مأمون أبو نوار، إلى أن التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) قد يؤثر على أنظمة الملاحة في الطائرات المدنية.
ويقول في حديثه لموقع “الحرة” إن “الصواريخ لا تكون مقيدة فوق منطقة العمليات، واحتمالية إصابة الطائرات واردة، والمدارج يمكن أن تقصف وبالتالي لا تستطيع الطائرات الهبوط عليها”.
وأضاف أن الصواريخ والتشويش وقصف المدارج هي أمور تؤثر بشكل مباشر على أمن الطيران المدني، ولذلك تقوم الشركات بإلغاء وتعليق رحلاتها حفاظا على سلامة الركاب.
وأعلنت الخطوط الجوية الكويتية، السبت، عن تشغيل آخر رحلاتها من بيروت اليوم الأحد، وذلك للمسافرين الراغبين بالعودة إلى الكويت.
وقررت شركتا “إير فرانس” و”ترانسافيا فرانس” تمديد تعليق رحلاتهما إلى بيروت حتى 6 أغسطس على الأقل “بسبب الوضع الأمني”، وفق ما أعلنت الشركة الأم “إير فرانس-كا إل إم”، السبت.
وعلقت الشركتان خدماتهما إلى العاصمة اللبنانية منذ 29 تموز، وسط مخاوف من تصعيد عسكري بين إسرائيل وحزب الله. وقال ناطق باسم “إير فرانس” لوكالة فرانس برس إن الرحلات مع تل أبيب “مستمرة بصورة طبيعية”.
وتتجنب شركات طيران المجالين الجويين الإيراني واللبناني وتلغي رحلاتها إلى إسرائيل ولبنان مع تنامي المخاوف من احتمال اتساع دائرة الصراع في الشرق الأوسط بعد مقتل هنية وشكر قبل أيام.
وقالت الخطوط الجوية السنغافورية في بيان لرويترز إنها أوقفت تسيير رحلات عبر المجال الجوي الإيراني منذ صباح الجمعة وإنها تستخدم مسارات بديلة، مؤكدة أن السلامة هي أولويتها القصوى.
وأظهرت بيانات من خدمة فلايت رادار 24 لتتبع الرحلات الجوية أن شركة إيفا إير التايوانية والخطوط الجوية الصينية تتجنبان أيضا على ما يبدو المجال الجوي الإيراني في الرحلات المتجهة إلى أمستردام، الجمعة، بعدما كانت تحلق من قبل فوق إيران.
وأصدرت أو.بي.أس غروب، وهي منظمة تعتمد على العضوية وتقدم معلومات عن مخاطر الطيران، نشرة نصحت فيها بتجنب المجالين الجويين الإيراني والعراقي عند تسيير الرحلات بين آسيا وأوروبا، وذلك بعد يوم من قول مصادر لرويترز إن مسؤولين إيرانيين كبارا سيلتقون بممثلين عن حلفاء إيران في المنطقة من لبنان والعراق واليمن لمناقشة الرد المحتمل على إسرائيل.
وتتجنب بالفعل شركات طيران عديدة، ومن بينها شركات أميركية وأوروبية، التحليق فوق إيران خاصة منذ الهجمات المتبادلة بالصواريخ والطائرات المسيرة بين إيران وإسرائيل في نيسان الماضي.
وأظهرت خدمة فلايت رادار 24 أن رحلة الخطوط الجوية السنغافورية المتجهة إلى مطار هيثرو في لندن في وقت مبكر من صباح الجمعة مرت شمالي إيران عبر تركمانستان وأذربيجان بدلا من المرور فوق إيران مثلما فعلت الخميس.
غير أن عددا كبيرا من شركات الطيران لا يزال يحلق فوق إيران حتى الجمعة، مثل شركات الاتحاد للطيران وطيران الإمارات وفلاي دبي الإماراتية وكذلك الخطوط الجوية القطرية والخطوط الجوية التركية.
وقالت إير إنديا ومجموعة لوفتهانزا الألمانية ويونايتد إيرلاينز ودلتا إير الأميركيتان والخطوط الجوية الإيطالية (إيتا) خلال اليومين الماضيين إنها علقت رحلاتها إلى تل أبيب.
كما ألغت شركات طيران هذا الأسبوع رحلاتها إلى بيروت أو أرجأتها بعد ضربة يوم السبت الماضي على هضبة الجولان المحتلة ألقت إسرائيل بالمسؤولية عنها على حزب الله. ونفى الحزب شن الهجوم.
وأصدرت كندا، الخميس، إشعارا للطائرات الكندية بتجنب المجال الجوي اللبناني لمدة شهر بسبب مخاطر النشاط العسكري التي تهدد الطيران.
وحذرت بريطانيا الطيارين الشهر الماضي من المخاطر المحتملة من الأسلحة المضادة للطائرات والنشاط العسكري في المجال الجوي اللبناني.
وقالت أو.بي.أس غروب إن الطيران المدني سيواجه على الأرجح في حالة اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط خطر عبور طائرات مسيرة وصواريخ في الممرات الجوية، بالإضافة إلى زيادة خطر العبث بنظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس)، وهي ظاهرة متنامية في لبنان وإسرائيل حيث يبث الجيش الإسرائيلي وأطراف أخرى إشارات تخدع نظام تحديد المواقع العالمي بالطائرات لتجعل الطيار يعتقد أنه في مكان آخر.
وفي هذا الشأن يقول الخبير التكنولوجي، سلوم الدحداح، إن التشويش على أنظمة الملاحة الخاصة بالطائرات يمكن أن يؤدي إلى كارثة، وهو أمر لم يحدث حتى الآن، باستثناء تشويش متعمد في بعض الحالات، مثل الهواتف الذكية التي تستقبل إشارات جي بي أس.
ويوضح في حديثه لموقع “الحرة” أن “أنظمة الجي بي أس في الطائرات تتصل بأقمار اصطناعية وشبكات أخرى، كي تكون هناك دقة وسرعة في الاستجابة، واحتمالية الخطأ تكون أقل من تلك التي يمكن أن تحدث بالهواتف الذكية”.
واستبعد الخبير التكنولوجي أن يكون التشويش سببا رئيسيا لإلغاء الرحلات، مرجعا ذلك بشكل أساسي إلى قرع طبول الحرب، وإلى عدم تغطية شركات التأمين لحوادث تتعلق بالحروب والنزاعات والأعمال العسكرية.