“الصبر الإستراتيجي”… لا ردّ سريعاً
على الرغم من المعطيات الميدانية، على الأقل لجهة الإستعدادات الإسرائيلية، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً في مقاربة ردّ “حزب الله” على اغتيال القائد فؤاد شكر، لن يخرج عن معادلة “الصبر الإستراتيجي”، وهو ما اتّضح من خطاب السيد حسن نصرالله، وفق ما يلاحظ الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، الذي يكشف أن المعركة بين الحزب وإسرائيل، ستنتقل إلى مرحلة جديدة، مشيراً إلى أن نصرالله اعترف أنها معركة وليست كما كان يُقال بأنها “تراشق”.
وفي حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، يتحدث العميد ملاعب عن 3 أمور قد استجدت وفق تحليل نصرالله، وهي أولاً أن الضاحية قد استهدفت بمعنى أنها خارج الميدان، وثانياً أن مدنيين قد استشهدوا وأصيب العشرات بجروح، وهذا تجاوز لما كان يسمّى بقواعد الإشتباك، وثالثاً، استهداف شخصية من الرعيل الأول في المقاومة ومن مؤسسيها.
وهذه الإشارة ترسم حدود الردّ المنتظر من “حزب الله”، وفق ملاعب، والذي من الممكن أن يتجاوز الخطوط الحمر، من حيث المدى المفتوح، ومن حيث اختيار الهدف الذي سيتناسب مع الخسارة التي وقعت في صفوف المدنيين، ولكن من دون استهداف المدنيين، لأنه يحاول حتى الآن الحفاظ على بيئته وعمقه اللبناني بحصر القتال في معركة واحدة في مكان مفتوح واحد في الجنوب، ومع كل الخسائر التي تحصل والدمار اليومي الذي يحصل للقرى الجنوبية، بحيث أنه ألزم العدو بعدم استهداف مدنيين، ولذلك لن يقدم خدمةً للعدو أن يتوغل في الداخل اللبناني وأن يستهدف مدنيين، وبالتالي، فإن الهدف لدى الحزب، عسكرياً أو استراتيجياً وليس هدفاً مدنياً.
إلاّ أن ملاعب لا يتوقع أن يكون الردّ سريعاً، لأن الحزب يريد أن يبقى العدو “على أعصابه”، وبالتالي، سيواصل ممارسة حرب نفسية وقد مارسها الحزب سابقاً ومن المتوقع أن يمارسها اليوم، وهي من ضمن سياسة “الصبر الإستراتيجي” التي يعتمدها دائماً، وعلى الطريقة الإيرانية، أي أن “الردّ في الزمان والمكان الذي يختاره”، بمعنى أن “الردّ لن يحصل فوراً”.
وأمّا بالنسبة لتلازم ردّ الحزب مع ردّ كامل المحور، فيشدِّد ملاعب أن “جبهة لبنان هي رأس حربة هذا المحور، وعلى تماس مع العدو وهي التي لديها حق تقييم وتقدير الوضع وطلب التدخل، وبالتالي، فإن من يُقرّر على مستوى التدخل من خارج لبنان، يتمّ من لبنان وبما يخدم الجبهة اللبنانية، لأن من سيدفع الثمن هو لبنان، بسبب البعد الجغرافي لليمن وايران والعراق يحميهم من دفع الثمن، بينما على لبنان هناك انعكاسات مباشرة، ولذلك، فإن الحزب يقرّر، وبعد التقييم، كيفية الردّ ولجهة ما إذا كان على مستوى كامل المحور بشكل متزامن أو مترادف”.
ويستنتج ملاعب بأن العدو سيبقى على أعصابه لفترة من الزمن، لأن الأمر متروك للميدان، إلاّ أنه يستدرك بأن أي ردّ، سيقابله ردّ من إسرائيل وسيؤدي إلى تفعيل المعركة بشكل أوسع، ولكن قرار الحزب، بأنها ليست المعركة النهائية، ولذلك سيتقيّد بهدف الإسناد فقط وليس فتح الحرب.
وعلى مستوى الردّ الإسرائيلي، يقول ملاعب إنه “مهما قال العدو إنه جاهز، ويستفيد من الفرصة والدعم الذي يناله من قبل واشنطن والآخرين، ولكن عملياً فقد أصبحت إسرائيل مثل أوكرانيا، وإن لم تحصل على الدعم الأميركي، فلن تستطيع أن تخوض حرباً، علماً أن واشنطن ليست في وارد أن تدعم حرباً في الوقت الحالي، لأن نتنياهو سمع من المرشحين للرئاسة سواء كامالا هاريس أو دونالد ترامب، أصرارهما على وقف القتال وليس توسعته.