باريس: لتجديد تقنيّ لليونيفيل و”تضاريس خصبة” تقوّي الجيش جنوباً

تبقي فرنسا على مواكبتها المحتضنة لبنان بروحية اختلاجات تاريخيّة وهي لا تزال تبحث عن ترياقٍ ديبلوماسيّ ينهي احتدام المعارك النارية الناشبة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وإذا بها توطّد ترتيب التحضيرات لتجديد ولاية قوّة “اليونيفيل” جنوب لبنان من مقعدها في مجلس الأمن الدوليّ، هي الدولة “حاملة القلم” حاليّاً والمتاح لها صياغة نصّ تجديد الولاية، مع كتابة أيّ تعديل – إن اتّخذ – وذلك بالاتفاق بين أعضاء مجلس الأمن والدول المعنية.

وبذلك، يشتمل الهدف الأساسيّ الحاليّ للإدارة الفرنسية على التجديد التقنيّ لقوّات حفظ السلام جنوب لبنان وتحفيز تطبيق القرار الدوليّ 1701، فيما يمكن أن يؤدّي أيّ تغيير في جوهر هذه المعادلة إلى مفاوضات معقّدة قد تحتاج إلى وقت من دون إغفال تحديات سابقة حيث كانت روسيا والصين قد امتنعتا عن التصويت السنة الماضية لتجديد ولاية “اليونيفيل” في جنوب لبنان. تثابر المساعي الفرنسيّة الناصعة حاليّاً على تجديد تقنيّ بحت للنصّ الخاصّ بولاية “اليونيفيل”. هذا ما يكشفه مصدر ديبلوماسيّ غربيّ لـ”النهار” مع تقليله من إمكان بلورة طلب إرسال عديد فرنسيّ إضافيّ إلى كتيبة “اليونيفيل” في الجنوب اللبناني خلال هذه المرحلة، لأنّ ذلك قد يحتاج إلى انعقاد مفاوضات طويلة ترعاها الدول الأساسية المواكبة للملفّ، فيما سيؤدي أيّ طلب مستجدّ من دولة معيّنة إلى اقتراحات من مكوّنات أخرى مواكبة مباشرة للتطوّرات أيضاً، ما يحدو في “الريشة الفرنسية” أن تخصّص اهتمامات حبرها للتجديد التقنيّ للنصّ الخاصّ بولاية “اليونيفيل” بما يتلاقى مع الطريقة التي انتهجت السنة الماضية، وهذا ما يشكّل بمثابة التوجّه الفرنسيّ الصريح تحديداً بعيداً عن الخلافات بين الدول.

وتشير آخر المعطيات إلى أنّ فكرة تطوير عديد الجنود الفرنسيين في كتيبة “اليونيفيل” ليس مطروحاً بإسهاب على طاولة التشاور في غضون المرحلة الحالية، لكن المثابرة التباحثيّة الفرنسية تطمح لتقوية تضاريس خصبة تساند في انتشار الجيش اللبنانيّ في جنوب لبنان وفق ما يتضمّنه القرار الدوليّ 1701، من دون إغفال المشاريع والمساعدات القائمة بين الجيشين الفرنسي واللبناني مع تحفيز مستمرّ ومحاولات دائمة لمنح الجيش اللبنانيّ السلاح الذي يحتاج إليه والخبرة التي تلزمه وسط تبادل للخبرات بين الجيشين على الأرض خصوصاً في غضون تحديات المرحلة التي لا يزال الجيش اللبناني يقوم فيها بالمهمات الملقاة عليه. وهناك استعداد فرنسي دائم لمساعدة الجيش اللبناني في شتّى أعماله بما في ذلك تلك المنصوص عليها في القرار الدوليّ 1701 شمولاً بانتشاره على كافة الأراضي اللبنانية وخاصّة في الجنوب اللبناني. وإن كانت ثمة استفهامات مطروحة حول ما إذا بات من المؤكّد عدم طلب تعديل مهمة “اليونيفيل” خلال تجديد الولاية المنتظرة، فإنّ المؤشّرات الديبلوماسية تنحو في اتجاه العمل على تمديد تقني بحت لا يغيّر في صميم مضمون النصّ حتى وإن احتوى تعديلاً تدوينيّاً لن يغيّر العمق، فيما كان حصل بعض التعديل المحدود في طريقة تنقيحه السنة الماضية لكن من دون أيّ تغيير في الجوهر الذي بقي على حاله. ولا تتوانى المواقف المتخذة من الديبلوماسية الفرنسية ورئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون عن التأكيد أنّ الإطار المناسب لإيجاد حلّ طويل الأمد على الحدود اللبنانية الجنوبية هو القرار الدولي 1701 الذي لا يزال يشكّل الحلّ الوحيد الناجع ولا ضرورة للعمل على تعديل مختلف من ناحية التصوّر الديبلوماسيّ، ذلك أنّ القرار 1701 يتطابق مع قوام المرحلة حاليّاً وفق اتفاق المعنيين بمن فيهم الإسرائيليون والأميركيون. ويمكن لتطبيق مندرجاته أن يوصل إلى إنهاء مرحلة الاحتدام الملبّدة بالقصف الحربيّ وإرساء سلام عند الحدود اللبنانية الجنوبية.

من ناحيتها، لم تتلقَّ قوّات “اليونيفيل” أجواءً عن تحضيرات لإضافة عديد خاصّ بالكتيبة الفرنسية جنوب لبنان، وفق معطيات “النهار”، فيما يكتفي جواب “اليونيفيل” الرسميّ بالقول إنّ “المسألة متروكة لكلّ دولة في مجلس الأمن لتقرّر ما إن كانت تسعى لنشر قوّات حفظ سلام إضافيّة خلال هذه المرحلة في #الجنوب اللبنانيّ. ليس لدى قوّات حفظ السلام من معلومات حول هذه المسألة حتى الآن، مع الإشارة إلى أنّ مثل هذه التفاصيل ترسل إلى مجلس الأمن بادئ ذي بدء في حال السعي لاتخاذها لا إلى البعثة الموجودة على الأراضي اللبنانية”.

التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أكثر من مناسبة خلال الأشهر الماضية، وتأكّد لـ”النهار” أنّ الرئيسين لم يتباحثا بفكرة تطوير عديد #الكتيبة الفرنسيّة في “اليونيفيل”، وإنما يفكّر الرئيس الفرنسي في هذه المرحلة بالسبل الممكنة لمساعدة الجيش اللبنانيّ حتى يكون في إمكانه القيام بمهامّه وخاصّة في الجنوب اللبناني. في غضون ذلك، لدى رئاسة الحكومة اللبنانية معطيات عن وجود توافق دوليّ على تجديد ولاية “اليونيفيل” انطلاقاً من تمديد تلقائيّ لمضمون القرار من دون أيّ تغيير في فحواه الأساسيّ.

في الاستنتاج الغربيّ، إن كان هناك أيّ طلب من الأمم المتحدة للدول الأعضاء بإرسال جنود إضافيين تعويضاً عن سحب دولٍ أخرى لعناصر لها في “اليونيفيل” فذلك يمكن أن يرتّب قرارات فرنسية في الصدّد، بحسب من يواكب التطورات فرنسيّاً، لكنها مسألة لا تزال بعيدة عن إمكان اتخاذها في التوقيت الحاليّ الذي لا تزال باريس متمسّكة خلاله خصوصاً بإيجاد حلٍّ ديبلوماسيّ يعيد ترسيخ الاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية على المدى الطويل حيث تصبّ جهودها الأساسية في هذا الاتجاه مع سعيها أيضاً للعودة إلى مرحلة ما قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي واغتنام الفرصة لإرساء السلام بطريقة أكثر استدامة لمصلحة لبنان.

المصدر – النهار

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version