ذكرت صحيفة “الأخبار”، أنّ “ديوان المحاسبة الفرنسي شكّك في طريقة إنفاق 214 مليون يورو من المساعدات الفرنسية للبنان بين عامَي 2019 و2021، لافتاً إلى أن الغالبية العظمى من هذه المساعدات صبّت لدى المنظمات غير الحكومية، التي تقرّر بعد انفجار المرفأ أن تُعتمد بديلاً من المؤسسات الحكومية، بحجّة أن الفساد ينخرها، ليتّضح أن الـ”NGOs” ليست أقل فساداً”.

وأوضحت أنّ “الديوان أشار في تقرير أصدره أخيراً، إلى أن إنفاق المساعدات التي وصلت عبر منظمات مدنية فرنسية، كان من دون توثيق، وإلى أن التقرير هو مسح أوّلي “يجب أن يكون بدايةً لعمليةٍ شاملة في مراقبة المبالغ المالية الحكومية الواردة إلى لبنان”، الذي تسلّم بين 2019 و2021 مساعدات مادية وعينيّة بقيمة 3,7 مليارات دولار، تصدّرتها ألمانيا بنسبة 26% من الإنفاق، تليها الولايات المتحدة بـ 20.4%، فمنظمات الاتحاد الأوروبي بـ 11.9%”. وركّزت على أنّ “قاضي الغرفة الرابعة، معدّ التقرير، شكّك في “طريقة الإنفاق المالي في لبنان تحديداً”، وتخوّف من فساد في توزيع المساعدات التي “تصل إلى فئة معيّنة من المستفيدين من دون الأخرى”.

ولفتت الصّحيفة إلى أنّ “على مستوى عمل الأجهزة الفرنسية، أشار التقرير إلى “غياب الإجراءات الرسمية المعتمدة عن تجميع البيانات الخاصة بتوزيع المساعدات”، كما شكّك في “فعالية الرقابة المالية على مستوى كلّ الأجهزة والوكالات الفرنسية العاملة في لبنان”، واصفاً الرقابة بـ”غير المضمونة”.

وبيّنت أنّ “منذ عام 2020، تضاعفت المبالغ الفرنسية المخصصة للبنان 2.7 مرّة، أنفقت على عدد من القطاعات اللبنانية، أبرزها التعليم والتدريب بنسبة 45%، و25% على الصحة، و10% على الزراعة، و10% أخرى لإعادة إعمار المنطقة المحيطة بمرفأ بيروت، وصولاً إلى دعم المجتمع المدني الذي نالت جمعياته 21.4 مليون يورو خلال سنتين (10%)”.

وأفادت بأنّ “جهات حكومية أمنية فرنسية أنفقت أموالاً في لبنان، خلال الفترة نفسها، إلا أنّ التقرير لم يأتِ على تفاصيلها، مثل “مديرية الدفاع والتعاون الأمني، والسفارة الفرنسية”. ووصف التقرير الجهة الأخيرة بأنّها “صاحبة مساهمات متنوعة كونها على اتصال يومي بالسكّان”.

كما أشارت “الأخبار” إلى أنّ “القطاعات الفرنسية التي تصدّت في عملية الدعم، تصدّرتها الوكالة الفرنسية للتنمية، التي وزعت خلال عامين 111 مليون يورو، 90% منها تبرعات تجاهر الوكالة بأنّها “لم تمرّ عبر القنوات الحكومية”، ودفعت 92% منها للمنظمات غير الحكومية، وتوجهت بشكل رئيسي لـ”دعم المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين”. وتلتها وكالة التعليم الفرنسية في الخارج التي أنفقت 33.56 مليون يورو، علماً أنّ هذه الوكالة تدير في لبنان شبكة من 63 مؤسّسة تعليمية معتمدة فرنسياً، يتعلّم فيها أكثر من 60 ألف تلميذ، وتزيد أقساطها بشكل سنوي”.

وتابعت: “رَبط التقرير بين زيارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان وزيادة المساعدات الفرنسية، إذ ارتفع مركز فرنسا بين الجهات المانحة للدولة اللبنانية من المرتبة السادسة، خلال الأعوام 2010 – 2019، إلى المرتبة الرابعة، بمبلغ كلّي وصل إلى 292 مليون دولار. وقطع ديوان المحاسبة الفرنسي أيّ أمل في إعادة إطلاق تعهدات مؤتمر سيدر 2018، بسبب عدم التزام لبنان بالإصلاحات التي طلبت منه وقتها. ووصف النظام المصرفي اللبناني بـ”المعطّل، والسائر في الطريق المسدود”، مشيراً إلى “تضاعف نسبة الفقر في المجتمع اللبناني من 42% عام 2019، إلى 82% عام 2021”.

وشدّدت على أنّ “المحسوبيات اللبنانية حضرت أيضاً بين سطور التقرير، فاستنتج الكاتب أنّ “من المنطقي هيمنة النهج السياسي على توزيع المساعدات، فلبنان مسألة حسّاسة”. وأوصى المدير العام للخزينة الفرنسية بـ”إنشاء نظام مراقبة شامل للمساعدة التي تقدّمها الدولة للبنان”. فالمحكمة لم تتمكّن من “التحقّق من امتثال النفقات للقواعد، والأهداف المحدّدة لها، وفعاليتها على الأرض”. كما أكّدت الغرفة المسؤولة عن التقرير في ديوان المحاسبة الفرنسي، “وجود نقص في الإدارة المالية الشاملة، إذ واجهت صعوبة في جمع البيانات، وجعلها موثوقة”، مطالبةً بـ”الحصول على الأدوات اللازمة لإحصاء المساعدات الفرنسية، وتحسين توجيهها نحو احتياجات السكان الحقيقية”.

ميقاتي يبحث “تفعيل” الحكومة!
ركّزت “الأخبار” على أنّ “مع اقتراب نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يتقدم سيناريو الفراغ الكلي في مؤسسات الدولة المالية والعسكرية والقضائية والإدارية، وتتسع دائرة القلق من امتداد الفراغ إلى حاكمية المصرف (في حال عدم تعيين بديل من سلامة)، ليصيب أيضاً قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والنيابة العامة التمييزية، مع إحالة العماد جوزف عون واللواء عماد عثمان والقاضي غسان عويدات إلى التقاعد”.

ولفتت إلى أنّ “رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يتّخذ من هذا الأمر “حجة” لتوسيع صلاحيات الحكومة، “لتيسير” أمور الدولة وفق ما يقول”.

وكشفت مصادر مطّلعة للصّحيفة، أنّ “ميقاتي بدأ يفاتح القوى السياسية بضرورة العمل على “تفعيل” الحكومة بشكل أكبر، حتى لو وصلَ الأمر إلى قيامها بتعيينات، خصوصاً إذا استمر الفراغ الرئاسي، باعتبار أنه “لا يمكن للبلد وللمؤسسات أن تستمر في حال بقيت الحكومة الحالية مقيّدة”.

وذكرت “الأخبار” أنّ “حتى الآن، لم تلقَ مطالبات ميقاتي تجاوباً من القوى السياسية، التي تتهيب الانقسام السياسي الحاصل حول صلاحية حكومة تصريف الأعمال وعدم دستورية الجلسات التي تعقدها في ظل الفراغ الرئاسي، وتعتبر أن “هذا الأمر إن حصل فسيرفع منسوب المواجهة السياسية، وهو أمر لا يتحمله البلد في ظل التشنج الطائفي الحاصل بفعل الانقسام السياسي الحاد”.

وزير المالية يصادر تقرير التدقيق الجنائي
أكّدت “الأخبار” أنّه “كان يُفترض أن تصدر شركة “ألفاريز أند مارسال” المكلّفة بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، تقريرها منذ 9 أشهر، لكنّ العراقيل والمشكلات المفتعلة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزارة المالية وعدم الاستجابة لطلباتها، أدّت إلى تأخّر عملها”.

وأوضحت أنّ “رغم ذلك، أعدّت الشركة تقريراً مبدئياً من نحو 330 صفحة، حول نتائج التدقيق في حسابات مصرف لبنان وأنشطته، وسلّمته إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل منذ أكثر من أسبوعين. إلا أن الأخير احتفظ بالتقرير لنفسه من دون أي تبرير، ولم يسلّم أي نسخة منه إلى مجلس النواب أو مجلس الوزراء، رغم أن نتائج التقرير تمسّ مباشرة بمصلحة الدولة وشعبها”.

وأشارت الصّحيفة إلى أنّ “الغاية من تكليف الشركة التي تقاضت نحو 2,5 مليون دولار لإعداد التقرير، كانت كشف مكامن الهدر والفساد في المصرف المركزي، حيث بلغت الفجوة المالية نحو 72 مليار دولار. وبالتالي، يفترض بعملية التدقيق الجنائي أن تصل إلى خلاصات جنائية توصّف الجرم وتحدد المسؤولين عنه ووسائل ارتكابه، وتسهّل مهمة إعادة الهيكلة وتوزيع الخسائر عبر الكشف تفصيلياً وبشكل محدد عن الفجوة المالية؛ فضلاً عن ارتباط التحقيق في جزء كبير منه بالملفات القضائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشركائه في لبنان والخارج”.

وعلمت من مصادر مطّلعة، أن “التقرير يتضمن معلومات عن شركة “فوري” المملوكة من شقيق الحاكم، رجا سلامة، والمتهمة بتبييض 330 مليون دولار من أموال مصرف لبنان بالتواطؤ بين الشقيقين. وقد يكون هذا واحداً من الأسباب الكثيرة التي تمنع وزير المال المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري من الكشف عن التقرير”.

في هذا الإطار، أعلن الوزير السابق سليم جريصاتي، الذي أشرف بتكليف من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون على ضمان وصول التدقيق إلى خواتيمه، في تصريح لـ”الأخبار”، أنّ “تواصله مع وزير المال منذ نحو 15 يوماً، وصل إلى حائط مسدود، بعد مماطلة ووعود بإرسال نسخة من التقرير المبدئي للاطّلاع عليه، كون عون كان عرّاب التدقيق، وحجته أنه لا يستطيع تحمّل نتائج تسليم التقرير أو الكشف عن خلاصته الجرمية”. وأكّد أن “خليل قال بشكل واضح إن “ثمة من يمنعه من نشر التقرير”.

وبيّنت الصّحيفة أنّ “حتى الساعة، يواصل وزير المالية التغطية على ارتكابات الحاكم، وعلى نتائج تقرير حول سرقة ودائع اللبنانيين والمال العام، وصولاً إلى الاشتراك في إخفاء معلومات حول هذه الجريمة المتعلقة مباشرة بالمال العام، ويمتنع عن تسليم نسخة من التقرير إلى ميقاتي أو إلى أي جهة قضائية. علماً أن السلطة السياسية لم تكن أساساً مؤيّدة لهذا التدقيق، ووضعت عراقيل في طريقه منذ البداية، إلا أن إصرار عون عليه، خصوصاً غداة الأزمة الاقتصادية، ساهم في إطلاق العملية”.

Share.
Exit mobile version