رعاية الأطفال منذ نعومة اظافرهم هي الخطوة الأساسية والرئيسية لبناء جيل سليم وناجح في مجتمعنا اللبناني بشكل خاص والعربي بشكل عام
في مجتمع تعددت فيه دور الحضانة، منها الصالح ومنها الطالح، لا بدّ لنا من تسليط الضوء على من يُرفع لهم القبعة، في مسيرتهم الإنسانية التي تولي أهمية كبيرة للرعاية السليمة والعناية الصحية لأطفال بيئتنا الكريمة في وطن لا يزال يثابر ويكافح ليستمر بأرضه وشعبه الجبّار.
لذا كان لنا لقاء مع السيدة نضال بركات، لتحدثنا عن مسيرتها التعليمية والتربوية في حضانة Garderie Et Maternelle: Le Jardin Des Anges، التي أوضحت لموقعنا كيفية بناء أجيال سليمة نفسياً وقوية اجتماعياً من خلال هذا الحوار:
“عندما كنت في الرابعة والعشرين من عمري، شعرت بحاجة ماسة لإنشاء مشروع جديد في منطقتي، مشروع يمكن أن يساهم في تنمية الأطفال وتقديم الرعاية اللازمة لهم. في تلك الفترة، كانت الحضانات نادرة في لبنان، وكان هناك نقص واضح في وجود بيئة حضارية للأطفال. من هنا، انطلقت بفكرة إنشاء حضانة، لتكون من أوائل الحضانات في لبنان”.
وأضافت: “آمنت منذ البداية أن مرحلة الطفولة المبكرة، من عمر يوم إلى ست سنوات، هي الأساس في بناء شخصية الطفل. بمساعدة والدي الذي أنشأ لي المبنى واشترى الأرض، بدأت بتطوير الحضانة، مراعيةً جميع معايير السلامة للأطفال. اخترت الألوان والديكور بعناية، وبدأت رحلتي مع خمسة أطفال فقط. على مدى ثلاثين سنة، تطورت الحضانة لتصبح واحدة من أهم الحضانات في لبنان.”
واجهت نضال تحديات عديدة في البداية، إذ كانت صغيرة في العمر وقليلة الخبرة، لكنها كانت تملك الرؤية والإصرار. أوضحت قائلة: “كانت المنطقة في طبرجا نائية، وواجهت صعوبة في الوصول إلى الناس وتعريفهم بالحضانة. لكن، بفضل الجهود المتواصلة والتطوير المستمر، حصلت على رخصة مدرسة واستمرت في تطوير المشروع حتى وصل إلى ما هو عليه الآن.”
وأشارت إلى ما يميز الحضانة بقولها: “التصميم الفريد للمبنى هو أحد مميزات الحضانة، حيث يحتوي كل طابق على فصول دراسية تتناسب مع أعمار الأطفال المختلفة. تضم الحضانة حديقة واسعة بمساحة 1000 متر مربع، مما يوفر بيئة طبيعية وصحية للأطفال. لدينا فريق عمل متخصص،معالج نفسي حركي ومعالج نطق و يتضمن معالجين نفسيين لاكتشاف الصعوبات التعليمية واختصاصيين في مختلف المجالات، مما يتيح لنا الكشف المبكر عن أي صعوبات تعليمية او مشاكل نطق قد يواجهها الأطفال.”
كما تحدثت عن أهمية التغذية والرعاية الصحية للأطفال: “بالإضافة إلى ذلك، لدينا مطابخ وطباخين يهتمون بتغذية الأطفال، وثلاث ممرضات لرعاية الصحة الجسدية والنفسية للأطفال. نحن نستخدم برامج تعليمية متطورة اذ نستعمل ألواح الكتابة التفاعلية، نواكب أحدث المناهج اللبنانية والدولية، لتعزيز التعليم. نظام الأمان لدينا يتضمن كاميرات مراقبة لضمان حماية الأطفال والبيئة التي يعيشون فيها.
من جهة ثانية، أود أن أنوه على أهمية قيامنا بحفلات التخرّج السنوية للأطفال، وقد تمّت هذه السنة تحت شعار لبنان لتعزيز المواطنية عند الأطفال منذ الصّغر.”
وأكملت حديثها عن مكافحة التنمر الإلكتروني وسوء المعاملة: “في الحضانة، نولي اهتمامًا كبيرًا لمكافحة التنمر الإلكتروني وسوء المعاملة، ونقوم بتوعية الأطفال حول هذه القضايا من سن مبكرة. نحرص أيضًا على تعزيز الهوية اللبنانية من خلال تعليم الأطفال عن التراث الثقافي والفني للبنان، مثل الأدباء والشعراء والمناطق المختلفة. نسعى جاهدين لتعزيز اللغة العربية، رغم تعلم اللغات الأجنبية، لإيجاد هوية لبنانية مميزة للأطفال.”
واختتمت حديثها بقولها: “في نهاية المطاف، الحضانة ليست مجرد مكان لرعاية الأطفال، بل هي مؤسسة شاملة تسعى لتقديم بيئة تعليمية متكاملة، تجمع بين الرعاية الصحية والنفسية والتعليمية، لتنشئة جيل جديد من الأطفال قادر على مواجهة تحديات المستقبل بثقة ونجاح.”