اقليمي

موقع لبناني في رفح… إسرائيل تشوّش “جي بي إس” لتشتيت أهداف حزب الله!

موقع لبناني في رفح… إسرائيل تشوّش “جي بي إس” لتشتيت أهداف حزب الله!

قبل أسابيع، كان سائق الأجرة حسين خليل يقود سيارته في بيروت، ليفاجأ بأن موقعه على الخريطة يُظهره في منطقة رفح الفلسطينية، جراء تشويش يتكرر، معرقلاً النقل الجوي والبري، ويقول لبنان إن إسرائيل وراءه.

يقول خليل (36 عاماً) السائق في “أوبر” بينما يقود سيارته في شوارع بيروت المزدحمة لوكالة فرانس برس “نعاني من هذه المشكلة كثيراً منذ خمسة أشهر”.

ويضيف “تمرّ أحياناً ثلاثة أيام لا نستطيع أن نعمل خلالها على الإطلاق، وأحياناً قد نبقى ساعةً أو ساعتين من دون عمل. وطبعاً نخسر”.

جراء ذلك، بات خليل يتجاهل الخريطة الإلكترونية التي لم تعد تظهر المواقع بدقّة، ويستعيض عن ذلك بالاتصال مباشرةً بالزبون لمعرفة مكانه.

ومنذ بدء التصعيد على حدود لبنان الجنوبية بين إسرائيل وحزب الله، بعد يوم من شنّ حركة حماس الفلسطينية هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول، يلحظ سكّان في بيروت بوتيرة متفاوتة، اضطراباً في عمل الخرائط الإلكترونية على غرار “غوغل” المستخدم على نطاق واسع.

وفي أحيان عدة، عند فتح خريطة غوغل يظهر الشخص على أنه في مطار بيروت حتى لو لم يكن هناك.

ويبدو أن التشويش يتعدى بيروت إلى جزيرة قبرص المجاورة، حيث وجدت صحافية فرانس برس نفسها على الخريطة في مطار بيروت، بينما كانت في مدينة لارنكا الساحلية. وفي القدس، وضعت الخريطة صحافية في فرانس برس في القاهرة.

وأحياناً، تسافر الخريطة بالمستخدم أبعد من ذلك بكثير، كما حصل مع خليل الذي يعرض صوراً التقطها لشاشة هاتفه تظهره مرةً في رفح، ومرةً أخرى في مدينة بعلبك (شرقا) فيما هو على بعد أكثر من 60 كلم، في بيروت.

ويقول السائق بتهكّم “اتصلت بي الزبونة وسألتني: أنت في بعلبك؟! قلت لها لا، أحتاج دقيقتين لأصل إلى موقعك”.

يعود الاضطراب في تحديد المواقع عبر تطبيقات النقل على غرار أوبر، إلى تشويش إشارات نظام تحديد المواقع العالمي المعروف اختصارًا بالأحرف الثلاثة: جي بي إس. ويتهم لبنان إسرائيل بالتسبّب به عمداً على خلفية التصعيد مع حزب الله.

ويشرح فريدي خويري، المحلل الأمني لمنطقة الشرق الأوسط في شبكة “راين”، وهي شركة متخصصة في معلومات المخاطر، لفرانس برس كيف أنّ “إسرائيل تستخدم التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي لتعطيل اتصالات حزب الله أو إرباكها” بالدرجة الأولى.

وتلجأ إسرائيل كذلك، وفق خويري، إلى “تقنية تزوير نظام تحديد المواقع العالمي، وهو تكتيك آخر يُستخدم لإرسال إشارات GPS زائفة، بهدف تعطيل وتشويش قدرات الطائرات بدون طيار والصواريخ الموجهة بدقة على العمل أو ضرب أهدافها”، والتي يمتلك حزب الله “ترسانة كبيرة” منها.

وحتى 28 حزيران، يظهر مستوى التشويش في موقع “جي بي إس جام” المتخصص بجمع بيانات حول انقطاع إشارات تحديد المواقع الجغرافية، عالياً فوق لبنان ومناطق من سوريا والأردن وإسرائيل.

ورداً على سؤال من مكتب فرانس برس في القدس حول التشويش في شمال إسرائيل، اكتفى متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية بالقول “حالياً، نحن غير قادرين على التحدث عن مسائل تشغيلية”.

لكنّ الجيش الإسرائيلي كان أوضح في بداية الحرب أن إسرائيل عطّلت نظام جي بي إس “بشكل استباقي لمتطلبات تشغيلية مختلفة”.

وأبلغ السكان بأن هذا الإجراء قد يعطل التطبيقات التي تستخدم نظام تحديد المواقع الجغرافية، بعدما ازدادت عمليات التشويش في اليوم التالي للسابع من تشرين الأول، حول غزة لكن أيضا على طول الحدود الإسرائيلية-اللبنانية.

لعلّ أكثر ما يقلق لبنان هو تأثير التشويش على الملاحة الجوية، ما دفعه إلى رفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي في 22 اذار، ندّد فيها بـ”اعتداءات إسرائيل على السيادة اللبنانية عبر التشويش على أنظمة الملاحة وسلامة الطيران المدني في أجواء مطار رفيق الحريري الدولي. منذ بدء الحرب على غزة”.

وأوعزت المديرية العامة للطيران المدني بدورها في تعميم إلى الطيارين “الذين يسيّرون طائرات من وإلى مطار” بيروت منذ اذار، “بضرورة الاعتماد على التجهيزات الملاحية الأرضية وعدم الاعتماد على الإشارة التي يلتقطونها عبر جي بي إس نتيجة التشويش القائم في المنطقة” وحفاظا على السلامة، وفق ما يوضح المدير العام للطيران المدني فادي الحسن لفرانس برس.

وجراء ذلك، بات الطيارون يعتمدون على أجهزة الملاحة الأرضية، عوضاً عن استخدام نظام GPS كأساس وأجهزة الملاحة الأرضية كإجراء احتياطي.

ويقول الحسن “لا يعقل أننا في زمن التكنولوجيا، ولا يستطيع طيار يريد الهبوط في مطارنا أن يستفيد من ميزة جي بي إس بسبب التشويش من العدو الإسرائيلي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce