اليونيفيل تؤكد حضورها وتعيد التذكير بدورها على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية

يطرح عارفون في شأن الوضع الجنوبي أسئلة حول طبيعة المستجدات التي فرضت أخيراً على القوة الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) أن تعيد التذكير بنفسها وبحضورها في مسرح عمليات عسكرية محتدمة على الاحتمالات الخطرة على طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

ويشير هؤلاء الى أن هذا التذكير أتى عبر طريقين: الأول معلومات إعلامية ذكرت أن وحدات هذه القوة أعادت تحصين مواقعها ونقاطها المنتشرة في بقعة عملياتها المحددة. والثاني عبر تصريحات متتالية أطلقها متحدثون باسم القوة نفوا فيها ما يشاع عن أنها تحضر لتقليص مهمّاتها وحصر مواقعها وذكروا أن القوة تضاعف جهودها لتنفيذ القرار الأممي 1701 وتعمل كوسيط بين لبنان وإسرائيل لخفض منسوب التوتر والعنف على الحدود.

ومجدّداً وتكراراً منذ اشتعال فتيل الأحداث الحدودية يتحدّث هؤلاء عن مخاطر ارتفاع حدة التوترات والتصعيد الحاصل واحتمال أن يقود الى ما هو أوسع وأخطر ويرفعون لواء الدعوة الى حلول ديبلوماسية لإنهاء جولات العنف عبر إعلان وقف للنار.

وفي رسالة ذات معنى يشدّد هؤلاء المتحدثون على أن لدى القوة “تدابير قويّة لضمان سلامة قوة حفظ السلام وأنها قادرة على القيام بدورها وأداء مهماتها على الأرض ومواصلة تنفيذ القرار 1701”.

يؤكد عارفون بأوضاع اليونيفيل أن لا جديد نوعياً في تلك التصريحات والبيانات الصادرة عن قوة اليونيفيل، لكن إطلاقه في هذا التوقيت بالذات هو بمثابة رسالة بالغة الأهمية تريد القوة إثباتها وإيصالها الى من يعنيهم الأمر داخلياً وخارجياً.

المعلوم أن القوة ترسل هذه الرسالة بصوت عالي النبرة بعد أن بدا صوتها خافتاً طوال الأشهر الماضية، ما روّج انطباعاً فحواه أن وجود هذه القوة حيث هي موجودة بات من لزوم ما لايلزم ولا سيما بعدما فقدت فاعليتها وبعدما بات القرار الذي أتت للسهر على تنفيذه بحكم المجمّد وغير المعمول به خصوصاً أن إسرائيل تواصل هجماتها على الجنوب فيما “حزب الله” فتح عن سابق تصوّر وتصميم جبهة مواجهة مع الإسرائيليين ورفض رفضاً قاطعاً كل الجهود المبذولة لتبريدها.

وبناءً على ذلك ومع اقتراب شهر آب الذي يُفترض أنه موعد تمديد مجلس الأمن السنوي لمهمات هذه القوة، كان يُفترض بقيادتها أن تبادر الى التأكيد على المضامين الواردة في رسالتها الأخيرة التي تتلخّص في الآتي:

– أنها ما زالت تحتفظ بمواقعها وتؤدّي دورها.

– أن بقاءها في بقعة عملياتها المحددة بموجب قرار إنشائها ما زال حاجة دولية لم تنتف بعد على رغم كل ما طرأ من تطورات ومواجهات وتحولات عسكرية.

– أنها ما زالت قادرة على أداء مهماتها على الأرض. لذا بدت رسالتها الأخيرة كأنها عملية تحدٍّ ومواجهة. وهي في كل هذا تريد أن تنفي عن نفسها ما أشيع عن أنها قلصت دورها وحضورها وأنها آثرت التمركز في مواقعها أو أنها في أحسن الأحوال بدت كأنها تؤدي دور الشاهد غير الفاعل على غرار الدور الذي أدّته قوة اليونيفيل التي أتت الى لبنان في صيف عام 1978 بموجب القرار الدولي 425، والذي لم يحل دون اجتياحات وعمليات عسكرية متنوّعة لم تنته إلا بعد انسحاب إسرائيل من لبنان في أيار عام 2000.

وبمعنى آخر، كان لزاماً على هذه القوة أن تعيد تظهير نفسها وتأكيد الحاجة الى بقائها في بقعة عملياتها رغم أنه محفوف بالمخاطر. وهي تؤكد أن دورها لم يمنع البعض من إطلاق النار على مقربة من مواقعها (والمقصود بذلك “حزب الله”) ولم يحل دون انهمار الصواريخ والقذائف على مواقعها (والمقصود بذلك إسرائيل) وهذا ما يعطيها شهادة على حياديتها في الصراع.

وواقع الحال هذا يكتسب أهمية خاصة لاعتبارين:

الأول دنوّ موعد التمديد الروتيني للقوة في نيويورك على جاري العادة سنوياً.

الثاني ارتفاع الحديث عن طريقة تنفيذ عملاني جديد للقرار الدولي 1701 على نحو يبعد “حزب الله” الى ما بعد الشريط الحدودي كشرط من شروط وقف النار وترتيبات اليوم التالي بعد توقف المدافع سواء في غزة أو الجنوب اللبناني.

وحيال هذا السجال المستمر حول هذه النقطة يرى الوزير السابق زياد بارود “أن القرار 1701 لم يُطبّق يوماً بحذافيره من الجانبين (أي إسرائيل و”حزب الله”) منذ الشروع بتنفيذه في صيف عام 2006. ويشير بارود الى أن التقارير السنوية التي يصدرها الأمين العام للأمم المتحدة منذ إرسال اليونيفيل الى الجنوب عدّدت نحو 52 خرقاً واسعاً للقرار نفسه ولا سيما من الجانب الإسرائيلي، لافتاً الى أن الخروق متنوّعة فهناك خروق جوّية الى التعرّض للمزارعين الى خطف الرعاة وخرق الحدود البرية. ومع ذلك يستطرد بارود أن هذا القرار أمّن استقرار الحد الأدنى من عام 2006 حتى 7 تشرين الأول الماضي.

وأشار بارود رداً على سؤال، إلى أن ما ورد في الورقة الفرنسية التي عرضتها باريس على لبنان وإسرائيل وقبلها الاقتراح الذي حمله الموفد الأميركي الخاص آموس هوكشتاين قد أكدا الدعوة الى تطبيق مندرجات هذا القرار “لأن الخروج منه يُعدّ مخاطرة كبرى”.

وقال بارود رداً على سؤال آخر إنه لا يستبعد إدخال تعديلات على هذا القرار في يوم من الأيام حتى يتكيّف مع مرحلة ما بعد الأعمال والأنشطة العسكرية الحالية.

Share.

Comments are closed.

Exit mobile version