لبنان على توجُّسه من تداعيات “لكمة” طهران لتل أبيب
تقاسَمتْ المشهدَ اللبناني أمس، المتابعةُ اللصيقةُ لتداعيات الضربة الإيرانية التي استهدفت إسرائيل في ضوء احتمالات الردّ عليها من تل أبيب، واستعادةُ المسرح السياسي الداخلي بعضاً من ديناميةٍ انكفأتْ على وهج الوقائع العسكرية الهادرة في المنطقة والمدّ والجزر في موجاتِ التصعيد على جبهة المشاغَلة في جنوب لبنان.
وفيما كان العالم مشدوداً إلى «الخطوة التالية» من إسرائيل بعدما استظلّت إيران «جدارَ الخوف» الأميركي من حربٍ كبرى في المنطقة لتكسر «حاجزَ خوفٍ» وتُخْرِجَ المواجهةَ – اضطرارياً – مع تل أبيب من الظلّ وإن عبر ما بدا «ضربةً ناعمة» متفاهَم على حدودها ومحدوديتها، فإن لبنان أبقى على «شدّ الأحزمة» رغم إشاراتِ التردُّد من إسرائيل حيال كيفية الردّ واسترداد زمام الردع مع طهران، ووضْعِها مروحةً من الخياراتِ تبدأ بالعزل الديبلوماسي والسياسي ولا تنتهي بهجومٍ بالتماثل والتناسب وربما أقوى، على قاعدة «سبق السيف العذل».
وبينما ساهَمَ «ناقوسُ الخطر» الذي قُرع على مستوى المنطقة برمّتها ليل السبت – الأحد في «لمِّ شمْلٍ» جزئي لحكومة تصريف الأعمال اللبنانية التي عقدت جلسة تشاورية كسر فيها «التيار الوطني الحر» قرار المقاطعة الذي يَعتمده منذ بدء الشغور الرئاسي موفِداً 3 من وزرائه، فإن وقائع هذا اللقاء كرّستْ نأيَ لبنان الرسمي بنفسه عن أي «كلمة» في ما خصّ مستقبل الوضع في الجنوب واحتمالاته الخطيرة التي لا يملك القرار فيها، مكتفياً بتسجيل ثلاث نقاط:
– أولاً الدعوة إلى «وقف الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان وغزة».
– ثانياً توصية مجلس الوزراء «بتشكيل لجنة لوضع منهجية مسح الأضرار وتحديد الحاجات، وكذلك تقديم اقتراحات لتمويل عملية إعادة الإعمار».
– ثالثاً إجراء «جردة» لـ «النواقص في المواد الغذائية والتموينية والفيول والتأكد من توافر سلسلة الإمداد بشكل طبيعي وسليم، وتَبَيَّنَ توافر المواد التموينية اللازمة في هذه المرحلة كحد أدنى لمدة ثلاثة أشهر».
وإذ كانت الحكومة تتشاور، برزَ على جبهة الجنوب تطوّر نوعي، اعتُبر في سياقٍ مزدوج: كامتدادٍ للمواجهات المشتعلة جنوباً منذ 8 تشرين الاول وموجبات الارتقاء بها بحسب مجريات الميدان، والأهمّ كمحاولةٍ لإرساء توازن ردعٍ بإزاء أي ردّ إسرائيلي عسكري محتمل على الضربة الإيرانية يطول الجمهورية الإسلامية نفسها، وهي المرحلةُ التي تسعى طهران، بحسب خصومها في لبنان، لاستباقها برسائل بأنها لن تتوانى حيالها عن «تذخير» المحور الذي تقوده وجعْله ينخرط في الصِدام الكبير بحال قرر بنيامين نتنياهو التفلّت من الضوابط الأميركية.