حدود الردّ الإيراني
كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:
بالنسبة إلى كثيرين لن تنفجر حرب شاملة في المنطقة ولن يدفع لبنان بالتالي فاتورة إضافية بوصفه «ثغراً» من ثغور الدفاع عن «الجمهورية الإسلامية». والدليل على ذلك في رأي هؤلاء، ردّة الفعل الإيرانية على اغتيال الولايات المتحدة قبل أربع سنوات قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني في بغداد. يومذاك هدّدت طهران بالويل والثبور وعظائم الأمور ثم اكتفت بردٍ منسّق مع الأميركيين استهدف قاعدة أميركية في العراق أخلاها نزلاؤها في الوقت المناسب.
وفي ذكرى سليماني قبل شهور، وقعت تفجيرات أودت بعشرات القتلى والجرحى، وسارعت إيران إلى اتهام إسرائيل مهدّدةً بالردّ. ثم جاء الردّ بقصف لعاصمة كردستان العراق الاقتصادية مودياً بحياة رجل أعمال عراقي وأفراد عائلته.
الآن وبعد الغارة على القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل قادة في الحرس الثوري، وقد قتل غيرهم في غارات سابقة قريبة، في حيّي المزّة والسيدة زينب الدمشقيين، وكذلك في دير الزور، لا يُتوقع أن تلجأ إيران إلى انتقام يفوق الانتقام لسليماني في حجمه، خصوصاً أنّ حجم الاستنفار الأميركي والإسرائيلي والغربي عموماً في المنطقة، يفوق بكثير حجم ذلك الاستنفار والحضور الذي كان قائماً لحظة اغتيال قائد الفيلق الإيراني.
مع ذلك تحتاج القيادة الإيرانية إلى «ردٍ ما» تقوم به شخصياً، ولا تكتفي بتكليف شرعي للأنصار في «جبهتها» بالقيام بواجب الانتقام لها، هذا إذا كان هؤلاء قادرين فعلاً على الذهاب أكثر مما ذهبوا إليه في حربهم المفتوحة لمساندة «حماس» و»الجهاد» في غزة. وفي الحقيقة أنّ انتقال الأنصار من «مساندة» غزة إلى «مساندة» إيران لا يغيّر كثيراً في طبيعة مهامهم، لكن تغيير العنوان يمكن أن يفقدهم الكثير من المشروعية، إضافة إلى أنّ إيران نفسها رسمت لهم في الأساس حدود المهمة التي لن يجري توسيع آفاقها إلا في حال تعرض الجمهورية الإسلامية الإيرانية نفسها للهجوم.
إنه مأزق القرار الإيراني الذي سيبحث عن مخرج. هل يكون بحملة اغتيالات؟ أم بتفجير سفارات كما حصل في بيروت في الثمانينات وفي الأرجنتين في التسعينات؟ أم ببضعة صواريخ تُطلق من الأراضي الإيرانية، كما بشّر دبلوماسي إيراني سابق، مرفقةً ببيان يقول إنها «أصابت أهدافها بدقة»؟