من لبنان إلى قبرص.. كواليس وأسرار وراء ارتفاع عدد المهاجرين!

مع وصول مئات اللاجئين السوريين إلى قبرص بطرقٍ غير شرعية هذا الأسبوع، عادت مسألة زوارق التهريب للواجهة مرة أخرى، لاسيما مع اقتراب فصل الصيف.

كواليس رحلة الخطر
ولعل درجات الحرارة المرتفعة تساعد على خوض رحلة الوصول إلى أوروبا بزوارق مهترئة وقديمة، إذ أعلنت السلطات القبرصية وصول أكثر من 350 لاجئا إلى أراضيها، معظمهم من السوريين خلال آخر يومين.

في حين أرغمت الأزمة الاقتصادية في لبنان والتي بدأت عام 2019، العدد الأكبر من السوريين إلى التخطيط للوصول إلى دولةٍ أوروبية عبر زوارقٍ صغيرة، تنطلق من لبنان باتجاه قبرص.
كما أجبرت بدورها اللاجئين الفلسطينيين أيضاً على الهجرة، حيث بات استخدام الزورق الخيار الوحيد لكل لاجئ سوري وفلسطيني لا يستطيع الحصول على تأشيراتٍ أوروبية، ويضاف لهما اللبناني أيضاً في بعض الأحيان.

عن هذا شرح الخبير في شؤون الهجرة واللاجئين، زياد الصائغ، أن أفضل طريقة لقطع الطريق أمام زوارق المهاجرين غير الشرعيين، هو فهم طبيعة النموذج التركي في هذا الإطار المتمثّل بإبرام اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، إذ إن ما اعتمدته تركيا وبروكسل قبل سنوات عند تدفق هؤلاء من تركيا إلى أوروبا أدى إلى وقف هذا المسار، لكن هذا لا يعني أنه النموذج الأفضل.

وأضاف الصائغ لـ”العربية.نت”، أن انعدام وجود وزن سيادي بالكامل للدولة اللبنانية، خصوصاً في مرحلة تستباح فيها الدولة والقانون، يخلق هذا الخلل فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية التي تنطلق من الشاطئ اللبناني.

وتابع أن الجيش اللبناني بقوته البحرية معني بضبط الحدود البحرية بقبضة حديدية، مع أهمية التعاون مع قوات اليونيفيل التي تمتلك أسطول رقابة بحريا متطورا جداً.

كما شدد على أن القوة العسكرية والأمنية الشرعية اللبنانية معنية أيضاً بضرب عصابات الجريمة المنظمة.

ويبقى أن عدم البحث في جذور الأزمة، أي الفقر والضغط الهائل على اللاجئين كما المجتمعات المضيفة اللبنانية، مع انعدام أي أسس لحلول مستقبلية سيفتح الباب أمام مشاكل كارثية في ملف الهجرة غير الشرعية من لبنان، وفق قوله.

لا يمكن مراقبة الشاطئ اللبناني بالكامل
إلى ذلك، تنتشر شبكات السماسرة والمهربين على طول الخارطة اللبنانية، حيث تستمر في تقديم عروضها للاجئين السوريين وكل من يرغب في الوصول إلى قبرص رغم محاولات السلطات الأمنية وضع حدّ لها.

ويطلب السماسرة والمهرّبون من كل من يرغب بالوصول إلى قبرص مبلغاً مالياً يتراوح بين 3500 إلى 5000 دولارٍ أميركي رغم الرحلة المحفوفة بالمخاطر كالغرق أو إعادتهم إلى لبنان مجدداً.

وقال لاجئان سوريان لـ “العربية.نت”، إن الوصول إلى أوروبا هو الحل الوحيد بالنسبة لهما، إذ لا يمكنهما تأمين قوت يومهما في لبنان.

وأضافا: “لذلك بعنا ما لدينا من مدخرات ذهبية لدفع أجرة الزورق”، لافتين إلى أن “تأمين مستقبل أفضلٍ لأطفالنا يتطلب هذه المغامرة”، على حدّ تعبيرهما.

من جهته، كشف مصدر أمني لبناني لـ “العربية.نت” إلى أن استمرار وصول زوارق المهاجرين من السواحل اللبنانية إلى القبرصية يعود لطول الشاطئ اللبناني الذي يبلغ 220 كيلومتراً، حيث يصعب ضبطه ومراقبته بالكامل.

الأزمة الاقتصادية وتبعاتها
وتعود أسباب هذه الهجرة بالدرجة الأولى إلى الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ نحو 5 سنوات.

وأشار المصدر الأمني إلى أن معظم العائلات السورية التي تخطط للهجرة حصلت على تطمينات من أقربائهم الذين وصلوا إلى أوروبا بالزوارق، وهو ما أدى لارتفاع عدد الذين يحاولون الوصول إلى قبرص مؤخراً خاصة أنهم يشجّعون بعضهم البعض على الوصول الجماعي لقبرص.

وإلى جانب السوريين المقيمين في لبنان، يدخل المئات من السوريين أسبوعياً من بلدهم إلى لبنان بطريقةٍ غير شرعية للبدء برحلة البحث عن “مهرّبٍ” آخر بهدف الوصول إلى قبرص عبر زورقٍ صغير.

في حين لا تتسع الزوارق التي يتمّ استخدامها في تهريب المهاجرين من لبنان إلى قبرص سوى لأربعين شخصاً على أكبر تقدير، لكن يتمّ نقل أكثر من 100 شخص عبرها وهو ما يتسبب بغرقها في بعض الأحيان.

ووفق مصادر “العربية.نت”، لا تغادر هذه الزوارق من المرافئ الرسمية اللبنانية وإنما من منتجعاتٍ تقع على الشاطئ اللبناني وهو ما يتسبب بعدم قدرة السلطات على ضبطها قبل مغادرة سواحلها.

ويعيش في لبنان أكثر من 800 ألف لاجئ سوري مسجّلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكن السلطات اللبنانية تقدّر عددهم بأكثر من مليون ونصف مليون لاجئ.

المصدر: العربية

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version