هل يدق النفير جنوبًا بعد عملية رفح؟

في كل مرة يتلقى حزب الله وإيران ضربة مباشرة تطال كوادر متقدمة، يكون التوقع بأن الرد سيكون موجعا. لكن يبدوأن لطهران حساباتها منذ 7 تشرين الثاني الماضي ع لى الغزاويين وأنقاض قطاع غزة .فعلى رغم كل الخسائر البشرية التي تتكبدها وآخرها مقتل القيادي في الحرس الثوري الإيراني رضا زاهدي خلال هجوم نفذته طائرات إف-35 على مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق جاء الرد على لسان مسؤولين إيرانيين بأنه “سيكون حازماً في الزمان والمكان المناسبين” وهذا ما يعيد التأكيد على أن إيران ليست مستعدة لخسارة أوراق تستخدمها للتفاوض مع الجانب الأميركي وهي لن تخاطر بميليشيا حزب الله على حساب “حماس” .

الثمن الذي يتكبده حزب الله من عديد عناصره وكوادره أيضا موجع ومضاعف. وقد وصل عدد القتلى الذين سقطوا أو تم استهدافهم إلى حوالى 300 عدا عن الضحايا في صفوف المدنيين وتدمير ما لا يقل عن 15 ألف وحدة سكنية في الجنوب. مع ذلك لا يزال الرد ضمن قواعد “كل ضربة بضربة أو إثنتين”.

ويعتبر كثيرون أن ما يسجله حزب الله من ضربات عسكرية نوعية، يشكل استفزازا كبيرا لإسرائيل التي وضعت هدف إبعاد حزب الله من جنوب الليطاني وتسليم سلاحه ، شرطان لوقف ضرباتها على لبنان ولإعادة أكثر من 100 ألف مستوطن إلى الشمال. في حين يقول حزب الله، على لسان أمينه العام حسن نصر الله، إن الكلمة للميدان، وإن مصير الجنوب كجبهة إسناد لحركة حماس مرتبط بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. في حين اعتبررئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، خلال احتفال تكريمي في بلدة يحمر الشقيف، أنّ” الصّبر في مواجهة هذا العدوّ هو في عدم الإنجرار إلى حيث الأسلوب الذي يُريده ويختاره لنا في المواجهة هو طريقنا إلى تحقيق النّصر” .

كسر إسرائيل لقواعد الاشتباك مع حزب الله قد يكون بمثابة محاولة الذهاب لنصف حرب مفتوحة في جنوب لبنان من جهة، وللإيحاء للمستوطنين في الشمال بأن للجيش الإسرائيلي اليد العليا في حمايتهم ومعاقبة من يهدد أمنهم، لكن الواضح أن الحرب المصغرة بين إسرائيل وحزب الله تتنامى وبشكل خطير مما يهدد ب”نفاذ الصبر”.

والأسئلة التي تطرحها البيئة الحاضنة وأبناء الجنوب :ماذا ينتظر الحزب للرد؟ أين هي الصواريخ الدقيقة التي يهدد بها العمق الإسرائيلي وبماذا افادت جبهة الجنوب غزة وهل تفوق النتيجة الدمار والتهجير الحاصلين في الجنوب؟

رئيس تحرير جريدة “اللواء” الكاتب صلاح سلام يعتبر أن “منذ بدء معركة المساندة لغزة كان واضحا أنها تدور ضمن ما يعرف بقواعد الإشتباك. وجاء التفاهم الإيراني-الأميركي ليؤكد على عدم فتح الجبهة الشمالية أضف إلى ذلك عدم وجود رعاية أميركية وإيرانية بتوسيعها. إلا أن هناك نية من جانب إسرائيل لجرّ الحزب لتوريط لبنان في المعركة بحجة إعادة المهجرين إلى المستوطنات في شمال إسرائيل. وعلى رغم الخسائر البشرية التي يتكبدها الحزب من الكوادر المتقدمة إضافة إلى الخسائر في الممتلكات والقضاء على المقومات، لا يزال حزب الله يتجنب الدخول في حرب مفتوحة تجنبا لتوريط لبنان في حرب مدمرة متبادلة بين الطرفين. وعلى رغم الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها الحزب والتي ستحدث أضرارا كبيرة في العمق الإسرائيلي إلا أن الدمار والخسائر في لبنان سيكونان أشد قساوة بسبب تفوق قدرات إسرائيل العسكرية من خلال القضف البحري والجوي”.

وفي ما يخص الرد الإيراني يؤكد سلام أن “قرار إيران بعدم إقحام حزب الله في حرب موسعة هو لمصلحة الحزب لأنها لا تريد التضحية به وبالبنية العسكرية التحتية التي أسسها وطورها على مدى 40 عاماً والتي تعد الذراع الأقوى لإيران. وإذا كانت الأولوية لدى إسرائيل بتوريط لبنان وإيران في حرب إقليمية إلا أن هذه الحرب ستكون بمثابة الضربة للمشروع النووي الإيراني.

وهذا الحرص الإيراني قد يكون وراء عدم رد إيران على الضربة التي تلقتها أمس على مبنى القنصلية في دمشق. وإذا كان من رد “إلا أنه لن يكون على حجم الضربة. فالأولوية لدى إيران الحفاظ على المشروع النووي وعدم تعريضه لأية ضربة من الجانب الأميركي أو الإسرائيلي”.

إزاء صبر حزب الله وتروّي إيران بعدم إقحام لبنان في حرب موسعة تبدو إسرائيل مصرة على التمادي في استفزاز الحزب وضرب أهداف مباشرة له ومنشآت وبنى تحتية .من هنا، يرى سلام أن “لا ضمانة لعدم وقوع الحرب المدمرة طالما أن الطرف الإسرائيلي مصر على استفزاز حزب الله للوصول إلى هذه الحرب.إلا أن الأخير لا يزال يلتزم بقواعد ضبط النفس وإيران لا تريد أن يشرب لبنان الكأس المرة”.

المشهدية قاتمة على تناقضاتها وقد يكون خيار “الكأس المرة” الأقرب وفق المعايير الإسرائيلية “خصوصا أن بنيامين نتانياهو لم يستطع تحقيق أي انتصار ولا حتى تحرير الأسرى وقد يكون لبنان بمثابة التعويض عن إخفاقاته في غزة “. فهل تدق ساعة هذا الخيار بعد عملية رفح إذا حصلت؟

” العملية على رفح باتت على الطاولة والإقتحام البري سيتم في خلال أيام إلا أن النتائج لن تكون لاستعادة الأسرى والقضاء على السنوار إنما ميدان جديد للمعارك الطاحنة بين إسرائيل وفصائل فلسطينية وعلى رأسها حركة حماس” يختم سلام.

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version