لطالما نبّه البطريرك الماروني بشارة الراعي الى عمليات مشبوهة لبيع وشراء عقارات، تقوم بها مجموعة سماسرة وشركات مشكوك في أهدافها، لمصلحة أطراف لبنانيين وغرباء يسعون الى تغييرِ خصوصية بعض المناطق وطابعها، لأغراض سياسية وديموغرافية ودينية، وتستغل هذه الشركات فقر الناس وعوزهم الى المال لتضع يدها على أراضيهم بأبخس الاسعار، ودعا البلديات الى التشدّد في منح الأذونات والرخص، والى إبلاغ الدوائر الرسمية والقضائية للتحقيق في وضع هذه الشركات ومراقبة عمليات البيع والشراء.

لكن هذه الدعوات المتكررة من سيّد بكركي لم تلق الآذان الصاغية، بسبب الحاجة المادية والاوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة والهجرة المتواصلة، واحتيال السماسرة الذين يلعبون على وتر العملة الصعبة وبأسعار مرتفعة، تجعل الشاري يسارع على الفور في اتخاذ قرار البيع، لانّ المبلغ دسم جداً، لذا لا يستطيع المحتاج ان يرفضه.

الى ذلك، وفي ظل هذه العمليات المتواصلة خصوصاً في المناطق المسيحية، برز شعار “أرضي مش للبيع” للحد من تلك العمليات بطلب من السياسيين، للوقوف ضد ما يجري من أهداف سلبية مبطّنة، لكن بقي ذلك الشعار ضمن الاطر المعنوية فقط، واستمر بيع الاراضي في المناطق المسيحية لا بل زادت نسبته، اذ انّ الملف يعود كل فترة إلى الواجهة، ويساهم تدريجياً في خسارة الوجود المسيحي في لبنان، خصوصاً في بعض المناطق، حيث تكثر مافيا الشراء، أما الرد فلا يتخطى البيانات من قبل بعض السياسيين والاحزاب، فيدعون إلى التشبّث بالأرض من دون أي حلول جذرية تنهي هذا الملف، الذي ينذر بتداعيات سلبية جداً على المسيحيين.

والى جانب ما ذكر، فإن ملكية الاراضي في مناطق بعيدة عن محيط مالكيها، تجد سهولة وموافقة سريعة لبيعها، خصوصاً حين يكون العرض المادي مغرياً.

في غضون ذلك، لا بدّ من التذكير بأنّ عمليات البيع بدأت منذ سنوات عديدة، وها هي تعود اليوم وفق المعلومات في عدد من مناطق الشوف والمتن وكسروان وجبيل ومغدوشة وجزين، وبعض مناطق بيروت وقضاء بعبدا، خصوصاً في عين الرمانة وفرن الشباك، لكن بلدات الشوف كانت وما زالت تحتل المرتبة الأولى في هذا الإطار وتحديداً منذ العام 2014، ما دفع بمصدر نيابي مسيحي الى وصف ذلك بالطريقة الجديدة لتهجير المسيحيين من أرضهم، وتهديد المفهوم الطائفي لهوية الجبل.

ورأى المصدر أنّ هذه الظاهرة شكلّت خطراً طغى على كل القضايا والملفات، بعدما نقلت ملكية الأراضي من المسيحيين الى مالكين من طائفة اخرى، واشار الى دخول مناطق ضهر الوحش- عاليه – بحمدون وصولاً الى ضهر البيدر ضمن عمليات البيع، إضافة إلى الدامور وجزين وشرق صيدا وإقليم الخروب ومناطق الجنوب الحدودي، وبصورة خاصة منذ بدء الحرب على جنوب لبنان في تشرين الاول الماضي، كذلك بعض بلدات البقاع الشمالي، وبعضها يتم بالطرق الاحتيالية، بحيث يتم إبلاغ البائع بأنّ الشاري من هوية معينة، فيما تجري العملية من خلال عقود بيع ممسوحة.

وفي هذا الإطار، دعا رئيس “حركة الأرض” طلال الدويهي الى تطبيق شعار “أرضي مش للبيع”، والى رفض المغريات مهما كانت، لأن تداعيات ذلك وخيمة جداً، وقال لـ “الديار”: نأمل من السياسيين ورؤساء الأحزاب ورجال الدين التصدّي بالفعل لا بالقول، وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات والاستنكار، والى إعلاء الصوت الصارخ للحد مما يحصل.

كما دعا الى التصدي للبيع غير المشروع للعقارات، والضغط من أجل تشديد الرقابة على الصفقات العقارية، وتنفيذ إصلاحات قانونية تحفظ مصلحة الوطن والمواطنين. وأعرب عن استيائه وقلقه العميق بسبب ما يجري، وطالب بضرورة التصدي لتلك البيوعات التي تستند الى عقود بيع ممسوحة لدى الكتّاب العدل، حيث تبيّن أنها تتعارض مع الدستور اللبناني.

وتحدث أيضاً عن تملّك الأجانب، مشدّداً على أهمية إصدار مرسوم من مجلس الوزراء لتنظيم عمليات البيع هذه، التي تظهر بكثرة وتُعتبر مشبوهة بسبب استنادها إلى عقود بيع غير مسجلة مع تجاوزها للقوانين، ودعا الدويهي السلطة القضائية الى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة هذه المشكلة.

المصدر – الديار

Share.
Exit mobile version