الديار: احتمالات التهدئة والحرب متساوية وواشنطن تضغط لهدنة مؤقتة!
«مسوّدة» رسمية حول «اليوم التالي».. والجيش يتحضر لوجستيا
ردود اسرائيلية «يائسة» على «الهدد 3» وتهويل بمواجهة وشيكة – ابراهيم ناصرالدين
في محاولة يائسة لرفع معنويات جنود وضباط سلاح الطيران ومستوطني الشمال، زار قائد سلاح الجو الاسرائيلي الجنرال تومر بار قاعدة «رامات دافيد» بعد يوم واحد على نشر حزب الله الفيديو الثالث لـ «الهدهد» والذي عرض لقطات جوية للقاعدة. بار التقى عدداً من القادة الإسرائيليين والقوات المنتشرة هناك وعرض النقاط الرئيسية لتقييم الوضع العملياتي، واعلن الجهوزية للحرب الشاملة وتوعد «بمفاجآت»! هذه الزيارة البائسة بمدلولاتها لن تعيد الثقة للاسرائيليين الذين باتوا على قناعة بان ثمة خللا كبيرا في منظومة الدفاع الجوي غير القادرة على حمايتهم وحماية المنشآت الحساسة والاستراتيجية، تصريحات خاوية تشبه الكلمات الفارغة التي نطق بها قبل ساعات نتانياهو امام الكونغرس، وسط تسريبات اسرائيلية تهويلية بانه حصل على «ضوء اخضر» للحرب على لبنان.
الاجواء «ضبابية»
في هذا الوقت، لا تزال الاجواء ضبابية على الجبهة الجنوبية وفي غزة، ولا شيء واضح حتى الان حيال احتمالات الوصول الى وقف للحرب على غزة، كمقدمة للتهدئة على جميع جبهات المساندة، او عدمه. من استمع الى رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو امام الكونغرس الاميركي يخلص الى انه لا امل في الوصول الى «الصفقة» الآن، وهو امر عبرت عنه «كتلة الوفاء للمقاومة» بالامس عندما دعت الى عدم الغرق كثيرا في التفاؤل، وقالت انه «ينبغي أن تبقى واقعية من دون مبالغات». وفي السياق نفسه، من تابع تصريحات الرئيس السوري بشار الاسد من موسكو وتوقعه حصول تصعيد في المنطقة، يدرك ان الامور معقدة ولا تتجه الى الحل. وعلى وقع استكمال بعض الدول الغربية خططا لوجستية لاجلاء رعاياها من لبنان في حال اندلاع حرب واسعة، تبقى محسومة برأي الكثير من المراقبين، لكن توقيتها لم يحدد بعد!…
احتمالات التهدئة والتصعيد متساوية!
علمت «الديار» ان دبلوماسي غربي ابلغ مسؤولين لبنانيين بان الاحتمالات لا تزال متساوية بين التصعيد والتهدئة، وانه يجب عدم الاستعجال في الاستنتاج، والانتظار ريثما تنتهي زيارة نتانياهو الى واشنطن، حيث تحاول الادارة الاميركية فرض نوع من «الستاتيكو» المنخفض الوتيرة في المنطقة، ريثما تحصل الانتخابات الرئاسية، وبعدها يمكن الحسم النهائي للملفات، وتشمل «خارطة الطريق» لتنفيذ المرحلة الاولى من الاتفاق حول غزة وتمديد التفاوض على المرحلة الثانية حتى تشرين الثاني، وهذا يضمن وقفا للنار، يشمل الجبهة في جنوب لبنان، والحفاظ على الاسرى الاسرائيليين احياء، وبعدها يمكن التفرغ «لليوم التالي» في غزة وجميع الجبهات.
ترامب «والضوء الاخضر»
وقد كشفت مصادر اسرائيلية عبر صحيفة «يديعوت احرنوت» ان هذه الخطة ترضي نتانياهو الذي يراهن اصلا على عودة المرشح الجمهوري دونالد ترامب الى البيت الابيض، ويأمل بان يمنحه «الضوء الاخضر» حينئذ لشن حرب على حزب الله الذي بات يشكل خطرا «وجوديا» على اسرائيل، علما ان ثمة من طلب منه الحذر ازاء ترامب الذي يميل الى عقد الصفقات لا الحروب، وقد يجد على «الطاولة» صفقة مربحة مع طهران!
«الصفقة» في شهر آب؟
وفيما بحث نتنياهو مع بايدن امس التطورات على الجبهة الشمالية، اشارت صحيفة «معاريف» الى ان البيت الابيض يضغط بشدة على نتانياهو للمضي بالصفقة مع حركة حماس. في المقابل نقلت صحيفة «يديعوت احرنوت» عن مصادر مطلعة تاكيدها ان تفاصيل الصفقة بين إسرائيل ودول الوساطة وحماس باتت جاهزة ومتفقا عليها، بما في ذلك حل العقبات الأمنية التي قد تظهر عند الانسحاب من محور فيلادلفيا وإعادة سكان القطاع إلى الشمال، اما إعلان نتانياهو عن الصفقة والبدء بتنفيذها فمرتبط بالتوقيت السياسي المناسب له. ولفتت الى ان المستوى السياسي، الائتلاف والمعارضة، على قناعة بأن وجهة نتنياهو تتجه الى عقد الصفقة، التي ستبدأ في آب وستمتد حتى بداية ولاية ترامب، وعندئذ بحسب احد نواب الكنيست من «الليكود»سيكون من الأسهل البدء في المهمة في الشمال ضد حزب الله وأمام إيران. ووفقا للمصدر نفسه، فان عطلة الكنيست الصيفية قد تساعد نتنياهو على البدء في الصفقة، وحينئذ سيتمكن من تجاوز تهديدات سموتريتش وبن غفير، بإسقاط الحكومة في حالة عقد الصفقة. فنتنياهو يتهيأ لدخول ترامب إلى البيت الأبيض ، ويمكن القول إن أحد أهداف زيارته للولايات المتحدة هو عقد مصالحة مع المرشح للرئاسة.
الحذر من ترامب
في المقابل، حذرت «اسرائيل اليوم» من المبالغة في الرهان على ترامب ونائبه، ولفتت الى انه وفانس سيدعمان «اسرائيل» بقلب كامل رغم الازمة في العلاقات. لكن إذا ما أضعف ترامب الصلة بالناتو وبتايوان ولم يسعَ إلى إقامة الحلف الإسرائيلي – السعودي – الأميركي لميله الى تقليص وجود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فسيكون لهذا تأثير سيئ في قدرة الجيش الإسرائيلي على ردع دول «معادية» وشن الحروب.
الحرب قريبة ؟!
وفي سياق، التهويل الاسرائيلي المستمر، اشار ضابط مخابرات في احتياط حرس الحدود ان خطاب نتنياهو في الولايات المتحدة منح «اسرائيل» الضوء الأخضر لعمليّة أمنية في الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان، وفي مقابلة للقناة 12 قال: على حدّ علمي، نتنياهو اكتسب الشرعية الكاملة في الولايات المتحدة للحرب في لبنان. ويوم هبوطه في «إسرائيل» سيذهب إلى مقرّ قيادة عمليات الجيش ومن هناك سيبدأ الحرب على لبنان. من جهتها، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن نتنياهو يريد الحصول على ضوء أخضر من بايدن للتحرك في لبنان إذا لم تنجح الاتصالات الدبلوماسية.
تحذيرات «اليونيفيل»
في هذا الوقت، يقبع لبنان في حال من الشلل مترقبا نتائج ما يحصل في العالم والمنطقة، حيث يتضائل الامل في حصول انفراجة رئاسية، وتستمر المقاومة في رفع مستوى الردع جنوبا حيث تستمر «المسيرات» في ضرب منظومة الدفاع الجوي الاسرائيلي، وقد حذر الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي من ان التصعيد مستمر جنوبا وتبادل إطلاق النار لم يتوقف والناس يقتلون والدمار ممتد على كلا الجانبين وحذر من خطر حدوث خطأ في التقدير لكنه اكد انه لا يزال هناك مجال للحل السياسي.
«خارطة طريق» لبنانية؟
وفي هذا السياق، تتحضر الحكومة «لليوم التالي» للحرب من خلال اعداد مسودة متفق عليها مع حزب الله لتامين استقرار طويل الامد جنوبا، ويجري العمل حاليا للتوصل الى صياغات نهائية وتفصيلية لوجهة النظر اللبنانية التي ستكون على «الطاولة» للنقاش مع الاميركيين حين تتوقف الحرب في غزة. وتحضيرا لهذه المرحلة، بدات قيادة الجيش العمل على التحضير لوجستيا لتعزيز الانتشارجنوب الليطاني. ووفقا للمعلومات، تحصل نقاشات مع جنرالات فرنسيين وايطاليين حيال عملية تطويع 6 الاف عسكري يفترض ان ينتشروا في المنطقة، والبحث جار عن تمويل يبلغ نحو مليون دولار.
تهديدات ومحاولات يائسة
وفيما اعلن جيش العدو القيادة السياسية اكتمال الاستعدادات لمناورة برية كبيرة في لبنان تزامنا مع تنفيذ عمليات جوية قوية، وبعد يوم على نشر المقاومة الفيديو الثالث لـ «الهدهد» والذي عرض لقطات جوية لقاعدة «رامات دافيد» في شمال فلسطين المحتلة، حاول قائد سلاح الجو الإسرائيلي، الجنرال تومر بار، امس رفع معنويات العاملين في القاعدة، حيث التقى عدداً من القادة الإسرائيليين ، وتم عرض النقاط الرئيسية لتقييم الوضع العملياتي، وتقديم لمحة عامة عن أنشطة القوات الجوية في الحرب، وزيارة سرب مقاتلات حربية. وشدّد قائد سلاح الجو الإسرائيلي على «حجم المسؤولية التي تقع على عاتق القوات الجوية في مهمة الدفاع عن الشمال، وقال إنّ «الهجوم في اليمن كان موجّهاً لكل الشرق الأوسط»، معتبراً أنّ «المسؤولية الملقاة على عاتق سلاح الجو لتنفيذ جميع الخطط العملياتية كاملة، وستكون هنا قبضة قاضية وساحقة، وفي تهديد لرفع المعنويات قال «نحن مستعدون للحرب، وإذا اندلعت حرب في الشمال ومع إيران يمكننا التعامل معها، وقادرون على توجيه ضربة ساحقة للعدو ولدينا مفاجآت؟!.
في هذا الوقت، استمرت تداعيات «الهدهد 3» واثارت عاصفةً في «إسرائيل»، بعد ان وثق حزب الله للمرّة الثالثة اختراقه الدفاعات الجويّة لجيش الاحتلال التي بدت عاجزة عن رصد المُسيّرات التي يقوم الحزب بإرسالها إلى الداخل والعمق في الكيان. وقد اكد مصدر امني اسرائيلي لمجلة «تايمز اوف اسرائيل» ان مشاهد «رمات دايفد» تؤكد ان أنظمة الدفاع الجويّ لم تكتشفها، والامر الخطر لان القاعدة الجوية تضم ثلاثة أسراب من الطائرات المقاتلة من طراز (إف16) وسربًا من المسيّرات، وسربا من طائرات الهليكوبتر S565 Panther المستخدمة في المهام البحرية. ويبدو أنّ سلاح الجو الإسرائيلي لم ينجح في تغيير الواقع بعد ان نشر أنظمة دفاع جوي جديدة للدفاع عن نقاط محددة، وهي ليست فعالة في تغطية مناطق واسعة. وقال مسؤولون في سلاح الجوّ الإسرائيليّ إنّ الجزء الأكثر تحديًا في مواجهة مسيّرات حزب الله هو التعرف إليها في المقام الأول.
فشل المنظومة الاسرائيلية
بدوره اشار موقع»بلومبرغ» الاميركي، إلى أن أفضل الدفاعات الجوية في العالم التي تفخر «اسرائيل» بامتلاكها، والتي تتضمّن أنظمةً تبلغ قيمتها مليار دولار، فشلت في الاختبار امام حزب الله والقوات المسلحة اليمنية. وقد اثبتت المسيرات فعّاليتها في التهرّب من دفاعات جوية عالية التقنية، من الصواريخ والقذائف.
الاضرار كبيرة
وقد تمكن حزب الله بالفعل من إلحاق اضرار كبيرة في المستوطنات وإيقاع عشرات القتلى في الشمال باستخدام طائرات متفجرة من دون طيار. كما سلّط هجوم القوات المسلحة اليمنية على تل أبيب، بطائرة من دون طيار، والذي لم يطلق على أثره أي إنذارات تحذيرية، الضوء على ضعف «إسرائيل» في مواجهة هذه الطائرات. واكدت «بلومبرغ» ان الجيش الاسرائيلي اقر بان دفاعاته الجوية، بما في ذلك القبة الحديدية، يمكن التغلّب عليها إذا تمّ إطلاق عدد كبير من القذائف في وقت واحد، في ظل توقعات أن يتمكّن حزب الله من إطلاق نحو 3000 صاروخ وقذيفة يومياً خلال الحرب، وهو ما يتجاوز بكثير قدرة الأنظمة المصمّمة لاعتراضها.
هجمات المسيرات تتواصل
ميدانيا، شن حزب الله هجمات بمسيرات انقضاضية على مربض المدفعية التابع للكتيبة 411 في «نافيه زيف» التابع للواء النار 288مستهدفة نقاط تموضع واستقرار ضباطه ردا على استهداف بلدة رب ثلاثين. ورداً على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصاً الاعتداء الذي استهدف بلدة كفرحمام، استهدفت المقاومة مبنًى يستخدمه جنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة وأصابه إصابة مباشرة. ايضا، استهدفت المقاومة «مباني يستخدمها جنود العدو في شتولا». كما جرى استهداف التجهيزات التجسسية في موقع بركة ريشا بالأسلحة المناسبة وأصابتها إصابةً مباشرة ما أدى الى تدميرها، وموقع حانيتا بقذائف المدفعية وأصابوه إصابةً مباشرة. وأطلق مجاهدو المقاومة الإسلامية في وحدات الدفاع الجوي صواريخ مضادة للطائرات على طائرات العدو الحربية داخل الاجواء اللبنانية في منطقة الجنوب، مما أجبرها على التراجع والانسحاب الى خلف الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. وأشارت المقاومة الى انه بعد مراقبة ومتابعة لحركة العدو في موقع المالكية، وعند رصد دخول آليات عسكرية الى الموقع، تم استهدافها بالأسلحة الصاروخية وقذائف المدفعية واصيبت إصابة مباشرة.
الاعتداءات الاسرائيلية
في هذا الوقت شن الطيران المعادي غارتين على بلدة عيترون. وقد دوت صفارات الإنذار خمس مرات متتالية خلال دقائق في مستوطنات واسعة في شمال «إسرائيل» خشية هجوم بمسيّرات. كما تعرضت بلدتا حانين وعيتا الشعب لقصف مدفعي، كما قصفت مدفعية العدو أطراف بلدة كفرشوبا مانعة عناصر الدفاع المدني من اهماد الحريق الذي أشعله القصف على المنطقة فجر امس. ونفذت مسيرة اسرائيلية قرابة العاشرة والنصف صباحا غارة بصاروخ موجه مستهدفة اطراف بلدة كفرشوبا. وتعرضت منطقة النقعة عند أطراف بلدة عيترون لقصف مدفعي، مما أدى إلى اندلاع حرائق في المنطقة. واغار الطـيران الاسرائيلي المسير على محيط جبانة بلدة رب ثلاثين، متسببا بسقوط شهيد وعدد من الجرحى. واستهدف القصف المدفعي والفوسفوري المتقطع الأطراف الشمالية لبلدة ميس الجبل وتحديداً احياء (الدباكة، الجديدة، باب الشقاع)، وسجل اندلاع حرائق عديدة بفعل الاستهدافات المعادية، فيما كانت االنيران مشتعلة في الاحراج والمنازل في مستعمرة المنارة قبالة البلدة. كذلك خرق الطيران الحربي الاسرائيلي جدار الصوت في أجواء البلدات الجنوبية كافة ملقيا عددا من البالونات الحرارية.
تصنيفات اقتصادية سيئة!
اقتصاديا، تبين المؤشرات الاقتصادية انها لا تزال سيئة، بعدما ابقت وكالة التصنيف العالمية «فيتش» على تصنيف لبنان عند درجة» ار دي»، والذي أطلقته منذ إعلان حكومة الرئيس حسان دياب تعثّر لبنان عن تسديد ديونه لحَملة سندات الـ «يوروبوندز»، لكن الاكثر خطورة براي اوساط اقتصادية، قرارالوكالة وقف إصدار تصنيفات للاقتصاد اللبناني نتيجة غياب الأرقام والمعلومات المالية المطلوبة التي توقفت وزارة المال عن إصدارها في الفترة الأخيرة؟! هذا التطوّر يعكس فقدان لبنان الشفافية المالية المطلوبة في نظر المؤسسات المالية الدولية، بما يمنع عليه الاستدانة من الخارج أكان من الحكومات أو المؤسسات والصناديق المالية العالمية، الأمر الذي يطرح في الموازاة، مصير اتفاق لبنان المأمول مع صندوق النقد الدولي… والإصلاحات في قائمة الأسباب التي لا تزال تعرقل الاتفاق مع صندوق النقد، كونها الشرط الأول الذي طرحه الأخير للمضي في الإقراض. وحتى الآن لم تنطلق الحكومة اللبنانية في إجراء الإصلاحات المطلوبة في الإدارات والمؤسسات العامة. علماً أن السلطتين التشريعية والتنفيذية لم تتوصّلا ، إلى إقرار القوانين المطلوبة من الصندوق، كقانون الـ «كابيتال كونترول» والسريّة المصرفية، وإعادة هيكلة المصارف؟!