فعلها ماكرون رغم التأخير!
استبيان يكشف نوايا الغرب وانقسامه
بعد دخول الحرب الروسية – الأوكرانية عامها الثالث، وبعد عجز فرنسا عن تسليم أوكرانيا دبابة واحدة على الاقل من صناعتها لتظهر نفسها بـ صورة داعمة، خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإيحاءات عن إمكانية ارساله قوات برية غربية إلى أوكرانيا وليس من المؤكد إن كانت ستنحصر في أوكرانيا وحدها، خاصة إذا استمرت الهجمات على الأراضي الروسية في التزايد.
تصريح يكشف نوايا الدول الغربية:
اللافت أن تصريحات ماكرون نفضت غبار الحرب النائمة بين الناتو وروسيا، ومن جهة اخرى الواضح أن الرأي العام الأوروبي يتجاهل الامر او لم يخطر على ذهنه حتّى. مسألة تنبيه المواطنين حول احتمالية حدوث صراع مسلّح بين البلدين التي تستخدمها اوروبا طريقة ذكية الى حد بعيد، وخاصة انها منذ فترة بعيدة طلبت زيادة الانفاق الددفاعي في أوروبا. لا ننسى ان روسيا وأميريكا يوجّهان تهديدات متتالية الى الاتحاد الاوروبي مما يشكل خطر كبير حول امكانية امتناع وصول المرشح دونالد ترامب الى البيت الابيض وهنا “ما بيحلها الا الحلّال”..
لم يكتف ماكرون هنا، بل امتدت تصريحاته الى اثارة الجدل أثناء زيارته الاخيرة قائلاً:”نقترب بالتأكيد في أوروبا من لحظة حيث سيكون من المناسب ألا نكون جبناء”، محذرا من “القوى التي أصبح لا يمكن إيقافها”، ودعا أنصار كييف إلى “الارتقاء إلى مستوى التاريخ”. وأضاف “نحن مقتنعون بأن هزيمة روسيا ضرورية للأمن والاستقرار في أوروبا”، مشدداً على أن موسكو تبدي “موقفاً أكثر عدوانية ليس فقط في أوكرانيا بل بشكل عام”. كل هذه المواقف ظهرت نتيجة الاتفاق الذي تسعى اليه الناتو في القريب-البعيد بضم كل من أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا وحتى أذربيجان إليهما، لمنع روسيا من استعادة المركز العالمي المفقود للاتحاد السوفياتي بخلاف الدول التي تعارض انضمام الدول الاخرى الى حلف الناتو سعياً الى الحفاظ على موقع روسيا وكيانها الكبير، وأن كل تأخير بضم أي من الدول المتبقية ما هو الا إرضاء لروسيا وفزعاً من تحويلها إلى رأس عالمي جديد محايد، لكن الثابت أن هذا التخوّف سيعيد لـ روسيا المكانة العالمية للاتحاد السوفياتي حسب القانون الثاني للنظام الدولي”.
ردود بعض الدول على تصريحات ماكرون:
هالت الردود السلبية على ماكرون من كثير من الحلفاء الغربيين بعد أن ناقش علناً فكرة إرسال قوات من الدول الغربية إلى أوكرانيا. حيث سارعت واشنطن على صد تصريحات ماكرون، ومن جهته أشار الناطق باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “لم يطلب يوما أن تقاتل قوات أجنبية من أجل بلاده”، رداً على تصريحات الرئيس الفرنسي. وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي “لن تُرسل قوات أمريكية على الأرض في أوكرانيا. أتعرفون شيئا؟ هذا الأمر لا يطلبه الرئيس زيلينسكي. هو يطلب معدات وقدرات. لم يطلب يوما أن تقاتل قوات أجنبية من أجل بلاده”. وعلى الجانب الاخر اختارت بعض الدول كالولايات المتحدة وألمانيا وغالبية الدول العظمى النأي بنفسها عن التصريحات مؤكدة أن ارسال الجنود على تلك الاراضي ليس وارداً حالياً، وأضافت احتمالية انقسام المعسكرات الغربية الى قسمين في ظل ما ردده ماكرون.
ماذا أراد ماكرون من هذا التصريح؟
لا شك في أن التصريح الذي أدلى به الرئيس الفرنسي أثار الكثير من التساؤلات حول وحدة الصفوف داخل حلف شمال الأطلسي. لكن التحدي الاكبر يكمن في إيجاد حل شامل يضمن الأمن في المنطقة بعيداً عن التوتر في العلاقة مع روسيا. ما فعله ماكرون هو ابراز الأوجاع المتزايدة التي ستستمر أوروبا في تجربتها بينما يعيد الاتحاد والدول الأعضاء فيه تحديد سياساتهم الخارجية والدفاعية في مشهد جيوسياسي سريع التغير. ويشار الى أن حلف الناتو، الذي وصفه ماكرون بـ”الموت السريري” قبل ثلاث سنوات فقط وعلاقته بالحرب الاوكرانية، لا يزال يعتمد على الولايات المتحدة في القيادة والقدرة العسكرية وفوق كل شيء الردع النووي. وفي الختام كان استنتاج ماكرون متأخر لكنه زلزل الآراء الغربية.. السؤال هنا ماذا لو لم تأتي هذه الفكرة على عقل ماكرون؟ من سيخرج بهذا الاستبيان ويكشف كل هذه الانقسامات؟