السلاح ضمانة انتصار الحروب الكبرى!
السويد رسمياً إلى حلف الناتو
بالتزامن مع سباق التسلح الروسي والدول الكبرى الذي سيكون أشد كلفة لأن الحروب القادمة ستعتمد على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الفائقة، وافقت المجر على انضمام السويد الى حلف الناتو بعد قرنين من الحياد وعامين من المفاوضات. أي أن السويد أصبحت رسمياً العضو الثاني والثلاثين في حلف شمال الأطلسي، ما يشير الى تغير كبير لدولة بقيت قرنين حريصة على تجنب إغضاب جارتها روسيا وخوفها من الغضب الروسي عليها. وبهذه الخطوة تكون مسألة انضمام فنلندا و السويد الى الناتو قد اكتملت و انتهت أطول فترة حياد للدولتين بين الناتو وروسيا منذ الحرب الباردة. الخلاصة أن كل الدول الواقعة على بحر البلطيق باستثناء روسيا، أصبحت الآن أعضاءاً في الناتو.
لا شكّ في أنّ انضمام السويد إلى الناتو يعزّز أمنها ودفاعها ويؤدّي إلى ضمانات دفاعية ملزمة وتخطيط دفاعي مشترك. لكنّ الأهمّ أنّه يسعى جاهداً الى زيادة الأمن الشامل في نظام الأمن الأوروبي الذي كان آمناً لفترة طويلة حتّى نشبت الحرب الروسية على أوكرانيا وهددت النظامَين الروسي والبيلاروسي لبولندا وليتوانيا ولاتفيا، وكذلك الاتحاد الأوروبي.
هذا الحدث لن يمر مرور الكرام وخاصة أن أصوات الحرب الاوكرانية الروسية والصراع الفلسطيني-الاسرائيلي ما هي الا “حجاب حاجز” لأصوات الحرب التي ستشهدها الدول الاوروبية في القريب العاجل. والدليل بالوعد الروسي الذي أطلقه فلاديمير بوتين بعد تزعّمه اتخاذ “إجراءات مضادة” رداً على انضمام ستوكهولم وربطها “بظروف ومدى اندماج السويد في الحلف الأطلسي”. كما أن تصرف إعادة نشر الصواريخ النووية الروسية بالوقت الذي يتزامن مع قواعد الناتو التي تنتشر على الحدود الفنلندية ناهيك عن الصراع في بحر البلطيق و مبادرة نشر الأساطيل العسكرية التي ستكون نقطة تحول غير مسبوق خلال الأشهر التي تلي وقف الحرب في أوكرانيا.
ازداد القلق الروسي أضعافاً مضاعفة لأنه يعتبر أن التحاق حلفائها المقربين بالناتو الذي ظن أنهم لن يطعنوا ظهره خوفاّ من الرد العسكري اللئيم من أقوى دولة في الاتحاد السوفياتي، سبب هذا القلق يعود الى امكانية ضرب السويد لأهداف استراتيجية حساسة على أراضي الاتحاد الروسي، وهذا ما سبق وأعلنه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال اجتماع لمجلس إدارة وزارة الدفاع. استشعرت روسيا أن الحلف الاطلسي لم يأتِ فقط من الغرب بل من الشمال ايضاً نسبة الى تضاعف الحدود البرية أي أن الانضمام السويدي وضع روسا تحت الضغط من ناحية انشغالها بالحرب مع أوكرانيا ومن ناحية تضعضع موقفها من الحلف الأطلسي الجديد. فالحل يقع على ذكر الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف “المقرب من بوتين” أن موسكو ستعلن رسمياً نشر صواريخ “كروز” من طراز “اسكندر” التي يمكن تسليحها برؤوس نووية في منطقة كالينينغراد الواقعة على بحر البلطيق، مما يمنح روسيا القدرة على ضرب عدد من عواصم الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك برلين ووارسو، وهذا تحديداّ ما اعرب عن الخوف منه الحلف الاطلسي.
اللافت أن السباق على تطوير الاسلحة بين الناتو وروسيا سيعود الى الواجهة من جديد ويتصدر الصحف العالمية، هذا السباق سيضم دول البلقان و آسيا الوسطى على قاعدة تحالفات بين الجانبين على المدى البعيد. لكن الحلقة الاهم اليوم هي الانتخابات الاميريكية التي يسعى مرشحها الناشط دونالد ترامب للوصول الى سدة الرئاسة مرة ثانية في بداية العام القادم، هذا الاحتمال سيضع ترامب بين خيارين احداهما السماح لتمدد الناتو والثاني سيضع احتمالية وضعه كل هذه الملفات في أدراج تبتلع الواقع “لغاية في نفس يعقوب” أي أن النتيجة تدّعي الانتظار ثلاث او أربع سنوات لاكتمال خارطة التحالفات بين الجانبين الروسي و الغربي. فهل سيشهد لعالم قريباً احتمالية نشوب حرب عالمية جديدة؟