الحركة الثقافية – انطلياس كرمت أنطوان سيف
كرمت الحركة الثقافية- انطلياس الدكتور انطوان سيف وهو من أحد مؤسسيها، في احتفال اقيم في قاعة الاخوين رحباني في دير مار الياس انطلياس في إطار المهرجان اللبناني للكتاب للسنة 41، تحدث فيه رئيس الحركة الأباتي انطوان راجح عن “الدّكتور أنطوان سيف، الباحثَ والمنتجَ، والمفكّرَ، والمناضلَ، والكثيرَ الأفضال”، وقال:”المكرَّمُ قامةٌ ثقافيّة لأكثرَ من إنجاز. وتكريمنا له هو إضاءةٌ على مسيرةِ شخص عرف، أوّلا، كيف يوسّع أبحاثَه لتتواصلَ في ما بينها وتغتني”.
ورأى أن “المكرّمَ موسوعةٌ شامخة. هذا يدلّ على أنّه عرف كيف يجمع بين الحضور والاعتزال المتأمّل للسّكب، بين الرّفعة والترفّع، بين التصدّر بكِبَرٍ فذّ، وسرعةِ التحرّك والحضور للمشاركة. إنّه كثيرُ القدرات والعطاءات”.
واضاف: “همُّه الإنسانُ في ديمومةِ شروقه وارتقائه. عقلُه تواصليٌّ يضع حدًّا للتّصارع البابليّ الّذي يسودُ عالمنا. وهو، إلى جدّيته وعمق أبحاثه، عرف كيف يعيش في غَضارةِ حياة، وكيف يكون خِلًّا لقاصديه، لأنّه يحبُّ الإنسان، ويكرهُ الانكماش. فهو أستاذ كبير، وفي الأخلاق نقيّ مميّز. ما غاب عنه اعتدال”.
ورأى الأباتي راجح أن “تكريم انطوان سيف هو تكريمٌ للكلمة المفتوحة على العطاء في عمق مجالات الإنسان في الحياة”.
خوري
من جهته قال الدكتور وليد خوري: “يكفي أن تقلّبَ سيرة الدكتور انطوان سيف الذاتية حتى ترتسمَ أمامَك معالمُ تجربةٍ ممتلئةٍ، يتكامل فيها العلمُ والعمل، تحوي من الثراء ما يثيرُ الإعجابَ،ومن فنون المعرفةِ ما يحرّك الألبابَ،تنجلي مداركُها فيما يزيدُ عن ثلاثماية عنوانٍ بين كتبٍ منفردةٍ وجماعية وأبحاثٍ ومقالاتٍ وندوات،يجمعها،عقلٌ متحفّزٌ، يُتقِنُ اللعبَ على خطوط الوصل والفصل بين الفلسفةِ بمقاصدها الكليةِ والتاريخِ بوقائعه اليومية”.
أضاف: “هذه التجربةُ الفذّةُ، مدينةٌ في رحابة أمدائها، وانبساطِ مقاصدها، لمقدماتٍ، صاغتها بداياتُ أنطوان سيف، طالباً في كلية التربية، يدرسُ الفلسفةَ، بتياراتها المختلفةِ على كبار الأساتذةِ والباحثين في موضوعاتِها، يسبرُ أغوارَها، ويقفُ على أسرارها ويشتغلُ بها تدريساً وبحثاً وتأليفاً، ويعملُ تحت قوسِها في الاجتماع والثقافة والتربية، فانتهت عنده نهجاً في التفكير والممارسة، يتغيّا تحريكَ الأسئلة وفتحَ المعابر إلى فسحاتٍ معرفيةٍ مضيئةٍ ونضرة”.
وتابع: “استظلّ أنطوان سيف أنوارَ الفلسفة،تزيّنَ بحكمتها،تشبّعَ عقلُه من صرامةِ منهجها ودقةِ معانيها واستقرّت لغتُه على محكمِ اصطلاحها وبلاغةِ منظومها، في مياهها تعمّدَ وعلى نارها تقلّبَ تطهيراً للنفس من دنس العصبانيةِ وتحريراً للعقل من سطوة الغيبِ وجلبةِ اللامعقول، وثقلِ الأيديولوجيا”.
خليفة
بدوره توقف الدكتور عصام خليفة عند المحطات المفصلية التي تبين غنى وشمولية الثقافة والممارسة النضالية عند الدكتور انطوان سيف بدءأ من مرحلة النضال الطلابي عام 1966 مروراً بمرحلة الحروب المركبة 1975 – 1995 وتأسيس الحركة الثقافية – انطلياس عام 1978 التي من أبرز أهدافها تحقيقَ الإنماء والرفاه والحرية لكل إنسان وصولاً إلى التدريس في المرحلتين الثانوية والجامعية.
وأشار خليفة إلى أن انطوان سيف هو ” الباحث الغزير الإنتاج والمفكر السياسي المعتدل”، لافتاً إلى انه “عكف على درس الواقع اللبناني، فلاحظ ان بنية لبنان طائفية، وان البنية الاجتماعية هي في أساس تكوين البنية الحقوقية- السياسية، وان الطائفية هي روح النظام اللبناني وقلعته ودرعه. وفي رأيه انه لا يمكن التفكير في تجاوز النظام الطوائفي، ومؤسساته العاملة، من غير فهم أولوياته. وهذا يقتضي بداهة، الإقرار بوجوده، وبقواه وبخطورته. وان بقاء هذا النظام واستمراره، مع كل سلبياته وأزماته الداخلية وتناقضاته وضعفه العضوي، يقتضيان الاعتراف بأن الوسائل التي اعتمدت لالغائه لم تكن مجدية. وعدم جدواها ناجم اصلاً عن رؤية خاطئة وفهم قاصر له”.
ورأى خليفة ان “قوة لبنان الحقيقية، في الداخل وإزاء الخارج، وعلى عكس ما توحي به الصورة الحالية، تكمن اساساً في قوة مجتمعه المدني بالذات، ومؤسساته الخاصة غير الحكومية، العديدة والناجحة التي تبلغ اعلى نسبة بين نظيراتها في العالم الثالث، والتي وفر لها حظوظ النجاح والتقدم والتحديث مناخ الحريات والديمقراطية “المحدودة” الذي عرفه لبنان على مدى عقود عدة، ولو بقدر ملحوظ من السلبيات”.
سيف
وفي الختام كانت كلمة شكر للمحتفى به قال فيها: “السيرةُ الذاتية التي بناءً عليها، وعليها وحدها، يُبرّر كلُّ تكريم، ليست ذاتيةً بالقدر الذي نظنُّ، فهي بالحقيقة “سيرةٌ مع الآخرين، وأقلّه سرديّةٌ لا قيمة لها بالفعل إلاّ بروايتها للآخرين الذي ننتهك حرمة ذاتيَّتهم من غير استئذان، وتستعملهم الذات، وهي بلا حدود ذاتيةً واضحة ومستقلة، تطرح إشكالية فكرية”.
أضاف: “النتيجة من كل هذا الكلام ليس عدم وجود إنسان فرد بإنجازات محض ذاتية، ومن غير الآخرين المنضمين لزوماً الى هذه الإنجازات وفي مختلف حقول المسالك والمهمّات التي تزجُّنا فيها الصدف والحظوظ التي سمّاها المفكرّون القدامى “البخت”، وهو دائماً إيجابي كي يتحكّم بالاختيار للتميّز والتكريم الذي هو، في مصدره اللغوي، إغداق للكرم”، واعتبر أن “إنجازاته هي ملكية مشتركة”.