حاصباني : النافذة الديبلوماسية تضيق والحرب قد “تفلت”
حاصباني : النافذة الديبلوماسية تضيق والحرب قد “تفلت”
رغم سخونة القضايا السياسية منها والأمنية والاقتصادية، وتوق اللبنانيين إلى كسر هذا «الستاتيكو» القاتل، لا تزال الحلول «مفرّزة» في ثلّاجة الجمود المحلّي المعلّقة على صاعق التوتّرات الإقليمية.
وإذا كان الحراك الداخلي يدور في حلقة مفرغة، برز في الآونة الأخيرة نشاط نيابيّ لبنانيّ تجاه عواصم القرار الدولي لا سيّما واشنطن ولندن. الأسبوع المنصرم، زار وفد نيابيّ بريطانيا بدعوة رسمية من الحكومة، حاملاً معه ملفّات تسلّط الضوء على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وضمّ الوفد النوّاب: فؤاد مخزومي، غسّان حاصباني، إلياس حنكش، أديب عبد المسيح، بلال الحشيمي، وضّاح الصادق، نعمة افرام، راجي السعد، إيهاب مطر، فيصل الصايغ، مارك ضو وندى البستاني.
ماذا حمل النوّاب في جعبتهم؟ وما هي الانطباعات التي عادوا بها؟ وأي تأثير لهذه الجولات واللقاءات على مسار الأحداث في لبنان؟
في هذا السياق، يتحدّث نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسّان حاصباني لـ»نداء الوطن»، قائلاً إنّه «من الواضح أنّ الدول الغربية مهتمة جدّاً بما يحصل في الجنوب وتلتقي حول ضرورة استنفاد الحلول الديبلوماسية لتفادي توسّع الحرب في لبنان مع اليقين بأن الأمور قد تسوء في أي لحظة وتحدّ من مفاعيل الحركة الديبلوماسية الساعية لتتجنّبها». وأشار إلى أنّ «تطبيق القرار 1701 هو محور البحث حاليّاً، لكننا لمسنا تفاوتاً في ترجمة أولويات وتنفيذ مندرجاته بين الجهات التشريعية والتنفيذية في العواصم الغربية. فالديبلوماسية تبحث عن حلول آنية لتفادي تمدّد الاشتباك، بينما ترتكز نظرة المشرّعين على دفع السلطة التنفيذية باتجاه الحلول المستدامة من أجل إزالة المخاطر الدائمة ومنع اشتعال الحروب في المستقبل».
أضاف: «في سياق الزيارات، قمت بتذكير المسؤولين بأهمية دعم مطالب أهالي ضحايا المرفأ، ونحن معهم، بالطلب من مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية لدعم القضاء اللبناني في إتمام التحقيقات وتحرير قوس العدالة من سجن العرقلة والمعرقلين».
ويرى حاصباني أنّ «الانتخابات الأميركية والبريطانية على حدّ سواء، تؤدي دوراً أساسياً في وتيرة التحرّكات، فكلّما اقتربت تقلّص اهتمامها وتركيزها على ملفّات لبنان من أجل الانصراف نحو أمورها الداخلية، ما يفسح المجال للأطراف المحليين والإقليميين بالتمادي في التصعيد. ما يجعل نافذة الحلول الديبلوماسية ضيّقة جداً، لا تتخطّى الأسابيع أو الأشهر القليلة، تاركة الساحة للتصعيد العسكري». تابع: «يبقى الموضوع الأهم والمطروح من قبلنا وهو دعم الجيش اللبناني، الذي يحظى باهتمام غربيّ تأكيداً على دور الجيش في حفظ الحدود وبسط سيادة الدولة على أراضيها، حيث تلتقي المقاربات على دعمه لوجيستياً وماديّاً. فلندن مستعدّة لدعم الجيش بأبراج مراقبة والتجهيز لمؤازرة انتشاره في المناطق الجنوبية كما فعلت عند الحدود الشمالية والشرقية سابقاً. كما أن واشطن مستمرّة في الدعم الذي تقدّمه للجيش اللبناني وتحثّ دولاً أخرى على أن تحذو حذوها».
أمّا بالنسبة للملف الرئاسي، فكشف حاصباني أنّه «على الأجندة الغربية، من منطلق أن وجود رئيس للجمهورية هو المدخل الأساسي للانطلاق بالإصلاحات والتعافي والتفاوض مع الجهات الدولية بشأن الملفات الكبرى الأمنية أو الاقتصادية». ولفت إلى أنّه «من ضمن التطوّرات المهمّة التي لمسناها، فالاهتمام البريطاني المتزايد بهذا الملف، والذي قد يساهم إيجاباً في مسار المساعي الدولية لتسهيل عملية الانتخابات الرئاسية، بالرغم من التعقيدات التي ترافقها، بما فيها ربط البعض الاستحقاق الدستوري بالأحداث القائمة في المنطقة. لكن يمكن الإستنتاج أن اختيار اللبنانيين رئيس جمهوريتهم سيؤثّر بشكل كبير في قدرة لبنان على التعامل مع المجتمع الدولي والحصول على دعمه للتعافي».
وفي زيارة عدد من مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية في العاصمتين، تبيّن لنا أنّ «هناك إجماعاً حول خطورة الوضعين المالي والأمني من جهة التفلت المالي وازدياد التهريب في ظل اقتصاد نقدي وغياب القطاع المصرفي، والوضع الميداني في الجنوب الذي قد يتدهور ويؤدّي إلى اتّساع نيران الحرب خلال فترة زمنية وجيزة في حال فشل المساعي الديبلوماسية، خصوصاً أنّ هناك اهتمامات داخلية وخارجية لدى تلك العواصم الغربية».
في الخلاصة، يمكن الاستنتاج وفق حاصباني، أنّ «الحلول لن تسقط من الخارج، بل يجب أن تأتي من الداخل مع مراعاة الحاجة للتفاعل الإيجابي مع الخارج في ظل التوتّر الإقليمي القائم والأزمات الدولية الحاصلة. ومن الأمور المهمّة، ترسيخ الاستقرار الأمني في الجنوب وانتخاب رئيس للجمهورية قادر على صون الدستور وتطبيقه والتفاعل مع الخارج لتأمين الدعم وتوفير غطاء الشرعية الدولية للبنان لتحييده عن الصراعات من جهة، والتوفيق بين اللبنانيين لتحقيق التعافي المالي والاقتصادي والقيام بالإصلاحات المطلوبة من جهة أخرى».