عبداللهيان يؤشر لتواصل مع الأميركيين وقبول أي تسوية بلبنان
عبداللهيان يؤشر لتواصل مع الأميركيين وقبول أي تسوية بلبنان
تستحق زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى لبنان أكثر من متابعة لتفاعلاتها وارتباطاتها بسياقات متعددة في المنطقة. لا تزال الزيارة، بمضمونها وفحواها ورسائلها آخذة في التفاعل وسط اهتمام الكثير من المسؤولين والديبلوماسيين حول مضامين الزيارة وما حملته من تنسيق بين عبد اللهيان والحلفاء، خصوصاً من خلال التركيز على اللقاء بينه وبين أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله.
قال عبد اللهيان في لبنان كلاماً في غاية الوضوح ويحمل مؤشرات كثيرة للمرحلة المقبلة. ومن أبرز ما قاله أن المنطقة ستسير نحو السلام والتهدئة والإستقرار، وهذا مؤشر واضح على الرهان الإيراني حول المفاوضات القائمة والوصول الى مرحلة لا تكون فيها اسرائيل قادرة على مواصلة عملياتها العسكرية.
رفح ورفع سقف التفاوض
على الضفة الإسرائيلية هناك تلويح بالذهاب الى خوض معركة رفح، لكن طهران تعتبر أن فتح تلك المعركة سيؤدي الى مشكلة وصدام بين اسرائيل ومصر وغالبية الدول العربية، كما أن هذا سيؤدي الى زيادة منسوب الضغط الأميركي على الإسرائيليين لمنعهم من القيام بتلك العملية. هناك من يقرأ في داخل محور المقاومة أن ما تقوم به اسرائيل من خلال التهديد بشن معركة رفح، وبشن معركة عسكرية واسعة في لبنان ربطاً بزيادة التحشيدات العسكرية على الحدود، هو محاولة لرفع سقف التفاوض وتحسين الشروط ليس أكثر، هناك قناعة في لبنان، وغيره، بأن اسرائيل لن تكون قادرة على شن الحرب وهي تصعّد بالمواقف فقط.
تجنّب توسيع الحرب
من أبرز ما قاله عبد اللهيان أيضاً، أن ايران وحلفاءها لا يريدون الحرب أو التصعيد ويراهنون على الحلّ السياسي. يصّب، عملياً، هذا الكلام في سياق قراءة مبكرة للموقف الإيراني الذي يريد المراكمة سياسياً على الرغم من كل الإستفزازات الإسرائيلية. فهو لا يريد أن يُستدرج إلى حرب واسعة لا يمكن لأحد أن يعلم وجهتها ومسارها ومصيرها خصوصاً أن اي حرب سترتد سلباً على ايران وحلفائها في المنطقة ككل. فأهم ما يريد الإيراني تجنّبه هو حرب واسعة وشاملة في لبنان ضد حزب الله تكون مشابهة للحرب على غزة مع فوارق القدرات والمساحة وغيرها من الإعتبارات.
يبقى الأهم في ما كشفه عبد اللهيان عن أن الأميركيين قد تكلموا مع الإيرانيين في مسألة حزب الله، وللحديث مع الحزب حول عدم التصعيد ووقف المواجهات، وهذا يؤشر الى مدى التواصل والتفاوض الأميركي الإيراني والذي يحصل على أكثر من خط وفي أكثر من ساحة، من سلطنة عمان، الى جنيف، وصولاً إلى تموضعات واقعية في العراق مثلاً، في ضوء المفاوضات العراقية الأميركية حول الإنسحاب الأميركي من العراق، بالإضافة الى الرهان الإيراني على انسحاب أميركي من سوريا أيضاً.
التداعيات الكارثية
على وقع هذه المفاوضات لا يزال في تل أبيب من يصر على التصعيد العسكري في غزة من خلال فتح معركة رفح، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي قال إنه في حال عدم خوض معركة رفح فإن اسرائيل ستكون قد خسرت الحرب. حتماً إن معركة رفح في حال خاضها الإسرائيلي ستكون تداعياتها كارثية على القطاع وعلى السكان وعلى مصر أيضاً التي ستجد نفسها أمام مأزق حقيقي. لكن استمرار الحرب في غزة ورفح تحديداً لن تؤدي إلى أي تغيير في مسار العمليات العسكرية التي يقوم بها حلفاء ايران في المنطقة بإطار جبهات المساندة.
خلاصة زيارة عبد اللهيان الى لبنان هي التشديد على ضرورة تجنب الحرب والتصعيد، مهما بلغت الإستفزازات الإسرائيلية، ولكن هنا لا بد من الوقوف أمام ردة فعل تل أبيب على هذا الموقف، وهي التي تصر على المزيد من الإستفزازات في محاولة لاستدراج حزب الله إلى حرب أوسع، وسط إمكانية أن يكون الموقف الإيراني المحفز على التهدئة فاتحاً لشراهة الإسرائيليين لمواصلة المزيد من العمليات في العمق اللبناني سواء كانت عمليات عسكرية أو عمليات أمنية وتنفيذ اغتيالات على قاعدة أن لا الإيراني ولا الحزب يريدان الحرب وبالتالي يمكن لتل أبيب أن تنفذ ضربات لتحقيق الأهداف التي تريدها. لم يبد عبد اللهيان معترضاً على أي من مسارات التسوية أو التهدئة المقترحة لمعالجة الوضع في جنوب لبنان من تفعيل القرار 1701 إلى إعادة اطلاق مفاوضات الترسيم لاحقاً، وهنا مرر كلمة أساسية أيضاً أن حزب الله قد قام بدوره الرادع والمؤثر، ما يعني أن الحزب قام بما يتوجب عليه عسكرياً، وبالتالي فإن طريق التفاوض ستكون مفتوحة.