بين النرجسية وتحطيم الآخرين… هذا ما يفعله المتنمّر وهكذا تحصّن نفسك ضده

“أنا إليسا يا حبيبي، وعملت شي بحياتي”. بهذه القوّة تلقّفت النجمة الشهيرة تعرّضها للتنمر على شكل فمها إثر عمليات تجميل فاشلة. إلا أن تحت هذه القوة، معاناة كبيرة مع التنمرالذي كشفت عن وقوعها ضحيته على يد أقرب الأشخاص وليس فقط الجمهور، وذلك في رحلة وثائقية مؤلفة من 3 حلقات عرضتها منصة نتفليكس. تجربة إليسا هذه سلّطت الضوء على مدى أهمية التحصّن ضد التنمر، فكيف يمكن للبالغين تخطيه؟

أشكال التنمر
الإختصاصية في علم النفس العيادي، الأستاذة الجامعية وأمين عام الجمعية اللبنانية لعلم النفس د. كارول سعادة، أشارت إلى أنه حينما يتعلّق الأمر بالتنمر، يمكن للجميع أن يكون ضحية، وليس فقط الأطفال كما يعتقد.
وتحدثت سعادة في حديث لـ”لبنان 24″ عن أشكال التنمر التي يتعرض لها الكبار، وتتراوح بين التنمر اللفظي، المباشر أو من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، التحكم بالآخر، الإستهزاء عبر إطلاق ألقاب وأحكام مع التجريح بكرامة الشخص المتنمّر عليه وبانعكاس صورته الذاتية على المجتمع الذي يعيش فيه.

كما أوضحت أن التنمر عند البالغين هو جزء من التحكم أو التلاعب بالآخر، مع كل ما يتخلل ذلك من الإحساس بالذنب، الترهيب والتخويف، إطلاق الشائعات أو الإبتزاز.
كما يمكن للتنمّر أن يكون جسدياً عن طريق العنف والضرب، أو حتى عن طريق إهمال الشخص الآخر بشكل مباشر وعدم إعطائه أي أهمية وحتى الإستهزاء بمشاعره مهما كانت.
المتنمر جلاد… وضحية
ولفتت إلى أن الشخص الذي يتنمّر على الآخرين “هو بالفعل يعاني من جروحات معينة في شخصيته، كي لا نقول إنه يعاني من اضطراب نفسي معيّن على مستوى الثقة بالنفس إذ يلجأ إلى التنمر كي يثبت بطريقة ما أن لديه سلطة معيّنة ناتجة عن انعدام الثقة بالإيجابية بالنفس، فيعطي نفسه قوّة مزيفة من خلال تحطيم الآخر”.
وعن الشخص المتنمّر أيضاً، قالت سعادة إنه من الممكن أن يكون ضحية تعرضه للتنمر على يد أهله والمقربين منه بشكل متكرر خلال حياته، كما أن أصحاب الشخصية النرجسية قد يكونون متنمرّين لأنهم يعتبرون أن لهم قيمة أكثر من غيرهم.
يتأثر الأطفال بتعرضهم للتنمر بشكل أكبر من البالغين، بحسب سعادة، إذ أن شخصيتهم تكون في طور النمو بعكس الراشد الذي بنى شخصيته وباتت لديه حصانة أقوى نوعاً ما من تلك التي يملكها الطفل لمكافحة التنمر.
وأضافت: “لا يجوز التعميم بطبيعة الحال لأن العلاقة مع المتنمرّ تختلف، كما أن شخصيات البالغين تختلف بدورها”، لافتة إلى أن الشخصية القلقة التي تتعلق كثيراً بالآخرين هي أكثر قابلية للتأثر بتعرضها للتنمر.
هل التحصّن ممكن؟

يؤثر التنمّر عند البالغين على صحتهم النفسية والجسدية حتى ولو كان الأمر بطريقة مختلفة بين الأفراد، إلا أن الأساس هو الشعور بالإحباط والإكتئاب الذي قد يؤدي به إلى الإدمان، التفكير بالإنتحار، المعاناة من اضطرابات الأكل والنوم، كما يؤثر على ثقة الشخص بنفسه خاصة حين يكون التنمر صادراً من أحد قريب كأحد أفراد العائلة أو شريك الحياة.
وعمّا إذا كان ممكناً ألا يتأثر الشخص البالغ بتعرضه للتنمر، أوضحت سعادة أن الأمر ممكن من خلال بذله مجهوداً على تقوية شخصيته وحبّه لنفسه وتعزيز ثقته بذاته، والعمل على تحسين زوايا عدة في شخصيته والتخلّص من أي عقدة من الممكن أنه يعاني منها.
وفي الختام، شددت على ضرورة رسم الحدود مع الأشخاص الذين يعتبرون سامّين، كي لا يتمكنوا من التأثير على نفسية الشخص، فضلاً عن اللجوء إلى العلاج النفسي لتعزيز بنية الشخصية والتصالح مع النفس، فالخروج من موقع الضحية هو قرار شخصي، وفق سعادة.

عندما نشاهد الفنانين على الشاشة، قد يخيّل إلينا أنهم لا يتأثرون بالتعليقات السلبية. إلا أنه في لحظات معينة، يزاح هذا القناع الذي صنعناه لهم بأنفسنا ليكشف عن مدى هشاشتهم. فالتنمر، إحدى الظواهر المنتشرة كالفطر في عصرنا، بات أداة مدمرة بإمكانها سحق شخص ما، وإلحاق ضرر أزلي لديه إذا لم يتصدى له.

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version