رجال وطنيون.. لبنان بحاجة إليهم

كنّا نطالب فيما مضى برجال دولة يستلمون زمام الأمور في لبنان. اليوم وبكامل وعينا وإدراكنا تخلينا عن هذا المطلب. بتنا نطالب برجال وطنيين يتصدّون للمشهد كي ينقذوا ما يمكن إنقاذه بعد الانهيار الكبير.

لم نعد نريد رجال دولة لأنه ببساطة لم تعد لدينا دولة كي يكون لها رجال. بات مطلبنا اليوم هو الحفاظ على الوطن، وبالتالي نحن بحاجة إلى رجال وطنيين.

رجال يؤمنون بهذا الوطن أنه الملاذ الأول والأخير لهم ولأبنائهم. يقاتلون من أجله بالعلم والمعرفة والرغبة بالتطوّر والتقدم. رجال يقدّمون الوطن على عشائرهم وأحزابهم وتياراتهم وحركاتهم ما ظهر منها وما لم يظهر.

رجال وطنيون يؤمنون بثقافة الحياة، ويرفضون ثقافة الموت. رجال يبقون أبناءهم لبناء الوطن ومستقبله وأحلامه، لا رجال يرون في الموت سبيلاً للبقاء.

رجال وطنيون القرار عندهم يخضع لمصلحة الوطن وليس لمصلحة الكنيسة، ولا المسجد ولا الحسينية، ولا الخلوة. رجال يقولون أنّ الدين لله والوطن للجميع.

رجال يقولون كما قال الشهيد الرئيس رفيق الحريري “ما حدا أكبر من بلده”. نريد رجال وطنيون يؤسّسون لوطن لا يلفظ نواف سلام ولا أمثال نواف سلام وهم كُثر في العالم.

لا نريد وطناً لا يجد كفاءة لنواف سلام كي يكون رئيساً للحكومة، فيما تجد مكمكة العدل الدولية فيه رجلاً يستحق رئاستها.

لا نريد وطناً لا يؤمن بقدرات أبنائه، أو يُصنّف تلك القدرات وفقاً لطوائفهم ولمذاهبهم ولطريقة صلاتهم.

الوطن الذي نريد هو وطن الانسان لا وطن الأديان. الأديان قيمة وللأسف نحن حولناها إلى وبالاً ونقمة علينا وعلى أحلامنا.

لبنان لا يمكن إنقاذه بالطائفية، ولا يمكن انتشاله من الحفرة التي هو فيها بالعشائرية، ولا يمكن المحافظة عليه بالمدفع والصاروخ.

لبنان رسالة كما قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني “رسالة انسان ومحبة”. نحن لا نُصدّر نفطاً وإن صدّرنا في المستقبل، ولن نُصدّر غازاً وإن امتلكناه في المستقبل. نحن نُصدّر عقولاً بشرية تعرف كيف تدير النفط والغاز وتحوّله إلى ثروة.

النفط لم يجعل من بوليفيا دولة غنية، ها هو شعبها يعيش جوعاً وفقراً. كما أنّ غياب النفط لم يجعل من سويسرا دولة فقيرة. الغنى والفقر يكون بالعقول، ولبنان يزخر بالعقول النيّرة التي لا تعترف بالموت بل تؤمن بالحياة.

الكاتب: البروفيسور إيلي الزير – موقع “ايوب نيوز”

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version