واشنطن تعتبر عدم التصعيد بلبنان إنجازاً واللبنانيون يريدون أكثر
روى أكثر من شخص في واشنطن خلال الأيام الماضية أنه التقى بالموفد الرئاسي عاموس هوكستين خلال الأيام التي سبقت زيارته إلى لبنان وسمعه يردّد القول ذاته: “آخذ ما أحصل عليه”.
وترافقت تعليقات هؤلاء الأشخاص لدى التحدّث عن هوكستين بابتسامات، والقول إن أول ما كان يريده نيابة عن الرئيس الأميركي جو بايدن هو عدم التصعيد، ويأتي بعد ذلك وقف إطلاق نار أو فتح الباب أمام حوار لبناني إسرائيلي بوساطة أميركية لإعادة السكان إلى منطقة الحدود وإمكانية ترسيم الحدود والتوصل إلى تسوية رئاسية في لبنان.
مخاطر كبيرة
بقاء الوضع على ما هو عليه في جنوب لبنان يحمل الكثير من المخاطر، ويبقي الأوضاع مفتوحة على الانهيار والتصعيد في أي وقت، لكن الإدارة تشعر أنها تمكنت من تحقيق إنجاز في ضبط الأوضاع عند حدودها، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية “إن الولايات المتحدة لا تريد أن ينتشر النزاع إلى لبنان، والولايات المتحدة ما زالت تعمل على إيجاد كل سبيل دبلوماسي مع الشركاء الإسرائيليين واللبنانيين لإعادة الهدوء وتحاشي التصعيد”.
واعتبر المتحدث أن عودة السكان إلى بيوتهم والعيش بأمان وسلام هو أولوية عالية لدى الولايات المتحدة و”يجب أن يكون كذلك لإسرائيل ولبنان”.
السفير الأميركي السابق ورئيس مجموعة العمل من أجل لبنان إدوارد غابرييل في حديث لهذا المقال قال إنه يثمّن أن إدارة بايدن التي تركّز اهتمامها على منع التصعيد وقال “إن التزام إسرائيل بعدم تصعيد التوتر على الحدود هو التنازل الرئيسي الذي حصل عليه الوزير بلينكن في زيارته الأخيرة إلى إسرائيل”.
تابع غابرييل أن مجموعة العمل تؤيّد مساعي عاموس هوكستين والتي تقوم على ضمان أن تلتزم إسرائيل بوعدها.
انتقاد الأميركيين
صحيح أن إدارة بايدن حققت إنجازاً بعدم التصعيد “حتى الآن”، لكنها تواجه الكثير من الانتقادات عندما ينسحب الأمر على الشؤون السياسية، وخصوصاً قضية الفراغ الرئاسي في لبنان.
وقالت السفيرة السابقة في بيروت دوروثي شيا مرة “إن أي رئيس هو أفضل من الفراغ” وهذا ما أغضب الكثيرين، كما أن الولايات المتحدة تراجعت عن ممارسة الضغوط المباشرة على رئيس مجلس النواب نبيه برّي وتهديده بالعقوبات لأنه يعرقل الانتخابات الرئاسية.
وتعرضت إدارة بايدن لانتقادات أشدّ لأنها حاولت أن تهمل القاعدة الشعبية الواسعة المؤيّدة للتغيير في لبنان، وحاولت أن تقنع نفسها والآخرين بأنه يجب التعايش مع الموجود، أي القبول بأنه لا يمكن هزيمة الثنائي الشيعي وحلفائهم، وكانت في الوقت ذاته تقف إلى جانب فرنسا التي روّجت، لانتخاب سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية اللبنانية.
وزارة الخارجية الأميركية كررت على لسان متحدث باسمها أن الإدارة الأميركية قالت بوضوح إن الانتخابات الرئاسية “أمر يعود إلى الشخصيات التي انتخبها اللبنانيون”، وأضاف “أنه الآن وأكثر من أي وقت مضى يستحق اللبنانيون حكومة تتجاوب مع مطالبه وتكون خالية من الفساد وتعمل وتأخذ قرارات صعبة تسمح للبنان بالخروج من الأزمات المحلية والإقليمية”.
تعديل في الموقف
تراجعت الانتقادات للإدارة الأميركية قليلاً، ويعتبر رموز المعارضة اللبنانية في واشنطن، ومنهم قريبون من إدارة بايدن أنهم تمكنوا من إقناع هذه الإدارة، ومن خلالها فرنسا بأنه لا يجب الاستسلام للأمر الواقع وأنه من الممكن إيجاد حلول “غير سليمان فرنجيه” كما أن العديد من المهتمين بالشأن اللبناني تحدّثوا إلى السفيرة الأميركية الجديدة قبل أن تتوجّه إلى لبنان عن تقديرهم للأوضاع والانتخابات، وما يجب أن تكون عليه صفات الرئيس المقبل.
سيكون من الصعب تخيّل لحظة قريبة تخرج فيها الأزمة الرئاسية من عنق الزجاجة، خصوصاً أن الأميركيين ومعهم باقي الأطراف لا يبدون مستعدّين لممارسة ضغوطات فعلية على الثنائي الشيعي للتراجع عن مواقفه، وحتى اجتماع الخماسية المرتقب سيكرر المواقف المبدئية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية “إن الولايات المتحدة تتابع العمل عن قرب مع الشركاء بمن فيهم فرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر لحثّ اللبنانيين على انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية وفي مقدمتها المطلوبة بحسب برنامج صندوق النقد الدولي”.
تفاؤل
ويبدو بعض اللبنانيين أكثر تفاؤلاً في هذا الشأن، وقال رئيس مجموعة العمل من أجل لبنان السفير الأميركي السابق إدوارد غابرييل إنه متشجّع بزيارة الموفدين القطريين إلى لبنان “وأرجو أن يعني ذلك أن الولايات المتحدة وقطر بصدد البحث عن أساليب لمساعدة الفرقاء اللبنانيين على إيجاد توافق على مرشح رئاسي” وأضاف أن “على الولايات المتحدة أن تشجّع الخماسية على العمل معاً في مهمة موحدة لانتخاب رئيس كفؤ وإصلاحي ونظيف”.
بيير غانم (واشنطن) – العربية