عبد الساتر: للحفاظ على التعليم الخاص
احتفلت جامعة الحكمة بعيد تأسيسها المئة والتاسع والأربعين وعيد اهتداء شفيعها القديس بولس بقداس احتفل به رئيس أساقفة بيروت للموارنة وولي الجامعة المطران بولس عبد الساتر في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط العاصمة بيروت، عاونه فيه النائب العام المونسنيور اغناطيوس الأسمر والنائب الأسقفي لشؤون القطاعات المونسنيور بيار أبي صالح، في مناسبة تشكل محطة أولى لمضي الجامعة قدما في التحضير ليوبيلها المئة والخمسين، إذ يعود عهد التأسيس الأول إلى العام ١٨٧٥ مع مطران بيروت للموارنة يوسف الدبس الذي أنشأ في تلك السنة معهد الحكمة العالي لتدريس الحقوق مطلقا مسيرة تعليمية رائدة تطورت مع مرور السنوات ورغم كل التحديات إلى جامعة الحكمة برئاسة البروفسور جورج نعمة، إذ باتت الجامعة تضم كليات ثمانية في فرعين: فرن الشباك والأشرفية.
بعد الإنجيل، ألقى عبد الساتر عظة قال فيها: “جميل أن يجتمع الإخوة والأخوات في بيت الرب ليسبحوه ويشكروه على نعمه، وليحتفلوا معا بعيد ارتداد القديس بولس شفيع جامعتهم الحكمة، هذا الصرح الأكاديمي والإنساني والكنسي العريق الممتد في الزمن والمتجذر في قلب بيروت العاصمة وقلب الأبرشية. إنه عيد جامعة المطران التي أود أن تكون دوما صرح العلم المتجدد الذي يستقبل كل من يسعى خلف المعرفة من أي منطقة أتى ومهما كانت إمكانياته شرط أن تكون لديه الإرادة أن يستعمل هذه المعرفة من أجل بناء وطن وعالم أفضل. وإنني أنتهزها فرصة لأشكر حضرة البروفيسور جورج نعمه رئيس الجامعة، والرؤساء السابقين، مع الفريق العامل معه من هيئة تعليمية وإدارية على جهودهما الكبيرة والمستمرة”.
أضاف: “هذا العيد الذي نحتفل به هو مناسبة لنتأمل بالخطوة الكبيرة التي خطاها قديسنا بولس الرسول إذ إنه، وبعد أن التقى الرب على طريق دمشق، تحول من رافض ومضطهد له إلى تلميذ له ومبشر به. أدرك أن الدرب التي كان يسير عليها مع ما فيها من غضب وغيرة دينية متطرفة وأعمال عنف تسيء إلى الله فارتد وغير اتجاه حياته وطريقة تفكيره وعمله”. وأضاف المطران عبد الساتر: “وكم نحتاج نحن اللبنانيين، شعبا ومسؤولين إلى أن نرتد، إلى أن نغير اتجاه حياتنا وطريقة تفكيرنا وعملنا. كم نحتاج إلى أن نتوقف عن السعي خلف المصلحة الفردية الآنية أو الحزبية أو الطائفية، وأن نعمل على تحقيق المصلحة الوطنية فقط. كم علينا أن نتوقف عن استغلال وطننا والآخرين وأن نتخلى عن ذهنية الربح السريع الذي نسعى إلى تحقيقه بالاحتكار أحيانا وبالتهرب من دفع ما يتوجب علينا أحيانا أخرى، وبالرشوة وبالتزلم لمن يحمينا إذا أفسدنا. علينا أن ننبذ التعصب ونتخلى عن الأحقاد التاريخية ونمد جسور التعاون والأخوة، فننهض بلبنان جميعا”.
وتابع: “وعلى المسؤولين أيضا في لبنان أن يرتدوا، أن يتوقفوا عن الخطاب الوطني الزائف ليعملوا باجتهاد وجد من أجل إخراج وطنهم ومواطنيهم من الضيق الذي هما فيه. عليهم أن يصدقوا في كلامهم وأن يتخذوا القرارات التي فيها خير الوطن والمواطنين. وعلى المسؤولين في لبنان أن لا يتستروا خلف حجة “إفلاس الدولة” فيبررون فسادهم وكسلهم وسوء تدبيرهم. عليهم أن يستعملوا واردات الدولة الحالية بحكمة ليتمكن كل مواطن من أن يعيش بكرامة وأن يتعلم وأن يتطبب من دون أن يتسول أو أن يفقد كرامته وقراره الحر”.
ولفت إلى أنه “على المسؤولين في لبنان وخصوصا المسؤولين في التربية والتعليم أن يعملوا على تجديد المناهج وتفعيل النظام التعليمي الرسمي وتقويته والحفاظ على التعليم الخاص ومؤسساته التي ساهمت بشكل أساسي في تحويل لبنان إلى مدرسة وجامعة الشرق، وعلمت الألوف من كل مكونات المجتمع، وبالمجان أحيانا كثيرة، فصاروا فاعلين في مجتمعهم وفي عالمهم. أنا أدعو المسؤولين ليسنوا القوانين التي لا تزيد أعباء الأهل والمؤسسات التعليمية من دون أن تحرم المعلم العيشة الكريمة. ليعملوا على خلق علاقات تعاون بين المعلمين والمؤسسات التربوية والأهل لما فيه خير الطالب وازدهار المعرفة”.
وختم: “لنطلب من ربنا السلام لمنطقتنا والأمان لأهلنا بشفاعة القديس بولس ولنعمل معا ودوما من أجل خير بلدنا والإنسان فيه”.
من جهته، أطلق رئيس جامعة الحكمة البروفسور جورج نعمة أربعة مشاريع مؤسسية سيرتكز عليها العمل في المرحلة المقبلة من ضمن خطة التطوير الاستراتيجية 2021-2026 التي تسعى من خلالها الجامعة إلى بلوغ موقع أكثر حداثة وتنافسية من ضمن قيمها المتمثلة بإعلاء شأن الحرية والعدالة والمسؤولية المجتمعية والكرامة الإنسانية.
والمشاريع الأربعة هي:
1- تطوير المركز الصحي التابع للجامعة إلى مركز للرعاية الصحية الأولية بالتعاون مع وزارة الصحة العامة، على أن يتم افتتاحه في أيلول المقبل ليس فقط لعائلة الجامعة من طلاب وأساتذة وإداريين بل أيضا لموظفي مؤسسات مطرانية بيروت المارونية وكل المواطنين الساكنين في أبرشية بيروت. وسيكون المركز منصة للوقاية والتعليم والتحفيز على المحافظة على الصحة الجسدية كما النفسية.
2- إطلاق سياسة جديدة للمساعدات المالية للطلاب ومنح التميز والجدارة بقرار إتخذه مجلس الجامعة في الثامن عشر من كانون الثاني مساهمة في تعزيز الفرصة العادلة لتحصيل التعليم الجامعي في ظل التحديات المالية الراهنة، بما يلاقي الدور الإجتماعي للكنيسة، علما بأن هذه السياسة لم تكن لتوضع موضع التنفيذ لولا بركة سيادة المطران عبد الساتر.
3- إطلاق استراتيجية جديدة للتواصل ووضعها في موقع متقدم من ضمن الأولويات الاستراتيجية. وفي هذا السياق يأتي إطلاق الشعار الجديد للجامعة والذي تم ابتكاره بطريقة تعكس القيم الأساسية للجامعة وديناميكيتها الحاضرة والتزامها تجاه المستقبل، إذ يتضمن الشعار مع الأحرف الأولى للجامعة تاريخ تأسيسها ملتزما اللون الأخضر للـ”حكمة”؛ كما يرمز في حركته الدائرية إلى إرادة التطور والتحديث المتواصلين بما يلاقي الحاجات المتغيرة للتعليم والمجتمع. أما تقسيمه إلى ثلاثة أقواس فيجسد أولا أقانيم الثالوث الأقدس والعقيدة المسيحية، وثانيا الأسس الثلاثة للتعليم العالي وهي التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع وثالثا المراحل الثلاثة للتعليم الجامعي أي الإجازة والماستر والدكتوراه.
4- إطلاق البرنامج التنفيذي المتقدم في علوم التأمين وجعله متاحا بدروسه النظرية والتطبيقية لأي حامل شهادة قانون أو إدارة أعمال ومهتم بمعرفة مختلف تقنيات تغطية المخاطر، وذلك بالتعاون مع شركة “العربية” للتأمين.
وختم رئيس جامعة الحكمة البروفسور جورج نعمة شاكرا لولي الجامعة عبد الساتر دعمه القوي لجميع العاملين فيها لتحقيق الأفضل في مسيرة نموها.