بين الموناليزا و ” ابو فؤاد “.
خلال زيارتي لمتحف اللوفر في باريس، تنقلت بين اللوحات متوقفا عند كل منها، منبهرا بدقة الرسومات والالوان الى ان وصلت الى اللوحة الأهم، لوحة الموناليزا للفنان الايطالي المشهور ليوناردو دي فنشي، الذي رسم ايضا لوحة العشاء السري للسيد المسيح.
وضعت لوحة الموناليزا في صالة خاصة، على الابواب حراس بكامل اناقتهم وجهوزيتهم للتدخل عند اي خطر على اللوحة.
اقتربت من اللوحة التي، ان نظرنا اليها، رايناها تارة حزينة وطورا مبتسمة، كانها تعكس نفس من ينظر اليها.
ثمن هذه اللوحة يقارب المليار دولار، رقم خيالي يغني ملايين البشر.
غادرت المتحف متسائلا لماذا كل هذه الاهمية لهذه اللوحة الجامدة، القابعة في غرفة مع حراس والناس يتوافدون من كافة اقطار العالم لإلقاء نظرة عليها.
هل هي افضل من ” ابو فؤاد ” بائع الجرائد ؟
“ابو فؤاد ” يستيقظ كل يوم باكرا، حاملا معاناته لبيع الجرائد واليناصيب كي يعتاش من مردودها الزهيد ؟؟؟
الموناليزا صورة جامدة لا تتحرك ولا تشعر بالم ولا تشعر ببرد ولا بجوع.
اما ” ابو فؤاد ” فكان يعاني كل يوم من الحر والبرد ليبيع الجرائد على حافة الطريق.
لا محل يأويه ولا حتى خيمة تقيه من تقلبات الطقس. قلة من المارة تنظر اليه …..
انه هنا على حافة الطريق، يمشي ذهابا وايابا، رغم تورم رجليه بسبب المرض. لا نظارات تحمي عينيه من لهيب الشمس التين كان الاحمرار يظهر بوضوح من تحت الجفنين.
مقارنة بقيمة الموناليزا وبالذين يرغبون الحصول عليها ” فابو فؤاد ” لا يساوي شيئا ولا احد يرغب به.
نكرة من النكرات على حافة الطريق.
لكن بالنسبة لي كان ” ابو فؤاد ” انسانا اثمن بكثير من هذه اللوحة الجامدة.
الله اعطاه الحياة.
الله اعطاه العقل والقدرة على التفكير وعلى المحبة وعلى الحزن وعلى الفرح.
الله اعطاه القدرة على التحرك ومشاركة الاخرين باحزانهم وبافراحهم.
ولد ” ابو فؤاد ” من جسمين حيين، من اب وام، ومن روح من عند الله.
الا يستحق هذا الانسان ان ننظر اليه اكثر من اية تحفة فنية؟
انه انسان اغلى من اية لوحة.
انه انسان حي يرى، يفكر، يعمل ويحب ….
الا يستحق ان ننظر اليه والى كل من يشبهه باهتمام اكثر بكثير من اي اهتمام اخر؟
الا يجب ان يكون اهتمامنا بالإنسان اكثر بكثير من اهتمامنا بالقصور وبالسيارات وباللوحات.؟…..
اليس كل ما خلقه الله اثمن بكثير من المادة التي يصنعها الانسان؟
لننظر الى المخلوقات ونبحث عن خالقهما لنرى عظمت الخالق وقدرته ومحبته للإنسان.
انظروا الى بعضكم بعضا، انظروا الى الوجه الى الأعين الى الأنف الى الفم الى الأذن الى الشعر الى اليدين الى كل عضو في جسم الانسان ….
لندقق في الأعين لنرى ما في القلب.
اليست هذه النظرات اهم من اعين الموناليزا.؟؟؟؟
اليس كل انسان او كل طير او كل حيوان اهم من الموناليزا ؟
لنحب ونحترم بعضنا بعضا.
لنحب اعداءنا كما قال السيد المسيح ليحل السلام على هذه الارض ولتتحول هذه الأرض الى جنة يعيش عليها الجميع بسلام.
ملحم جميل البستاني.
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.
Previous Articleسلة دبي: علامة كاملة للرياضي وخسارة رابعة للحكمة
Next Article نداء من العسكريين المتقاعدين: كونوا جاهزين للتحرك