اسابيع قليلة تفصل لبنان وغزة عن التسوية…الفرج آت!؟
من كل الاتجاهات بات بنيامين نتنياهو محاصرا. الخناق يشتد حول عنقه من الداخل قبل الخارج ومن الحلفاء قبل الخصوم. اقترافاته في غزة خرجت عن المنطق والمقبول انسانيا. مجرم حرب، سفاح غزة، مجنون، نعوت ألصقت برئيس الحكومة الاسرائيلية لكثرة ما أمعن قتلا وتنكيلاً بأهل غزة. مجازر جماعية بحق نساء واطفال وطواقم طبية ومسعفين واعلاميين لم يعد معها ممكنا الصمت ولا التعامي عن نحر مفاهيم حقوق الانسان ونظام الفصل العنصري الذي تطبقه على الفلسطينيين، اذ يترقب العالم هذا الاسبوع صدور الحكم في دعوى جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية في اتهاماتها لاسرائيل بارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد سكان قطاع غزة.
المشهد هذا المعطوف على تراجع وتيرة الاعمال العسكرية لمصلحة الامنية مقابل الدفع الدبلوماسي الدولي القوي لوضع حد للغة الحديد والنار انطلاقا من دخول المرحلة الثالثة فيوم ما بعده، يحدو مصدر امني عليم الى توقع انتهاء الحرب خلال فترة وجيزة جدا لن تتعدى اسابيع قليلة، ليس في غزة وغلافها فحسب بل على جبهة لبنان الجنوبية “المُساندة” المتفرعة منها بطبيعة الحال. ويشرح ان مرحلة الاعمال العسكرية بلغت خواتيمها ولم تعد ذات جدوى للطرفين، فلا اسرائيل حققت انتصارات ولا حركة حماس، حتى باتت الجبهة مستنزفة وتتراجع لمصلحة المشهد المستجد في البحر الاحمر بفعل ممارسات الحوثيين المهددة للاقتصاد العالمي وقد خطفت الاضواء من غزة في الايام الاخيرة.
نتنياهو يمنى بالخسارة تلو الاخرى، يضيف المصدر، فإلى تهم الفساد التي تلاحقه، يحاصره ايضا عدد قتلى الجيش الإسرائيلي وقد ارتفع منذ بدء الهجوم البري على القطاع في 27 تشرين الاول الماضي إلى نحو 218 فيما بلغ العدد الاجمالي منذ عملية طوفان الاقصى، حسب إحصاءات إسرائيلية رسمية، 535 جندياً وضابطاً، بعدما قتل يوم امس فقط 24 جنديا من قوات الاحتياط في مخيم المغازي في القطاع. عائلات واقرباء الرهائن الاسرائيليين لدى حماس ماضون في التصعيد والضغط تدريجيا وقد اقتحم العشرات منهم اجتماع اللجنة المالية في البرلمان الإسرائيلي امس وهم يصرخون “لن تجلسوا هنا بينما هم يموتون هناك!”. فيما احتشد آخرون، ونصبوا الخيم، مساء الأحد، أمام مقر إقامة نتنياهو، وتظاهر المئات في تل أبيب أمام مقر هيئة الأركان. ودعت العائلات حكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق عاجل مع حركة حماس لإطلاق سراحهم.
الحليف التاريخي الاميركي مستاء جدا من نتنياهو والاتصال مع الرئيس الاميركي جو بايدن بعد انقطاع دام نحو شهر، كان عاصفا ، تخللته مشادات كلامية، علما ان واشنطن امهلت اسرائيل في وقت سابق حتى نهاية الشهر الجاري لوقف الاعمال العسكرية، في حين نتيجة التجاوب الاسرائيلي مع الاقتراحات والافكار التي تنسج وتحاك في الدوحة سلبية حتى اللحظة، والشرخ داخل حكومة نتنياهو لا سيما من المتطرفين يتوسع فكيف ستتوقف الحرب؟
يراهن المصدر على ان نهاية هذا المسار ستكون عاجلا ام آجلا بصفقة ستضطر معها إسرائيل إلى إرضاء نفسها بأهداف أقل طموحا من الحرب التي ثبت انها عاجزة عن تحقيق انتصار شامل على حماس، تنطلق من رضوخ نتنياهو للضغط الدولي والقبول بابرام اتفاق هدنة جديد بدأت تلوح تباشيره بانسحاب الاولوية الاسرائيلية من غزة والانتقال الى العمليات الامنية المتجسدة بالاغتيالات، ثم الانخراط في التسوية الموقتة تمهيدا للكبرى التي ستفرض قبوله بحل الدولتين، ولو على مضض. كل ذلك مقابل تجنيبه تجرّع كأس المحاسبة الداخلية امام القضاء الذي يضع مصيره السياسي والشخصي على المحك.
ليس باستطاعة نتنياهو مواجهة العالم بأسره ، على رغم جنونه، يختم المصدر، والتسوية آتية بأسرع مما يتوقع البعض، ووضع لبنان من ضمنها أمنيا وسياسيا رئاسياً، وليس الزخم الدبلوماسي القوي على ساحته راهنا سوى جزء من كل ، لا بد ان تنضج ثماره قريباً بانتخاب رئيس على قدر تحديات المرحلة