بين المزّة والبازورية… التصعيد الأعنف لحرب الاغتيالات الإسرائيلية
أن تغتال إسرائيل في يوم واحد، وبفارق لا يتجاوز الساعتين، جنرالاً رفيعًا آخر في الحرس الثوري الإيراني ونائبه في قلب دمشق ومن ثم مسؤولاً عسكرياً بارزاً آخر في “حزب الله” في الجنوب اللبناني، فدلالات هذا الحدث لا تحتاج الى كثير من الشرح والتفسير وتالياً الاستخلاص. هذا التطور يعتبر تصعيداً الى الذروة في حرب الاغتيالات المنهجية المركزة والمتعاقبة الفصول على نحو غير مسبوق في هذه الحرب التي تشنّها إسرائيل على سائر مسؤولي وكوادر وعناصر القوى النظامية أو الأذرع في محور الممانعة سواء كانوا إيرانيين او فلسطينيين او لبنانيين او سواهم بما بات يختصر هذه الاغتيالات بأنها الحرب الرديفة الموازية للحرب الميدانية المتفجرة في غزة او في جنوب لبنان. ولعلّ الأخطر في دلالات الحدث الاغتيالي الذي توزع بين دمشق والجنوب اللبناني أمس أنه يشكل مؤشراً الى احتمال تدهور استثنائي ليس على الجبهة الاستخباراتية التي تظهر إسرائيل تفوقاً بالغ الخطورة فيها من خلال اختراقات استخباراتية وتجسسية واضحة الى جانب التطور والتفوق التكنولوجي أيضاً، وأنما أيضاً على الجبهة الميدانية في ساحتي غزة والجنوب تحديداً إذ إن التوقعات تنحو إلى التخوف من تصعيد ميداني واسع وعنيف قد تشهده الجبهتان في الأيام القليلة المقبلة، علماً أنه إذا كانت جبهة غزة لا تشهد أساساً أي متغيرات ذي دلالات جديدة فإن اغتيال المسؤول العسكري عن ملف فلسطين في “حزب الله” أمس ومرافقه اعتبر خروجاً إسرائيلياً صارخاً عن قواعد الاشتباك واستثارة مكشوفة نحو تصعيد ميداني لا بد أن تكون إسرائيل حسبت له حساباً. فهل تالياً، سيقف الجنوب أمام مرحلة موغلة في الخطورة لجهة التحسب لانفجار واسع في المدى القريب؟ هذا ما قد تتبين مؤشراته في تطورات السباق القاتل بين الميدان والديبلوماسية في الساعات والأيام القليلة المقبلة.
وفي الوقائع التي تتابعت أمس، فإن هجوماً حصل على مبنى سكني في حي المزة في دمشق ـشارت وكالة سانا السورية الى انه “ناجم عن عدوان إسرائيلي على الأغلب”. وأعلن الحرس الثوري الإيراني على الأثر اغتيال خمسة مستشارين عسكريين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الضربة، معلناً أيضاً “إغتيال قائد إستخبارات فيلق القدس العميد الحاج صادق ونائبه بالغارة”. من جانبها، نقلت “رويترز” أن المبنى المستهدف متعدد الطوابق، كان يستخدمه مستشارون إيرانيون يدعمون الحكومة السورية، وأنه سُوّي بالأرض. كما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارة الإسرائيلية استهدفت المبنى خلال استضافته اجتماعاً لقيادات مقربة من إيران وأشار إلى أن الهجوم أوقع 10 قتلى من بينهم القادة في الحرس الثوري. وافادت وكالة “مهر” الايرانية عن مقتل اثنين من كبار مستشاري الحرس الثوري في الغارة. وتحدثت وسائل إعلام إيرانية عن مقتل يوسف أوميد زاده قائد فيلق القدس في سوريا مع نائبه في الهجوم.
ولم تمرّ سوى فترة قصيرة حتى أفادت المعلومات أن غارة للطيران الإسرائيلي المسير استهدفت سيارة على طريق بلدة البازورية وتسببت بمقتل شخصين لم تعرف هويتهما فوراً بسبب تفحم الجثث، قبل أن تشير المعلومات الى أنهما عنصران في “حزب الله”، وأحدهما علي محمد حدرج الذي وصفته تقارير بأنه مسؤول قيادي عن فرع فلسطين في الحزب. ولكن “حزب الله” نعى لاحقاً حدرج بوصفه “مجاهداً ارتقى شهيداً على طريق القدس” من دون إعلان أي صفة قيادية له او أي تفاصيل عن اغتياله. كما نفذت طائرة مسيرة غارة استهدفت منزلاً في مروحين واللافت ان هذا المنزل كان استهدف مرات عدة سابقاً. واستهدف قصف مدفعي أطراف بلدات يارين شيحين الجبين طيرحرفا وأطراف عيتا الشعب والضهيرة. ونفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارتين، الأولى على عديسة والثانية على الحي الشرقي لبلدة العديسة المحاذي لطريق كفركلا، ومساءً استُهدف منزل في بلدة حولا. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي عن “استهداف بنية تحتية لحزب الله في منطقة العديسة”. وطال القصف مزرعة المجيدية وسجلت رشقات رشاشة غزيرة في إتجاه منازل العباسية الحدودية.