“التيار” يطعن بالقائد… والقبول مستبعد

لم تفلح الوساطات السياسية في تقريب وجهات النظر بين الرئيس السابق العماد ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من جهة، وقائد الجيش من جهة أخرى. فقبل أيام من تقديم الرئيس عون والنائب باسيل واجب التعزية لقائد الجيش بوفاة والدته، كان الطعن بقانون تأجيل تسريح قادة الأجهزة الأمنية من رتبة عماد ولواء لمدة سنة بعد بلوغهم السن القانونية، سلك طريقه إلى المجلس الدستوري، وسط معلومات لم تتأكد أن قائد الجيش زار الرابية معايدا الرئيس عون بعيد الميلاد. حملت مراجعة القانونية تواقيع 10 من نواب “التيار” على رأسهم باسيل معلّلة أسبابا توجِب إبطال القانون وتعليق مفاعيله فوراً عبر وقف تنفيذه. واستندت الى النقاط الآتية: أولاً: عدم جواز التشريع في غياب رئيس الجهورية إلاّ للضرورة، خصوصاً أنّ لرئيس الدولة الحق برد القوانين والطعن بها. ثانياً: تحول المجلس النيابي إلى هيئة ناخبة وبالتالي امتناعه عن القيام بأي عمل قبل إنتخاب رئيس جديد للبلاد بموجب المادتين 74 و75. ثالثاً: اعتبار أنّ ربط التمديد للقادة بتاريخ بلوغهم السن القانونية هو ليس حالة ضرورية، والمفارقة أن الحالة الطارئة للتمديد لقائد الجيش لم تبدأ بعد، بينما تبدأ في قيادة الأمن العام بعد 6 أشهر وتبدأ في قيادة الأمن الداخلي بعد سنة. رابعاً: حصر التمديد بـ 3 ضباط دون سواهم ضرب لقاعدة المساواة الدستورية, إذ أنّ القانون المطعون حصر الإستفادة برؤساء الأجهزة الأمنية وهذا يشكّل بذاته استثناءً على قاعدة المساواة بين الضباط، ومن ثمّ أتى حصر الإستفادة بالعسكريين من بين رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية دون المدنيين ليشكّل استثناءً على الإستثناء على الاستثناء وهو أمر ممجوج في علم التشريع. خامساً: التمديد هو انتهاك فاضح لقاعدة فصل السلطات واختصاصات السلطة الإجرائية والوزير المختص، وذلك من خلال الإعتداء على صلاحية وزيري الدفاع والداخلية، حسب “التيار”. سادساً: التشريع لا يكون إلاّ في حضور حكومة قائمة حائزة على ثقة البرلمان. واعتبر التكتل في مراجعته أن المعنيين أغفلوا حلولا كان يفترض أن يؤخد بها وهي: أولاً: تطبيق قانون الدفاع الوطني وتحديداً المادة 39 منه التي تنص على أنّ “لكل ضابط حق الإمرة على مَن دونه رتبةً” كما فعل وزير الداخلية بسام المولوي مع إحالة مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم على التقاعد حيث كلّف الضابط الأعلى رتبة بالقيادة وهو اللواء الياس البيسري. ثانياً: اللجوء إلى قانون النظام العام للموظفين أي المرسوم الاشتراعي رقم 1959/112 وتحديداً إلى الفصل المتعلق بالوكالة الذي ينطبق تماماً على الحالة المبحوثة، حيث تشكل المادتان 44 و45 منه حلاً لمعالجة الشغور من دون أن تكون حكومة تصريف الأعمال ألقت أعباء جديدة والتزامات على الحكومة المقبلة وتجاوزت مفهوم تصريف الأعمال. وكما بات معلوما فإن المجلس الذي التأم الجمعة الماضي ردّ طلب وقف التنفيذ بالشكل، وعيّن مقرّراً لدرس المراجعة وتقديم اقتراحه إلى الأعضاء بقبول الطعن أو لا، ليبدأ جلساته خلال 15 يوماً، ويتخذ قراره في شأن القانون الذي أقرّه مجلس النواب. وبحسب القانون، فإن الطعن خلال مهلة 15 يوماً من نشره في الجريدة الرسمية وبإمكان المجلس الدستوري قبول الطعن أو رده خلال مهلة شهر لأنها مؤلفة من مهل داخلية متراكمة اي خلال شهر ونصف الشهر من نشر القانون ثمة من يقول إن المجلس الدستوري يبدي استعدادا لقبول أي طعن ودراسته ضمن الخيارات الدستورية التي لا يحيد عنها، بينما تقول أوساط سياسية أن خطوة رئيس “التيار الوطني الحر “جبران باسيل كانت متوقعة لكنها لن تغير من الواقع، فحظوظ إسقاط قانون التمديد لقائد الجيش ضئيلة جدا. ف”التيار “بات تيار المعارك الخاسرة ومن المستبعد قبول الطعن لأن قانون التمديد لم يقتصر على شخص، وأن ظروف البلد السياسية الأمنية القاهرة استدعت إصدار التمديد بقانون صدر عن المجلس النيابي. وكان من الافضل، بحسب رئيس مؤسسة JUSTICIA والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي الدكتور بول مرقص، أن يحمل القانون تعليلاً أكبر وأشمل وأكثر تماسكا، فعلى سبيل المثال تم ذكر تم التمديد بصورة استثنائية وهي لا داع لها لأن التمديد قد وقع وسيسري، بالاضافة إلى ذكر عبارة دون المدنيين وكأنه يتم تلبيس القانون لأشخاص معنيين. ويستبعد مرقص أن يذهب المجلس الدستوري إلى قبول الطعن بالقانون وبصورة أولى تعليق مفعول القانون المطعون فيه رغم تماسك الطعن المقدّم ومتانته، لأن من شأن ذلك أن يزعزع استقرار القيادة العسكرية فضلاً عن المس بالسلطة التقديرية السيادية للمجلس النيابي، رغم أن الصياغة التشريعية كانت لتكون أفضل كي تقي هذا التشريع الضروري الطعن. ويؤكد مرقص أن تقديم الطعن كان شبه محتم لكن قبول الطعن صعب لأنه سيبحث السلطة التقديرية لمجلس النواب كما سيتم تعريض تسمية قائد الجيش وتعيينه الى مخالفة أخرى بالنسبة للعرف الدستوري القائل بضرورة تسمية قائد الجيش من قبل رئيس الجمهورية. وفي حال علّق المجلس القانون سيؤدي إلى بلبلة إلى من تؤول قيادة الجيش.

Share.
Exit mobile version