حلّ أزمة النفايات في 2024 أو العودة إلى 2015

عاد تهديد اتّحاد بلديات الضاحية بـ«إقفال مطمر الكوستا برافا أمام نفايات الشوف وعاليه» ملف إدارة النفايات الصلبة إلى دائرة الاهتمام. المطمر «غير الصحي» لن يستمر للأبد، وهذا واضح للاتّحاد، الذي يحاول بخطوته تمديد مدة التشغيل فقط، من دون طرح حلول بديلة. ففي عام 2024 المقبل، يصل مطمر الكوستا برافا إلى سعته القصوى، إذ يدخله يومياً 1323 طناً من النفايات، 775 طناً من قضاء بعبدا، و548 طناً من عاليه والشوف. إذاً عام 2024 مرشح أن يكون نسخةً عن عام 2015، حين تكدّست النفايات لأشهر في الشوارع إثر إقفال مطمر الناعمة – عين درافيل، بعد أن أصبح الكوستا برافا نسخةً غير منقّحة عن المطمر الأول.رغم مرور 8 سنوات على أزمة النفايات الأولى عام 2015، لم يجرِ العمل، على مستوى البلديات أقله، على حل حقيقي قادر على تجنيب البلاد مشهد النفايات المكدّسة في الطرقات والأودية، إذ تستنزف إدارة الملف 75% من ميزانية البلديات. وبسبب الأزمة الاقتصادية وتدهور سعر الصرف، زادت تكاليف إدارة ملف النفايات على البلديات، وأوقعتها في عجز تام، فتعطّلت أكثرية معامل الفرز، وتوقّفت المشاريع السابقة للأزمة، وتحوّلت الأحراج إلى محارق ومكبات.

وينتج لبنان يومياً 5514 طناً من النفايات، 99% منها تذهب نحو المكبات العشوائية والمطامر، وفقاً لوزارة البيئة. المفارقة أن الأزمة الاقتصادية أسهمت إيجاباً في تخفيف إنتاج النفايات بنسبة 25%، إذا أنتج لبنان عام 2018 نحو 7300 طن من النفايات يومياً. لكن، من جهة أخرى، غيّرت الأزمة في تركيبة النفايات، إذ رفعت نسبة العضوية منها من 50% عام 2017 إلى 70% عام 2021. ولا تتوقع وزارة البيئة عودة الإنتاج إلى سابق عهده قبل 7 سنوات أقله، وفقاً للمذكرة التقنية الصادرة بشكل مشترك عنها وعن البنك الدولي، بهدف وضع «خارطة طريق لإدارة النفايات الصلبة في لبنان للسنوات 2023-2026».

التحركات المناطقية، ورفض إنشاء المطامر كي لا تُستغلّ للتخلص من نفايات منطقة على حساب أخرى، دفع وزارة البيئة نحو اعتماد اللامركزية في إدارة ملف النفايات. ولا يرى وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين المطامر المركزية حلاً واقعياً، سائلاً «ماذا بعد الكوستا برافا، ألن نصل إلى المشهد نفسه لاحقاً؟». وفقاً لياسين، «قدرة المطامر الاستيعابية القصوى محدودة، وستصلها عاجلاً أم آجلاً». في المقابل، ولتخفيف الاعتراضات المناطقية، تقوم خطة وزارته على اعتماد «مناطق خدماتية تحتوي على منظومة إدارة نفايات متكاملة، فرز وطمر وتسبيخ». أما حول إدارة المناطق الخدماتية تلك، فستكون تحت إشراف اتحادات البلديات. و«في حال كان الاتحاد البلدي صغيراً، تجمع عدة مناطق مع بعضها».

«منظومة إدارة النفايات موجودة في لبنان»، يقول ياسين، و«لكن لا صيانة، ولا إدارة وتشغيل حقيقي، وأثناء الانهيار المالي تفاقمت المشكلة». بالتالي، «العائق الرئيسي أمام تشغيل منظومات إدارة النفايات، وعددها 15، هو التمويل». وخطة وزارة البيئة بحاجة لما يقارب 133 مليون دولار لإعادة تأهيل البنية التحتية القائمة، و58 مليوناً لإقامة المناطق الخدماتية حيث لا وجود لها بتاتاً، وفقاً لمذكرة وزارة البيئة التقنية. أما المتوافر من التمويل، فحوالى 100 مليون دولار وفّرتها الوزارة عبر القروض والهبات الدولية، يسيطر البنك الدولي على 25% منها.
صافرة انطلاق العمل بخطة وزارة البيئة ستبدأ مطلع 2024، وتأهيل منظومة النفايات على طول الساحل أساسي فيها، إذ يسكن 80% من اللبنانيين المناطق الساحلية. ويعوّل ياسين على تأمين التمويل للبلديات واتحاداتها لتتمكن من القيام بدورها في «تطبيق رسوم النفايات التي ستحوّل لصناديق الإدارات المحليّة». أما في سنوات الانهيار، فأشار ياسين إلى «العمل على تهدئة القطاع لمنع انهياره، ولكنّ الأزمة الاقتصادية تسابقنا، فانهار في صيدا، وسيطرت المكبات العشوائية على الجنوب».

من جهة أخرى، تقوم خطة وزارة البيئة على 3 ركائز، الحوكمة، تعزيز الفرز وتحويل النفايات، الاستثمار والتشغيل الذي انطلق عام 2023 بوضع النصوص القانونية الأساسية. وحول النقطة الثانية، أمل ياسين، في حال حسن سير تطبيق الخطة، الوصول إلى 40% طمر فقط. ولكن تعزيز عملية الفرز من المصدر يحتاج إلى «إشراك المؤسسات التجارية الكبيرة التي تنتج كميات كبيرة من النفايات في العملية»، ففي المدينة الرياضية مثلاً، «ينتج سوق الخضار أكثر من طنّين من النفايات العضوية يمكن تحويلها إلى سماد، من دون أن تحوّل للطمر العشوائي».

Share.
Exit mobile version