من المقرر ان يتوجه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في الساعات المقبلة الى جنيف للمشاركة في اعمال المؤتمر الخاص بملف النازحين السوريين في لبنان الذي سيبدأ أعماله يوم الأربعاء المقبل يرافقه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب وفريق من الاداريين والمستشارين المكلفين باعداد التقارير التي وضعتها اللجنة الوزارية الخاصة بالملف وما يتصل بنتائج زيارة الوزير بو حبيب الى دمشق ولقائه بنظيره السوري فيصل المقداد ومصير اللجان المختلفة التي تشكلت بين البلدين في اللقاء الاخير مع نظيره السوري.
وفيما اعلن رسميا ان ستكون للرئيس ميقاتي كلمة بالمناسبة يتناول فيها القضية من جوانبها المختلفة، قالت مصادر وزارية مطلعة لـ “المركزية” انها تتضمن عرضا للازمة وما تترجمه الأرقام التي تحدد الخسائر المنظورة بما يزيد على 23 مليار دولار ، وهي ناجمة عن الخسائر والتكلفة المقدرة على مستوى الاقتصاد الوطني والكلفة المقدرة في القطاعات المدعومة من الدولة وما يستهلكها السوريون عدا عن النتائج المترتبة على المستوى البيئي والأمني. وهي احصائيات بنيت تأسيسا على حجم النزوح السوري الكثيف بما فيها تلك الناجمة عن التخمة التي تعيشها السجون اللبنانية بالمحكومين والموقوفين السوريين التي فاقت الـ 37 % تقريبا وهم ممن ارتكبوا جرائم مختلفة في لبنان.
كما سيعبّر ميقاتي عن مخاوفه من سلسلة السيناريوهات المتداولة عن النية بالوصول الى مرحلة دمج النازحين بالمجتمعات المضيفة والسعي الى الترخيص لهم بمزاولة العديد من المهن المحظورة على غير اللبنانيين كما تنوي بعض الجمعيات والمؤسسات الراعية لشؤونهم والممولة من جهات دولية وإقليمية مختلفة فرضت اسلوبا في التعاطي معه بمعزل عن إرادة السلطات اللبنانية والمؤسسات الحكومية والمحلية التي سبق لها ان رفضت اي مسعى لتقديم المزيد من الحوافز نتيجة رفع نسبة المساعدات التي تغري النازحين بالبقاء في لبنان على حساب ما تستحقه المجتمعات المضيفة التي وعدت بزيادة نسبة التعويضات على اكثر من مستوى ولا سيما منها تلك التي خصصتها المنظمات الأممية والدولية وتلك المعنية بالغذاء العالمي.
واضافت المصادر ان ميقاتي سيشير مباشرة او بطريقة غير مباشرة الى ما يؤدي الى تعزيز بقائهم في لبنان عن طريق استمرار الامدادات المالية الشهرية المقررة في لبنان ورفض تقديمها في الداخل السوري بما يعيق انتقال العديد منهم الى سوريا بكلفة اقل تقترب الى الثلث تقريبا وربما بنسبة اقل بقليل، ان تم تقديم تلك المساعدات الشهرية المرصودة للبنان في بلادهم وخصوصا في المرحلة التي استعادت فيها السلطة مناطق شاسعة من “سوريا المفيدة” ويمكن قيام المخيمات فيها في ظروف قد تكون افضل من لبنان فهم بين اهلهم وعلى ارضهم ويمكن ان تساهم بتحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي هناك.
ومن الطبيعي ان يستند الرئيس ميقاتي في لقاءاته المقررة مع رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر الى النتائج التي توصل إليها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في دمشق وخصوصا انه سيكون حاضرا فيها والتي يمكن ان تتناول الشروط السورية التي تم التداول بشأنها في لقاء دمشق مع نظيره السوري ومن قبل ذلك مع أعضاء اللجنة الوزارية التي شكلتها قمة الرياض العربية الدورية السنوية في بداية الربيع الماضي.
وفي مقابل هذه المؤشرات التي توحي بها ورقة لبنان الى المؤتمر ثمة مخاوف جدية من النتائج المقدرة للمؤتمر. وهي تعطي مؤشرات سلبية عدة أبرزها فقدان الاهتمام الدولي بالملف. وهو ما تلمَسه زوار العواصم الأوروبية وفي الدول المانحة التي انصرفت منذ السابع من تشرين الاول الماضي الى مقاربة الملف اللبناني من الناحية الامنية فقط بمعزل عن الأزمات الاقتصادية والمعيشية والترددات التي تركها ملف النازحين لتبدي اهتمامها الكلي بما يمكن ان تقود اليه المواجهات القائمة على الحدود الجنوبية نتيجة المواجهات بين حزب الله والجيش الاسرائيلي.
وفي علم المسؤولين اللبنانيين وفي طليعتهم رئيس حكومة تصريف الاعمال الذي شارك في اكثر من قمة وزارية في اكثر من عاصمة عربية وخليجية و اتصالاته الدائمة مع القيادات الفرنسية والتركية والتي انتهت الى معادلة بسيطة وواضحة وهي تقول ان ملف انتخابات رئيس الجمهورية العتيد كما ملف النازحين السوريين في ادنى سلم اولويات المجتمع الدولي والقوى الاقليمية والدولية . وهو أمر تترجمه تجميد أعمال اللجنة الوزارية التي شكلتها القمة العربية وهى بمعظم أعضائها باتت تشكل اللجنة الوزارية الجديدة التي شكلتها القمة العربية – الاسلامية الاستثنائية التي انعقدت في الرياض وما انتهت إليه من عناية بملف الحرب في غزة من أجل وقف النار في القطاع والسعي الى مواجهة تردداتها على القضية الفلسطينية.
والى هذه المخاوف التي عكستها كل هذه التطورات، ثمة مخاوف جدية بدأت بوادرها تطل من جوانب مختلفة ولا سيما من الدول المانحة التي تهدد بتجميد البحث بأي زيادات تلقى لبنان الوعد بشأنها لرفع حصة المجتمع المضيف كما النازحين بالاضافة الى وقف اي مسعى لتسهيل نقل العديد منهم الى الاراضي السورية كما يرغب لبنان. وعليه، فان ما تقرر لمساعدتهم بات في خطر جدي بالنظر الى الحاجة الى تمويل الحربين في قطاع غزة وأوكرانيا، عدا عن الاهتمامات التي عكستها العمليات العسكرية في البحر الأحمر وسوريا والعراق وغيرها من المناطق المتوترة.
وبناء على ما تقدم، عبرت مصادر ديبلوماسية لبنانية وغربية عبر “المركزية” عن استغرابها ولو بشكل محدود لترؤس ميقاتي وفد لبنان الى المؤتمر ، وعما إن كان سيغير حضوره الشخصي شيئا في ما تقرر حتى اليوم. فالدول المانحة قالت كلمتها السلبية في الشؤون المالية واللوجستية والسياسية بشأن ملف النازحين السوريين وتجاه مطالب لبنان بوجوهها المختلفة قبل التطورات الأخيرة. وعليه فان ميقاتي سيكتشف انه قصد جنيف ليومين او ثلاثة ايام للبحث عن “ابرة النازحين في كومة قش الاهتمامات الدولية الأخرى”