صباح جميل من صباحات ديسيمبر 2023، حيث الامطار تعبث بالنوافذ والأبيض يزيّن الشجر والقرميد فيرسمون علم لبنانيَ الصغير الجميل الذي يرتجف من برد كانون تارة وخوفاً من حتف يلاقيه بعدما سبقته اليه اخته الصغيرة غزة تارة أخرى. اجتمعت الأسرة على قهوة نجّار المعتّقة بالهال وبدأنا نتصفّح عدّاد الشهداء في غزة، وتدور الأحاديث الصباحية منذ شهرين كالآتي: ” يا الله صاروا اليوم 15 الف معقول؟!” فيبادر الآخر: “شفتو شو عم بصير بهالولاد يا حرام.” وبعد ربع ساعة من العواطف والتعاطف انتقلنا الى ” ما رأيكم باطلالات النجوم في مهرجان البحر الأحمر؟” ” لا لا انا افضل اطلالات مهرجان قرطباج.” ثم ” ماذا سنرتدي في حفلة رأس السنة؟”
مهلا مهلا فلنعد الى الوراء قليلا، هل أصبح عدد الشهداء كأسهم البورصة نشاهد ارتفاعه يومياً ونكتفي بذكر الخسائر، ما بالكم أجف الدم في عروقكم، ماذا عن اوطانكم أتراها خالية من ساحات تملؤها غضباً واستنكاراً، ماذا عن مساجدكم، الا تريدون جهاداً ولكن أين اضعف الايمان؟ ماذا عن العروبة التي تنشدونها شعراً منذ اكثر من الفي عام، ألستم احفاد المعتصم الذي حرك جيوشاً لنصرة امرأةٍ نادت ب(وامعتصاه)، ماذا عن رجولتكم ألم تحركها آهات الأمهات الثكلى والأطفال اليتامى؟ لسنا دعاة جهادٍ او حرب ولكن ان تحتفلوا برأس السنة ويضاء برج خليفة وبرج المملكة وبرج القاهرة بأضواء المفرقعات بينما تضاء سماء غزة بالحرائق والقنابل؟ هي وصمة عارٍ على أكثر من 430 مليون عربي لن يمحوها التاريخ مهما مرّت الأيام!