لبّى مخاتير مدينة زحلة دعوة رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم للقاء تعارف في مطرانية سيدة النجاة، تم خلاله عرض مفصّل لواقع عمل المخاتير والتحديات والصعوبات التي تعترض عملهم جراء الأزمات التي عصفت وما زالت في البلاد، لا سيما الهجرة وانهيار مؤسسات الدولة وغيرها، في حضور مختار بلدة الفرزل جورج دعيبس وشارك في النقاش. واعتذر عن الحضور بعض المخاتير لإرتباطهم بمواعيد عمل.
والقى المطران ابراهيم كلمة، رحب فيها بالحضور وقال: “مخاتير زحلة الأحباء، أهلاً وسهلاً بكم في هذا اللقاء التاريخي. وكم أشكركم على حضوركم وتلبيتكم دعوتي للاجتماع بكم وقضاء وقت مميز معكم. أنتم في بيتكم الذي شرع ابوابه منذ قديم الزمن للغريب قبل القريب وخدم بمحبة دون مقابل. لقاؤنا اليوم له رمزية خاصة. فنحن نجتمع في مطرانية سيدة النجاة، صرح تاريخي ساهر على تاريخ زحلة والبقاع وحاضن للجميع دون تمييز”.
وإذ سأل: “من أَخبرُ الناسِ بالمتابعة أكثرَ منكم؟”، قال: “المختار هو أكثر من يتابع ويسأل ويحفظ. يعرف كلّ عائلة ويسنسلها ويسلسلها، من جدّ الجدّ إلى حفيد الحفيد. كلّهم يعبرون تحت قلمه، في إخراجات القيد ووثائق الولادة، مرورا بإفادات السكن وأوراق جوازات السفر، وصولا إلى شهادات الوفاة. يعرف كلّ واحد أين يسكن، ومتى أنجز جواز سفره، وإلى أين سافر، ومتى عاد، وأين تزوج، وكم ولد لديه… هو الأمين على ماضينا والضامن لحاضرنا والحريص على مستقبلنا. والمختار منتخبٌ من الناس مباشرة، يعمل بضمير وحكمة مدركاً مسؤولياته، يعرف اهمية دوره وحيوتَه وقدرته”.
وشدد على أن “دور المختار في المجتمع اللبناني هو دور حيوي ومهم، فهو يقوم بتنظيم شؤون السكان في منطقته ويسهل عليهم إجراءات الحصول على الوثائق الرسمية ويحل النزاعات والمشاكل بينهم بالتعاون مع السلطات المحلية والأمنية، ويشارك في تنمية بلدته وتطويرها وتحسين البنى التحتية والخدمات العامة فيها. كما أنه يمثل صوت المواطنين ومطالبهم واحتياجاتهم أمام الجهات المعنية، وينقل لهم المعلومات والتوجيهات اللازمة للحفاظ على الأمن والاستقرار والسلامة العامة. لكن هذا الدور لا يخلو من التحديات والصعوبات، ففي ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمر بها البلاد، يتعرض المختار لضغوط ومطالب متزايدة من قبل المواطنين، الذين يعانون من نقص في الخدمات الأساسية وارتفاع في تكاليف المعيشة وانعدام في الثقة بالمؤسسات الرسمية. كما أنه يواجه صعوبات في تأمين الموارد والإمكانيات اللازمة لأداء مهامه بكفاءة وفعالية، ويحتاج إلى تحديث معلوماته ومهاراته ومعرفته بالقوانين والأنظمة المتغيرة. لذلك، أود أن أحثكم على الثبات والمثابرة في الخدمة العامة، وأن تستمروا في القيام بدوركم بمسؤولية واحترافية وشفافية، وأن تعملوا على تعزيز التواصل والتعاون مع بعضكم البعض ومع الجهات المختصة، وأن تستفيدوا من الفرص والبرامج التدريبية والتطويرية التي تقدمها المنظمات المحلية والدولية وأن تكونوا دائماً على استعداد للتعلم والتجديد والتحسين”.
أضاف: “نلتقي اليوم في ظروف استثنائية فُرضت علينا جميعاً: أزمة اقتصادية حادة وسياسية خطيرة وأمنية داهمة وعدد هائل من النازحين واللاجئين يهدد السيادة والكيان بالإضافة إل مركزية غير مبررة تجعلنا نشدد على ضرورة تحسين اوضاع المخاتير واقرار قانون اللامركزية الإدارية حيث يكون للمختار الدور الأساس في كل المعاملات. نلتقي اليوم بروح التعاون والتضامن ونبذ الخلاف من اجل العمل سوياً بهدف رفع شأن المجتمع الزحلي والبقاعي، فزحلة الجمهورية الأولى في الشرق لم تسمح لأي شخص بالتدخل في شؤونها او زرع الخلافات بين ابنائها وهكذا نريد ان نستمر بروحية الأجداد”، وأكد “وضع كل امكانات مطرانية سيدة النجاة بتصرفكم لكي تبقوا واحداً كما طلب منا السيد المسيح وانا امامكم في كل مطلب محق يخدم المواطن”.
وختم قائلا: “أيها الشاهدون على سنّة الحياة وأسرارها. أنتم مفاتيح قلوب المواطنين، كنتم، وما زلتم، وستبقون. رغم أنّ وسائل التواصل في تطوّر مستمرّ، وفي تغيّر شديد السرعة، إلا أنّ المختار لا يزال صلة الوصل بين الدولة والناس، في الانتخابات، وفي غير الانتخابات، في الحلوة، وفي المرّة، منذ الولادة، وحتى الوفاة، أنتم مفتاح مفاتيح اسرار زحلة وتاريخها. إنني أثق بقدراتكم وإمكاناتكم، وأقدر جهودكم وتضحياتكم، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح في خدمة زحلة وأهلها، وفي المساهمة في بناء لبنان الحديث والمتقدم، لبنان الأمن والسلام الرخاء. اهلاً بكم من جديد واسأل الله ان يبارككم ويبارك عملكم لما فيه الخير والحق والجمال”