سياسة

سلام: قطر ملتزمة بإنهاء الملف اللبناني بنجاح ونؤيد مؤتمر حوار لبناني في الدوحة

أكد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام في حديث الى جريدة “الشرق” القطرية، أن الهدف من زيارته الى الدوحة، “إجراء لقاءات مع المسؤولين في الوزارات والمؤسسات المعنية بدعم لبنان وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية”.

وقال: “كانت الاجتماعات موسعة بدأت مع وزير المالية كونه معنيا بالعديد من الصناديق الاستثمارية والمالية التي تقوم بدعم لبنان ونشكره على ما تقوم به الوزارة بتوجيهات القيادة القطرية، وتباحثنا في إمكانيات الاستثمار بالفرص المتاحة في لبنان ومناقشتها من كافة الجوانب. وكون دولة قطر هي الحاضنة للبنان، أردنا أن تكون أول من يطلع على الفرص الاستثمارية الموجودة في لبنان”.

اضاف: “ثم عقدنا لقاء مع وزير التجارة الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمهمتي كوزير اقتصاد وتجارة، وناقشنا موضوع تفعيل اللجنة القطرية اللبنانية المشتركة، واتفقنا على إعادة وضع أطر عمل تفعيل اللجنة خصوصا وأنها تغطي الكثير من المشاريع والأعمال والاتفاقيات المهمة للبنان وتخلق شراكات حيوية. وقد أبدى سعادة الوزير اهتماما كبيرا وطلب من فريق عمله متابعة الملف وهذا شيء إيجابي جدا”.

وتابع: “كما التقيت وزير الدولة لشؤون الطاقة، وكان أيضا لقاء مثمرا ومهما وكريما لأن سعادة الوزير لديه اطلاع تام على الملف اللبناني كون دولة قطر تستثمر اليوم من خلال قطر إينرجي في موضوع التنقيب عن النفط والغاز في لبنان بالشراكة مع توتال، وهي موجودة فعلا كمستثمر”.

وقال: “تطرقنا إلى موضوع الطاقة المتجددة حيث زف لنا الوزير خبرا جميلا مفاده أن قطر جاهزة بالشراكة مع توتال لبناء ثلاث محطات كهرباء تعمل على الطاقة الشمسية بطاقة إنتاج توازي 150 ميغاوات من الكهرباء. وهذا خبر يفرح القلب لأن موضوع الطاقة في لبنان أزمة كبيرة تؤثر على الاقتصاد اللبناني بنسبة كبيرة”.

اضاف: “نشكر دولة قطر ووزارة الطاقة على هذه المبادرة التي سنتابعها بأدق تفاصيلها، حتى نحقق هذا الهدف الذي سيكون له أثر إيجابي كبير على الاقتصاد اللبناني”.

وتابع: “كذلك التقينا رئيس مجلس الشورى وتناول الحديث التشريعات والإصلاحات المطلوبة في لبنان والعمل البرلماني المشترك. إلى جانب الاطلاع على الأوضاع والتطورات في لبنان، وكان لهذا اللقاء طابع مهم ويرسل رسالة إيجابية للبنان”.

وقال: “أما وزير المواصلات ففاجأنا بأنه مطلع على موضوع النقل في لبنان أكثر من اللبنانيين أنفسهم، وكان يعلم بحاجة لبنان للنقل العام والباصات بشكل دقيق وتقني، وكان هناك مبادرة منه سيعرضها على الحكومة القطرية مستقبلا لمساعدة لبنان بتقديم باصات عادة تستبدلها الوزارة بعد سنوات من الخدمة بباصات جديدة. وهذه الباصات المستخدمة يمكنها أن تخدم قطاع النقل اللبناني في هذه المرحلة، وهذه مبادرة مهمة ومشكورة وسوف نتابعها”.

اضاف: “كما طرح الوزير فكرة تقديم الدراسات والمنظومات لتنمية قطاع النقل البري والبحري والجوي والتي أنفقت قطر عليها مبالغ كبيرة. بحيث يتم تقديمها لكي يستفيد منها لبنان ويختصر 50 % من الطريق لتطوير قطاع النقل والبنى التحتية لهذا القطاع، وهذه مبادرة مهمة جدا ونشكر سعادة الوزير على هذه المبادرات والأفكار الإيجابية جدا”.

وتابع: “كذلك كان لنا لقاء مهم مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي أطلعناه على الأحوال في لبنان وعلى أوضاع دار الإفتاء وكليات العلوم الشرعية والمناهج الدينية الإسلامية، وأهمية منع تداعيات الانهيار الاقتصادي على هذه المؤسسات لما لها من دور بارز على المجتمع والأسرة. واتفقنا على ترتيب زيارة قريبا لوزارة الأوقاف في لبنان لتعزيز برامج التعاون”.

وأردف: “البرنامج كان حافلا ومهما، والنتائج مثمرة وإيجابية ستعود بالفائدة على لبنان وستساهم بتعزيز العلاقات بين البلدين”.

وعن المشاركة في “إكسبو” قطر، قال سلام: “إنه أمر في غاية الاهمية في ظل عدم قدرة لبنان على تنظيم أنشطة كبرى داخل الدولة بسبب الظروف الاقتصادية والمالية. لقد قدم لنا إكسبو الدوحة منصة فريدة من نوعها وبمستوى عالمي، كما أن وجود لبنان جنبا إلى جنب مع أكثر من 80 دولة مشاركة يعطي أملا للمزارع والصانع والمبدع والمبتكر وللاقتصاد اللبناني بشكل عام، لأنه سيستمر حتى نهاية شهر مارس”.

وعن واقع التشريعات والضوابط والقوانين في لبنان اليوم، قال: “الحكومة الحالية ورثت كرة نار متراكمة طوال عقود، وقد وضعت مسودات للقوانين التي لترفع كمشروع قانون إلى مجلس النواب الذي يدرسها تمهيدا لإصدار قوانين نهائية. ومنذ عام ونصف العام، رفعت الحكومة مشاريع قوانين كانت ناقشتها مع صندوق النقد الدولي لتكون مدخلا لإنقاذ الاقتصاد اللبناني، هذه النقاشات تتعلق بإعادة هيكلة المصارف وقوانين السيطرة على رأس المال الذي يدير الشأن المالي بين القضاء والمصارف والمودعين وينظم تحويل ونقل الأموال إلى الخارج، إضافة إلى إعادة هيكلة ما يسمى بالسرية المصرفية، وهناك قوانين تتعلق بالوضع النقدي بشكل عام، ووضع مسار جديد لقوانين النقد والتسليف والتي يبلغ عمر العديد منها أكثر 50 عاما”.

اضاف: “للأسف المشكلة الكبرى أن الفرقاء والأحزاب المؤثرة في لبنان في حالة تناحر وعِنْد سياسي جعل من الصعب على مجلس النواب إقرار هذه القوانين التي كان يمكن إقرارها خلال 2 إلى 4 أشهر. ان المشكلة في لبنان سياسية أكثر من كونها مشكلة تشريع”.

وتابع: “هذا الامر يمتد إلى ملف رئاسة الجمهورية على سبيل المثال. المشكلة في لبنان أنه بلد برؤوس كثيرة، والقرار ليس واحدا للدولة، وهذه نتيجة تراكمات طويلة سببها الحرب اللبنانية وما بعدها”.

وبالنسبة إلى أزمة أموال المودعين، قال سلام: “أي خارطة طريق عليها أن تتكلل أولا بإعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية، فلا مجال للتحدث عن تشريعات وقوانين من دون وجود مؤسسات دستورية وقيادات فاعلة، فاليوم رأس السلطة الدستورية غير موجود، ورأس السلطة النقدية بالإنابة (غير أصيل)، وبعد أقل من شهر رأس السلطة الأمنية الجيش ما زال في مهب الريح، ولا قيام لبلد من غير الاتفاق على هذه القيادات الثلاث”.

اضاف: “الدول الشقيقة والصديقة تقول لنا إذا اردتم استعادة الثقة فابدأوا بإحياء المؤسسات، وحتى الآن كل القيادات موجودة بالإنابة، حتى أن حكومتنا لتصريف الأعمال”.

وتابع: “المستثمر يريد أن يشعر بالأمان على أمواله واستثماراته من خلال قضاء عادل ومستقل يحل أي نزاع مالي أو تجاري يتعرض له، إضافة إلى تأسيس نظام مالي وقوانين واضحة وصريحة وشفافة وحماية قانونية لا تتأثر بأي تدخلات سياسية. ان القضاء اللبناني مر بظروف صعبة وقد أثبتت التجارب أنه لا يعكس الثقة. وهناك أيضا قانون جديد لاستقلالية القضاء ووضع إطار جديد لعمله، ومن دون هذه العوامل الأساسية لن يتم تحقيق أي نتيجة، وإذا تم تفعيل هذه العوامل الأساسية فلن يبقى سوى تفاصيل يمكن حلها”.

وعما اذا كان هناك معالجات لمشكلات التضخم والعملة والتحويلات والودائع، قال: “قبل أن نطالب بثقة المستثمر الأجنبي علينا أن نستعيد ثقة المواطن اللبناني. لقد سمعت من جاليتنا في قطر أن الموظفين اللبنانيين لن يحولوا أموالهم إلى لبنان لا اليوم ولا بعد 10 سنوات مقبلة، وهذه خسارة كبيرة للاقتصاد اللبناني، فالمواطن إذا لم يثق بالقطاع المصرفي لن يحول أي أموال إلى الداخل. لذلك فإن استعادة ثقة المواطن هي أول مرحلة في إعادة الأمور إلى نصابها، والبداية تكون بوجود الحس الوطني الذي يجمع الأطراف تمهيدا لإيجاد الحلول”.

وعن الحلول لمشكلة الودائع، قال: “الموضوع بسيط للغاية ويبدأ باعتراف الدولة بأنها هي المسؤولة والوصية على الأموال، وألا تكتفي بانتظار الحلول من مصرف لبنان. وأنا أقول إن هناك شراكة في المؤامرة المالية بين القطاع الخاص المصرفي وبين مصرف لبنان والدولة، لذلك يجب تحديد المسؤوليات، ومن يجب عليه وضع الحل وخارطة الطريق هي الدولة اللبنانية، حينها سيتقبل المودع اللبناني الأمر وسيعرف المودع الأجنبي أنه مهما تأخر تحصيل أمواله فسيحصل عليها بعد فترة معينة، عكس ما هو حاصل الآن”.

وعن ذكرى الاستقلال والحراك لسد الفراغ الدستوري والرئاسي، قال: “الاحتفال بالاستقلال أمر مهم، وهو فرحة وطنية نفتخر بها، لكن الجميع يتفق اليوم على أن الاستقلال الحقيقي يكون بتحرير الناس من الظلم والوطأة الاجتماعية المالية وإراحتهم وإعادة الثقة لهم. الاستقلال الحقيقي هو الذي تنتظم فيه المؤسسات الدستورية”.

اضاف: “اليوم في ظل عيد الاستقلال نعرف أن دولة فلسطين تعاني ما تعانيه، وهنا ننظر بمسؤولية عربية، ونشعر بالحزن تجاه ما يحدث هناك من دمار وإجرام تجاه الأشقاء الفلسطينيين لذلك ونحن نحتفل بعيد الاستقلال شعرنا بغصة في قلوبنا”.

وتابع: “ما يحدث في غزة يجب أن يكون محفزا طارئا لترتيب البيت الداخلي اللبناني على وجه السرعة لتحصين الوطن مما قد يأتي، لأن جنوب لبنان هو قطعة من الوطن وهو في حالة حرب مما يعني أن لبنان في حرب، وبالتالي ليس لدينا ترف الوقت للعناد السياسي، وعلينا التحرك سريعا لإيجاد الحلول”.

واردف: “اريد أن أنتهز الفرصة وأوجه تحية كبيرة لدولة قطر، أميرا وقيادة وشعبا، على التحرك السريع لحل الأزمة في غزة وتحقيق الهدنة المطلوبة وملف الأسرى الذي نأمل أن يتم تطبيقه بنجاح”.

وقال: “بالتوازي مع جهودها في الملف الفلسطيني، فإن دولة قطر قائمة وعاملة على الملف اللبناني، إذ تقوم اللجنة الخماسية بأعمالها ونحن بزيارتنا إلى الدوحة لمسنا أن قطر ملتزمة بشكل كامل بإنهاء الملف اللبناني بشكل ناجح ولن تترك لبنان أبدا. نحن نعلم أن الأنظار جميعها تتجه نحو غزة، لكن ما لمسته أن قطر لن تنتظر إلى ما بعد انتهاء الأزمة في غزة والتي قد تمتد لشهور بكل أسف، بحيث تتابع الملف اللبناني يوما بيوم، وأنا على ثقة بأنها ستجد حلا”.

وعما إذا كان يؤيد الذهاب إلى “اتفاق الدوحة 2″، قال سلام: “بالتأكيد نؤيد الذهاب إلى مؤتمر حوار وطني في الدوحة لأنها حلت الأمور وهي قادرة على جمع كل القوى والأحزاب اللبنانية وإقناعهم بالحل. نعلم أن الحل يكون باتفاق الفرقاء في الداخل لكن طالما تعذر ذلك فأنا مع التوجه إلى الدوحة وأعتقد أن الحل فيها”.

وعن شغور منصب قائد الجيش قريبا، قال: “هذا الموضوع دستوري بامتياز ويحتاج إلى تعديل قوانين وغيره، لكن بالمنطق الإستراتيجي والطبيعي للأمور الأمنية نحن اليوم في حالة حرب ولديك قائد للجيش في هذا المنصب منذ سنوات طويلة ويدير الملف العسكري، فهل هذا هو الوقت المناسب للتغيير؟ المشكلة هنا ليست في التغيير، حيث يوجد العديد من الكفاءات التي تستطيع تسلم قيادة الجيش، لكننا نرى أنه ليس من التفكير المنطقي السليم التغيير في رأس المؤسسة العسكرية وسط حال الحرب”.

وختم: “أنا دوما أرفع شعار الشراكات الناجحة، وأعتقد أن المسار يتقدم إلى الأمام مع دولة قطر لما تكنّه من محبة وثقة للبنان وشعبه، فنحن جئنا إلى هنا برسالة عنوانها الشراكة الناجحة، ونود أن نعمل مع دولة قطر والقطاع الخاص فيها لأن تكون هناك شراكات ناجحة بين الطرفين يستفيد منها البلدان في شتى القطاعات والمجالات وتمثل قيمة مضافة لهما، وهذا بالطبع تكلل في اجتماعات مهمة مع القطاع الخاص وكبار رجال الأعمال في الدوحة، لذلك هذا هو الهدف الذي نطمح إليه من هذه الزيارة، وكلنا ثقة بأن الشراكة القطرية أساسية ومركزية في المرحلة المقبلة لخروج لبنان من أزمته”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce