قال متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة: “يُــشَــدِّدُ آبــاءُ الــكَــنــيــسَــةِ عــلـى أَنَّ كَــثْــرَةَ الأَمْــوالِ تُــنْــسـي الإِنْــسـانَ تَــدَخُّــلَ اللهِ فــي حَــيــاتِــه، إِذْ يَــظُــنُّ أَنَّــهــا تَــسْــتَــطـيــعُ تَــحْــقــيــقَ كُــلِّ حـاجـاتِــهِ، مِــثْــلَـمـا قَـــرَأْنــا الأُســبــوعَ الــمـاضـي فــي مَــثَــلِ الــغَــنِــيِّ الـجـاهِـل (لــو 12: 13-21). يَـــقــولُ الــقِـــدِّيــسُ بــاســيــلــيــوسُ الــكَــبــيــر: «لَــمْ يَــطـلُـبْ أَنْ نَــبــيــعَ مــا لَــنــا لأَنَّــهــا أُمــورٌ شِــرِّيــرَةٌ بِــطَــبْــعِــهــا، وإِلَّا لَــمــا كــانَــتْ مِــنْ صُــنْــعِ الله. لَــمْ يَـــأْمُــرْنــا بِــأَنْ نُــلْــقِــيــهــا عَــنَّــا كَــأُمــورٍ رَدِيــئَــةٍ، بَـــلْ أَنْ نُــوَزِّعَــهــا. لا يُــدانُ أَحَــدٌ لأَنَّــهُ يَــمْــلِــكُ شَــيْـــئًــا، إِنَّــمــا لأَنَّــهُ يُــفْــسِــدُ مــا يَــمْــلِــكُــهُ. بِــهَــذا، فَــإِنَّــنـا بِــحَـسَــبِ وَصِــيَّــةِ اللهِ نُــلْــقِــي عَــنّــا مــا لَــنــا لِــغُــفْـــرانِ خَــطــايــانــا والــتَّــمَــتُّــعِ بِــالــمَــلَــكــوت». أَمَّــا الــقِــدِّيــسُ يُــوحَــنَّــا الــذَّهَــبِــيُّ الــفَــم فَــيَــقــول: «حَــتَّــى إِنْ كُــنْــتَ غَــنِــيًّــا، فَــالــطَّــبــيــبُ قــادِرٌ أَنْ يَــشْـفِــيـكَ. إِنّهُ لَـنْ يَــنْـزِعَ الغِــنَى، إِنَّـمـا الــعُــبُــودِيَّــةَ لِــلغِــنَــى ومَــحَــبَّــةَ الــطَّـــمَــعِ فـي الـــرِّبْــح». لــذلــك نُــصَـلّـي مــن أجــلِ كــلِّ مَــنْ يــظُــنّــون أنَّ غِــنــاهــم جــاءَ بــفــضــلِــهــم، خــصــوصــاً الــمــســؤولــيــن الــذيــن يَــنْــســونَ أَنَّ غِــنــاهُــمْ سَــمَــحَ بِــهِ الــرَّبُّ لِــكَيْ يُــساعِــدوا مِـنْ خِلالِـهِ أَبْـناءَ اللهِ الـمُـحتاجيـن. ونَــأْسَــفُ أَنَّ الــشَّـعْــبَ يَـظُــنُّ أَنَّ خَـلاصَـهُ يَـأتي مِــنْ الـمـالِ ومِنْ طــريــقِ الأَحــزابِ والــجَــمــاعــاتِ والــزُّعَــمــاءِ الَّــذيــن مَــهــمــا أَخْــطَــأُوا يــســامِــحُــهــم أتــبــاعُــهــم لأَنَّــهُــم أَوْلِــيــاءُ نِــعْــمَــتِهــم”.

وفي عظة قداس الأحد، أكد أنّه “مــرةً أخــرى يَــحُــلُّ عــيــدُ الإســتــقــلال فــيــمــا الــبــلــدُ بــلا رأسٍ، وهــو يَــتَــخَــبَّــطُ فــي مَــشــاكِــلَ لــم يَــجِــدْ الــمَــعــنــيّــون لــهــا حُــلــولاً مــنــذُ ســنــوات، أُضــيــفَ عــلــيــهــا شَــبَــحُ الــحــربِ الــتــي لا طــاقــةَ لــلــبـــنــانَ عــلــى تــحــمُّــلِــهــا فــي ظِــلِّ تَــداعــي الــدولــةِ وانــهــيــارِ الإقــتــصــاد، ولا يُــريــدُهــا مُـعــظــمُ الــلــبــنــانــيـيـن الــذيــن عــانــوا مِــنْ ويــلاتِ الــحــروبِ ودَفَــعــوا أثــمــانــاً بــاهــظــةً مِــنْ حــيــاتِــهــم ومُــمْــتَــلَــكــاتِــهــم ومُــســتــقــبــلِ وطــنِـهـم، ولا يُــريــدون أيــةَ مُــقــامــرةً بــمــصــيــرِهــم بــل يَــتــطــلّــعــون إلــى الــيــومِ الــذي يُــنْــتَــخَــبُ فــيــه رئــيــسٌ لــلــبــلادِ تــبــدأُ مَــعَــهُ مَــســيــرةُ نُــهــوضِ الــبــلــدِ مــن كَــبْــوَتِــهِ الــتــي طــالــتْ، وتــبــدأُ عــمــلــيــةُ إصــلاحٍ شــامــلٍ تَــقــضــي عــلــى الــفــسـادِ والــتَــطــاوُلِ عـلى الـسـيـادةِ والـدســتـور، واسـتِـبـاحَـةِ الـحُـدود، وكَـبْـحِ الـحُـرِّيـات واسـتـغـلالِ الـقـضـاء، وتَــحْــصُــرُ قــراراتِ الــدولــةِ فــي يَــدِ الــدولــة، وتُــعــيــدُ لــلــمــواطــنِ كــرامــتَــه ولــلــدولــةِ هــيــبــتَــهــا ولــلــقــانــونِ ســيــادتَــه. عــنــدهــا فــقــط يَــعــودُ لــلإســتــقــلالِ مَــعــنــاه ويَــشــعــرُ الــلــبــنــانــيــون أنّــهــم يُــمــســكــون مَــصــيــرَهــم بــيــدِهــم لأنَّ دولــتَــهــم، بــكــافــةِ عــنــاصـِــرِهــا، هــي الــحــاكــمُ الــوحــيــدُ، والــنــاطــقُ الــوحــيــدُ بــاســمِــهــم، والــراســمُ الــوحــيــدُ لــلــســيــاســةِ الــداخــلــيــةِ والــخــارجــيــةِ”.
كما شدّد على “أهــمــيــةِ دَوْرِ جــيــشِــنــا، وضَــرورةِ الالــتــفــافِ حــولَــه، وعــدمِ الــعَــبَــثِ بــكــلِّ مــا يَــتَــعَــلَّــقُ بــه كــونُــه الــمِــدمــاكُ الأخــيــرُ الــصــامــدُ. كــمــا لا بُــدَّ مــن الــتــشــديــدِ عــلــى وَعْــيِ الــمــواطــنــيــن وواجــبِــهــم فــي مُــحــاســبــةِ مُـمَــثِّــلـيــهــم كــي يَــقــومــوا بـالــدورِ الــذي انــتُــخِــبــوا مــن أجــلِ الـقـيـامِ به”.

ودعا عودة إلى “الــتَّــحَــرُّرِ مِــنْ عُــبــودِيَّــةِ الــمــالِ وسُــلْــطَــتِــه، واســتــعــمــالِ مــا مَــنَــحَــنـــا إيـــاه لـــه لِـمُــســاعــدةِ إخــوتِــنــا الــبــشــر، عَــلَّــنــا نَــرِثُ الــحَــيــاةَ الأَبَــدِيَّــةَ ونَــســتَــأهِــلُ أَنْ يَــتَــجَــسَّــدَ الــمَــسـيـحُ الــكَــلِــمَــةُ مِــنْ أَجْــلِ خَــلاصِــنــا، آمــيــن”.

 

Share.
Exit mobile version