التسويق السياسي يسبق كلمة نصرالله…محتوى لتنفيس غضب جمهوره
ثلاثة أسابيع على عملية طوفان الأقصى ولم يسمع جمهور حزب الله صوت أمينه العام حسن نصرالله كما لم يشهد على صواريخ ما بعد بعد حيفا التي كان يعدهم بإطلاقها دفاعا عن أرض فلسطين وشعبها. وباستثناء الصواريخ التي يطلقها الحزب من الجنوب اللبناني وكذلك الفصائل الموالية له التي أعلنت وقوفها إلى جانب الحزب لمقاومة الجيش الإسرائيلي ضمن قواعد الإشتباك المعتمدة منذ حرب تموز 2006 ،لا يزال قرار الحرب على إسرائيل و”رمي شعبه في البحر” الذي ينشده جمهور حزب الله مجرد أغنية حماسية أطلقها أحد منشدي الحزب في 11 تشرين الأول الماضي تحت عنوان”منشان ألله يا سيد يللا”.
هي الحرب النفسية التي لا يزال يتخبط بها جمهور حزب الله، إلى أن جاء الإعلان عن إطلالة لنصرالله غدا الجمعة. ومن حينه لا كلام يعلو على صوت طبول الحرب التي بدأت تقرع سواء في إعلام الحزب الحربي وحتى السياسي وكذلك في التحاليل والتقارير الصحافية وكلها تحمل في طياتها السؤال: هل سيعلن نصرالله الحرب على إسرائيل خلال هذه الإطلالة التي تأتي بعد صمت مطبق على رغم دقة وخطورة المرحلة؟ وهل ما بعد 3 تشرين الثاني لن يكون كما قبله؟
الإعلام الحربي التابع لحزب الله لعبها على الأصول. وللمرة الأولى تسبق إطلالة نصرالله بروباغندا تحمل أكثر من عنوان وتصب في هدف واحد:تحفيز جمهور الحزب أولا والشعب اللبناني عموما للإستماع بدقة إلى محتوى الكلمة التي سيلقيها بعد صمت مدقع استمر ثلاثة أسابيع.
في البداية كان الفيديو الذي يظهر فيه نصرالله من الخلف وهو يمشي أمام علم حزب الله. في فيديو آخر تظهر يده مع الخاتم وأمامه ورقة دوّن عليها ” توصية ما”. لكن وبعيدا من التحليلات السياسية التي احتلت منصات المواقع الإلكترونية وهواء الشاشات منذ الإعلان عن موعد إلاطلالة والتي لا تحمل إلا ترجيحات لا سيما من قبل المحللين الموضوعيين من جهة، وتحفيزا بالحرب المقررة من قبل إعلام الممانعة من جهة أخرى، يبقى السؤال الأبرز: لماذا لجأ إعلام الحزب الحربي إلى التسويق السياسي أو ما يعرف بالبروباغندا عشية موعد إطلالة أمينه العام وهي تعتمد للمرة الأولى في تاريخ إطلالاته أو أقله منذ حرب تموز 2006؟
يدرك نصرالله كما قادة الحزب أن ثمة شعورا ضمنيا لدى جمهور الممانعة وبيئته بالخيبة بسبب عدم اتخاذ حزب الله قراره بالحرب على إسرائيل كما كان يعدهم في كل إطلالة، علما أن قرار الحرب يجب أن يكون بيد الدولة والدولة فقط. قد يكون ذلك واحدا من الأسباب التي تؤخذ في الإعتبار، علما أن التسويق السياسي يستعمل في كل مرة يكون هناك حدث كبير ويحتاج إلى المادة التسويقية لتحفيز الرأي العام كمثل الإنتخابات النيابية، أو التسويق لمواقف شخصية سياسية أو إطلاق مشروع قانون. لكن ماذا عن البروباغندا المعتمدة لإطلالة نصرالله غدا؟
الخبير في استراتيجيات التواصل والتسويق سام خوري يوضح أن هناك طرقا تعتمد في العادة لخلق حوافز لدى الرأي العام” وفي ما خص إطلالة نصرالله يقول لـ”المركزية” ” مما لا شك فيه أن صمت نصرالله منذ إندلاع الحرب في قطاع غزة أثار الكثير من الريبة لدى جمهوره خصوصا، والشعب اللبناني عموما. ولعله تعمّد هذا الصمت أولا في انتظار أن تتوضح صورة الحرب على الأرض إلى حد ما، والإستراتيجية التي سيعتمدها الحلفاء. أما على المستوى النفسي فالواضح أنه خلق شعورا لدى جمهوره بضرورة أن يخرج عن صمته وقد عبرت عنها بيئته بإطلاق أغانٍ تطالبه بإلتحرك وإعلان الحرب”.
ويلفت خوري أن “حالة الطوارئ” التي تكونت لدى جمهور الحزب تبلورت في عدد من الشعارات والأغاني في حين أن المضمون قد لا يكون على مستوى أمنياتهم العسكرية. في النهاية حسابات الحرب لا تُبنى على الأمنيات، وقرار الحرب في يد إيران.
“ّتقنيا برزت الشعارات التي تتمحور في مجملها حول عنوان واحد: هل يعلن نصرالله الحرب؟ وهذا ما يحمس جمهوره والرأي العام المعارض والموالي على السواء إلى ترقب كلمته. أيضا توحي البروباغندا لا سيما في الفيديو الذي يظهر فيه نصرالله من الخلف وكذلك التركيز على يده بأنه يحاكي وجع الناس وهذا يفيد للّعب على مشاعر المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني وحركة حماس”.
يضيف خوري” تماهي المادة التسويقية مع متطلبات الجمهور تزيد من نسبة الحضور والتشويق لهذه الإطلالة. ولا يخفى على أحد أن جمهور الحزب متشوق لسماع أي كلمة تعبر عن غضبه مما يحصل في غزة وقد تظهّر ذلك في الرسائل التي تولّى جيش الحزب الإلكتروني نشرها على وسائل التواصل الإجتماعي إضافة إلى إطلالات المحللين والصحافيين من محور الممانعة”.
الغموض لا يزال يكتنف مضمون كلمة نصرالله غدا وقد يستمر إلى ما بعدها لأن المرجح أن لا تتضمن إعلانا مباشرا بالحرب إنما اعتماد تكتيك واستراتيجية جديدة في الحرب مع إسرائيل.”من هنا تحمل إطلالة نصرالله غدا أهمية لا توازيها أية إطلالة منذ حرب تموز 2006 لأن عنوانها يرتبط بوجودية الحزب أحد أبرز أذرع إيران في المنطقة”.
لكن السؤال الأبرز : هل إن نصرالله بعد رفع سقف الكلام غدا واعتماد الصوت العالي ورفع الإصبع، هل سيتمكن من الإيفاء بوعوده التي سيطرحها وهل سينفذ ما أطلقه في حملته التسويقية التي سبقت الإطلالة؟ ” في حال لم يقدم لجمهوره ما وعده به فسوف يواجه مشكلة ثقة وسيرتد سلبا على بيئته والأرجح أنه لن يرتكب خطأ مماثلا وقد يحمل محتوى كلمته غدا إعلانا غير مباشر بالحرب كمثل سنرد بالضربات وسنطلق الصواريخ…لكن قرار الحرب ليس بيده وبذلك يكون حقق لجمهوره الحد الأدنى من فشة الخلق” يختم خوري.