“ستة أشهر سلف، والإيجار تخطى الألف دولار”… هذه ليست كلفة “شاليه” لقضاء العطلة فيه، كما جرت العادة على مدى الثلاث سنوات الماضية، حيث ازدهرت “تجارة” تأجير أي غرفة بجوارها مسبح في جنوب لبنان.

اليوم انقلبت الصورة.. أهل الجنوب يبحثون عن أماكن للإيواء خوفاً من تكرار مشهد عدوان تموز 2006.

ليس وحدهم سكان الجنوب من يبحثون عن منازل. الأمر نفسه ينسحب على أهالي الضاحية الجنوبية، الذين اختار البعض منهم استئجار منازل في “المناطق الشرقية”، وطرابلس وعكار و”بيروت الغربية”.

لكن المفاجأة كانت ان أصحاب هذه المنازل استغلوا حاجة الناس، ووضعوا شروطاً تعجيزية. منهم من طلب دفع الإيجار سلفاً لمدة ستة أشهر، ومنهم من طلب سعراً يتخطى الألف دولار في حال كانت الشقة مفروشة!

أما في الجنوب، فمن لم يجد منزلاً في القرى البعيدة عن الحدود، لجأ إلى المدارس ومراكز الايواء. حتى اليوم،

بلغ عدد النازحين المسجلين في لوائح وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور 4,600 بعد وصول حوالي 30 شخصاً من بلدة البياضة إلى المدارس، والعدد مرشح للازدياد ساعة بعد ساعة، بحسب رئيس الوحدة مرتضى مهنا، مشيراً إلى أن العدد بلغ ذروته في الأيام الأولى، حيث وصل إلى 1,200 شخص، ولكن منهم من عادوا إلى منازلهم، ومنهم من توجّهوا نحو صيدا وبيروت، وبعضهم استقروا لدى أقاربهم.

وبحسب تقرير لمنظمة الهجرة الدولية، فقد شهدت المناطق الحدودية اللبنانية حركة نزوح لافتة منذ نحو أسبوع، حيث نزح 12,854 شخصاً من القرى الحدودية، 2,329 منهم تركوا قراهم خلال الأيام الثلاثة الأولى لبدء المعارك.

ويؤكد التقرير وجود حركة نزوح، لكن الأرقام الواردة فيه قد لا تكون دقيقة بشكل تام، رغم اعتماد المنظمة على أكثر من 3,600 مصدر معلومات تنوعت بين موظفين حكوميين ومخاتير، وصولاً إلى النازحين أنفسهم.

ولم يحدّد تقرير منظمة الهجرة الدولية المناطق التي خرج منها أكبر عدد من النازحين، لكنّه حصرها بالقرى الحدودية مع فلسطين المحتلة التي تمتد على شريط طوله 79 كيلومتراً. وفيما شهدت أقضية نزوحاً تاماً من دون الانتقال إلى مناطق أكثر أمناً داخل القضاء، مثل بنت جبيل، كان لافتاً عدم ترك الجنوبيين لمحافظتَي الجنوب والنبطية بشكل عام، إذ فضّلوا الانتقال من قرى المواجهة نحو الساحل والمدن الأبعد عن خطوط النار مثل صيدا والنبطية وصور.

وأفاد التقرير عن وضع قضاء بعبدا في محافظة جبل لبنان، حيث تقع منطقة الضاحية الجنوبية الأكثر استهدافاً في حرب تموز 2006، من بين المناطق التي شهدت نزوحاً.

وانتشر النازحون على ست محافظات بعيداً عن القرى الحدودية، باستثناء محافظتَي الشمال (عكار ولبنان الشمالي) التي أشار التقرير الى عدم ورود معلومات منها.

الوجهة الأولى للنازحين كانت محافظة جبل لبنان، إذ وصل إليها 4,610 نازحين، العدد الأكبر منهم، 750 شخصاً، وصل إلى منطقة برجا في قضاء الشوف قادمين من شقرا وحولا ورميش. وحلّت محافظة لبنان الجنوبي في المرتبة الثانية كوجهة للنازحين مع وصول 3,209 نازحين إليها.

أما في بيروت، فقد وصل العدد فيها الى 2,187 نازحاً، أغلبهم من قرى منطقة شبعا، ونزلوا في منطقة المزرعة، بحسب تقرير منظمة الهجرة الدولية، ووصل إلى محافظة بعلبك الهرمل 1,018 نازحاً، و1,217 إلى النبطية، و575 إلى البقاع.

Share.
Exit mobile version