في هذه الحال قد تفتح جبهة لبنان
كتبت جوني فخري في “العربية”:
وسط استمرار المواجهات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، يتصاعد منسوب الخوف لدى اللبنانيين من امتداد شرارة الحرب الدائرة في قطاع غزة إلى جنوب لبنان وتدحرج الأمور إلى الأسوأ.
لاسيما أن إسرائيل وحزب الله يتوعدان، وترجما ذلك بتبادل رسائل متفرقة منذ الأحد الماضي.
ومع أن بيروت تشهد حركة دبلوماسية مكوكية لتقيها شر النزاع وعدم إقحامها في حرب لا ناقة فيها ولا جمل، إلا أن ما يعزز مخاوف اللبنانيين من وقوع حرب، المناوشات وعمليات القصف وتبادل إطلاق النار منذ الأحد وحتى اليوم، بين إسرائيل من جهة وحزب الله والمنظمات الفلسطينية المتحالفة معه من جهة ثانية.
فهل سينأى لبنان بنفسه عما يجري في غزة ويبقى سيناريو تبادل الرسائل النارية جنوباً ضمن حدود “قواعد الاشتباك” المتفق عليها؟ أم أن الحرب ستقع انطلاقاً من مبدأ “وحدة الساحات” التي قررت الفصائل الفلسطينية أن لبنان إحداها، لا سيما أن أحد مسؤولي حزب الله قال عند بدء عملية “طوفان الأقصى” إنه لن نبقى على الحياد.
في هذا الإطار، أوضح سفير لبنان السابق لدى واشنطن رياض طبارة لـ”العربية.نت” أن ما يجري في جنوب لبنان من توترات شبه يومية ورد يقابله رد معاكس سيبقى مضبوطاً، لافتاً إلى أن هناك تفاهما بين معظم الأطراف المعنية بالصراع على عدم انفلات الوضع.
غير أنه في المقابل أشار إلى أن “الوضع في جنوب لبنان لن يبقى “مضبوطاً” إذا قررت إسرائيل تنفيذ عملية برية باتجاه قطاع غزة، عندها سينخرط حزب الله بالحرب بإشعال جبهة الجنوب”.
كما أضاف أن “هناك اتصالات دولية وإقليمية مع الطرفين، إسرائيل وحزب الله، لعدم إشعال جبهة جنوب لبنان، ويبدو أنها حتى الآن أثمرت إيجاباً بتخفيف التصعيد وإبقاء التوترات ضمن “قواعد الاشتباك” المتفق عليها”.
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة “إينغما” (مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري) رياض قهوجي لـ”العربية.نت” أن جبهة الجنوب مضبوطة حتى الآن رغم ما نشهده من أحداث أمنية متفرقة.
وقال إن “حزب الله يحاول من خلال هذه الأحداث إظهار تضامنه مع ما يجري في غزة وتطبيق مبدأ “وحدة الساحات”، لكن بطريقة “مضبوطة” دون أن تؤدي لاشتعال الحرب”.
فيما اعتبر أن “الحزب لو أراد فعلاً فتح جبهة جنوب لبنان لفعل ذلك منذ اليوم الأول على انطلاقة عملية طوفان الأقصى”.
وفي وقت تتوسع رقعة الفراغ المؤسساتي لتطال مناصب عدة بعدما بدأت من رئاسة الجمهورية منذ عام، وذلك بالتزامن مع استفحال الأزمة الاقتصادية والمالية، يتخوف اللبنانيون أيضاً من أن تطال شظايا الاشتباكات “المضبوطة” حتى الآن في الجنوب منصة التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اللبنانية.
حيث عمليات الحفر مستمرة وإعلان نتائجها خلال شهر تقريباً إما إيجاباً بدخول لبنان نادي الدول النفطية أو سلباً، علماً أن وزير الطاقة والمياه وليد فياض أكد في تصريحات صحافية أن “لا تأثير لتلك الحرب على عملية الحفر التي تجري حالياً”.
في هذا السياق، أكد خبير اقتصادات النفط والغاز فادي جواد لـ”العربية.نت” أن “أعمال الحفر في البلوك رقم 9 مستمرة، وهناك ضمانات تم الاتفاق عليها عند توقيع الترسيم البحري من الجانبين الإسرائيلي واللبناني بعدم عرقلة أعمال الحفر لا في وقت الحرب أو السلم”.
لكنه في الوقت نفسه كشف أن “جميع المعدات اللوجيستية الموجودة في مرفأ ومطار بيروت سيتم نقلها إلى قبرص في حال تدهور الوضع، على أن يكون الإمداد اللوجيستي عن طريق قبرص، لأن المسافة بين قبرص والمنصة وبين بيروت والمنصة متقاربة تقريباً، وذلك تحسباً لأي إقفال لمطار أو مرفأ بيروت في حال تطورت الأمور في الجنوب”.
كذلك لفت إلى أن “شركة “توتال” بفريق عملها المؤلف من 140 مهندساً وفنياً وتقنياً يواصلون العمل ليلاً نهاراً، وإذا حصل أي تطور أمني جنوب لبنان فإنهم سينتقلون من لبنان إلى قبرص لمتابعة عملهم”.
يشار إلى أن شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية، التحالف المسؤول عن استكشاف النفط والغاز، تقود في منطقة الامتياز رقم 9 في المياه اللبنانية.
وأكد تحالف الشركات النفطية الكونسورتيوم بقيادة “توتال” أنه “لم يستثمر بأعمال الحفر في البلوكين رقم 4 و9 إلا بعد أخذ ضمانات مكتوبة بالعمل بأجواء هادئة حيث بلغت استثماراته حتى اليوم حوالي 200 مليون دولار “.
يذكر أن الشركة أعلنت في أيارالماضي، توقيعها مع شريكتيها إيني الإيطالية وقطر للطاقة، عقداً ثابتاً مع “ترانس أوشن بارنتس” لاستخدام منصّة الحفر، بعد إبرام لبنان وإسرائيل في تشرين الاول 2022، اتفاقاً وصف بـ”التاريخي” لترسيم الحدود البحرية بعد مفاوضات شاقة بوساطة أميركية.