المغرب “يغرق” في التطبيع مع “إسرائيل”
المغرب “يغرق” في التطبيع مع “إسرائيل”
كشفت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، أن المغرب يواصل بهدوء تقاربه مع كيان العدو الإسرائيلي الذي أعلن يوم الخميس 8 مايو/ أيار الجاري، المصادقة على اتفاق للتعاون البحري أُبرم في عام 2023 مع الرباط، والذي يتناول عدة جوانب من النقل البحري، لا سيما السلامة، والوصول إلى الموانئ، والرسوم الجمركية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية القول إلى أنه منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وكيان الاحتلال الإسرائيلي عام 2020، تزايدت الاتفاقيات بينهما في قطاعات متنوعة مثل الدفاع والزراعة والطاقة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
ويبرز التعاون بشكل خاص على المستوى العسكري، حيث تُعد “إسرائيل” ثالث مزود للمملكة المغربية بالسلاح، بنسبة 11% من مجموع وارداتها في هذا المجال، بعد الولايات المتحدة وفرنسا، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
ولفتت صحيفة “ليبراسيون” إلى أن المغرب حصل في عام 2023 على نظام الدفاع الجوي “باراك MX” القادر على اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة على المدى المتوسط والبعيد، بالإضافة إلى نحو ثلاثين نظام مدفعية ذاتية الحركة من مجموعة “إلبت سيستمز” الإسرائيلية، متجاوزاً بذلك العرض الفرنسي الخاص بمنظومة “قيصر” التابعة لشركة KNDS.
وأوضحت الصحيفة أن تعزيز التعاون بين المغرب و”إسرائيل” استمر منذ بداية الحرب على غزة، رغم معارضة جزء كبير من الشعب المغربي، مضيفةً أن الرباط تستعدّ لاقتناء قمر صناعي تجسسي من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، بقيمة تقارب مليار دولار، ليكون بذلك أكبر عقد يُبرم بين المغرب و”إسرائيل” منذ تطبيع علاقاتهما الدبلوماسية. كما أكد المدير التنفيذي لشركة “بلو بيرد أيرو سيستمز” الإسرائيلية، رونين نادير، مؤخراً، إطلاق وحدة لإنتاج الطائرات المسيّرة العسكرية في المغرب.
وأشارت صحيفة “ليبراسيون” إلى أنه منذ 12 مايو/ أيار الجاري وحتى 23 من الشهر نفسه، يشارك جيش الاحتلال الإسرائيلي أيضاً في مناورات “الأسد الإفريقي 2025” بجنوب المغرب، والذي يُعد أكبر تمرين عسكري مشترك يُنظم في القارة الأفريقية.
ويعزز هذا الدعم الأمني من موقف الرباط في مواجهة جبهة “البوليساريو”، المنخرطة في نزاع حول وضع الصحراء الغربية. وأشار مقال حديث صادر عن مركز الأبحاث الأميركي “أتلانتيك كاونسل” إلى أنه “رغم محاولات الحكومة المغربية التوفيق علناً بين تطلعات شعبها وسعيها لتحقيق توازن بين التزاماتها العربية والإسلامية ومصالحها الأمنية الاستراتيجية، فإن التعاون الأمني مع إسرائيل يتطور بهدوء، مدفوعاً بعلاقات وثيقة بين الأوساط العسكرية والاستخباراتية في البلدين”.
وبفضل واردات السلع والتكنولوجيا الإسرائيلية، بلغت المبادلات التجارية 53.2 مليون دولار (47.6 مليون يورو) خلال النصف الأول من عام 2024، أي بزيادة بنسبة 64% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد تعزز هذا الزخم بمبادرات استراتيجية أخرى، حيث منحت الرباط مؤخراً رخصة لاستغلال المحروقات البحرية لشركة “نيو ميد إنرجي” الإسرائيلية في منطقة تبلغ مساحتها 34 ألف كيلومتر مربع تقع في المياه المتنازع عليها في الصحراء الغربية، بحسب صحيفة “ليبراسيون”.
يعود هذا التعاون المتزايد بين المغرب و”إسرائيل” إلى “اتفاقات أبراهام”، التي وُقعت عام 2020 بدفع من الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب. حينها، وافق المغرب على تطبيع علاقاته مع كيان الاحتلال الإسرائيلي مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المملكة على الصحراء الغربية، وهو مكسب دبلوماسي كبير بالنسبة للرباط التي تعتبر هذا الملف الحساس “قضية مقدسة” تحدد علاقاتها مع شركائها الدوليين.
غير أن هذا التطبيع أثار معارضة قوية داخل الشارع المغربي، حيث اعتبره كثيرون خيانة للقضية الفلسطينية، التي طالما عبّرت المملكة عن دعمها القوي لها. ووفقا لاستطلاع أجراه “الباروميتر العربي” عام 2022، فإن نحو 75% من المغاربة كانوا يعارضون إقامة علاقات مع “إسرائيل”. ولم يكن مفاجئاً أن تتزايد هذه المعارضة مع اندلاع الحرب على غزة، مما عزز شعوراً بالتخلي عن قيم التضامن العربي.
منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، تصاعدت المظاهرات المطالِبة بـ”تحرير” فلسطين و”إنهاء التطبيع” مع “إسرائيل” في مختلف أنحاء البلاد. أما أحدث تلك الاحتجاجات، فقد جرت في مطلع نيسان/أبريل، حيث خرج عشرات الآلاف إلى شوارع العاصمة الرباط. ويستفيد حزب “العدالة والتنمية”، رغم تراجعه منذ هزيمته في انتخابات عام 2021، من هذه التعبئة الشعبية ويواصل جعل ملف العلاقات المغربية – الإسرائيلية إحدى أولوياته. ويُندد هذا الحزب الإسلامي بانتظام بالتعاون مع “إسرائيل”.
وقالت “ليبراسيون” إنه في مواجهة هذه المعارضة، يتبع الملك محمد السادس، الذي يترأس أيضاً لجنة القدس المكلفة بالحفاظ على وضع القدس الشرقية، نهجاً من التكتّم فيما يخص شراكته مع “إسرائيل”.